رسالةٌ مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي
رسالةٌ مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي
الدكتورة فيكي تشابريان
Friday, 18-Apr-2025 07:00

سيدي الرئيس ماكرون،

 

نوَد أن نشكر بلدكم على تعاونه في دعم الحكومة اللبنانية ثلاث مرّات حتى الآن، من خلال مؤتمرات باريس الأول والثاني والثالث، التي هدفت إلى دعم لبنان، لا سيما في ظلّ التحدّيات الاقتصادية والسياسية. خلال مؤتمر باريس الأول عام 2001، الذي كان جهداً لتحقيق الاستقرار الاقتصادي اللبناني وخفض دينه العام، وخلال مؤتمر باريس الثاني عام 2002، حيث سعى لبنان إلى الحصول على تعهّدات من المانحين الدوليِّين، بما في ذلك فرنسا، للحصول على قروض ومنح، وخلال مؤتمر باريس الثالث عام 2007، عندما تعهّد المجتمع الدولي بتقديم حوالى 7,6 مليارات دولار لمساعدة لبنان في تنفيذ برنامجه الإصلاحي وتخفيف عبء ديونه.

 

مع ذلك، فإنّ الأموال التي قدّمتها حكومتكم من خلال مؤتمرات باريس الأول والثاني والثالث، لم تكن دعماً حقيقياً للبنان الغارق في الديون. فالفساد يُسيطر على جميع القطاعات العامة، وخصوصاً القطاع المصرفي، إذ أُهدِرت أموال ومدّخرات وجنى عمر جميع اللبنانيِّين، إلى جانب النظام التعليمي الفاسد الذي يتلاعب بحياة أكثر من 3200 شخص من نخبة الأساتذة الجامعيِّين اللبنانيِّين.

 

الجامعة اللبنانية التي تأسست عام 1951، هي الجامعة الحكومية الوحيدة في لبنان، وهي تتبع النظام التعليمي الفرنسي. يبلغ إجمالي عدد الطلاب المسجّلين في كلياتها للعام الدراسي 2024-2025 أكثر من 79,000 طالب لبناني، وأكثر من 3,500 طالب أجنبي من 115 جنسية. وتضمّ الجامعة 19 كلية، بما في ذلك معاهد الدكتوراه، موزّعة على مساحة لبنان 10,452 كيلومتراً مربّعاً في خمس محافظات. ومع ذلك، فإنّ عدد أساتذة الدولة المتفرّغين الذين ما زالوا في الخدمة يبلغ عددهم 1550 استاذاً فقط، وبرواتب شهرية تزيد عن 2250 يورو. لكنّ الحقيقة المؤلمة هي أنّ العبء التدريسي الحقيقي يقع على عاتق المتعاقدين بدلاً من أساتذة المتفرّغين في ملاك الدولة. يبلغ عدد المتعاقدين أكثر من 3200 أستاذ، منهم 1800 مؤهلون ومَوعودون بأن يُصبحوا أساتذة دولة متفرّغين (المرّة الأخيرة التي قامت فيها الجامعة اللبنانية بتفرّغ أساتذة كان في عام 2014، لكن منذ ذلك التاريخ تقاعد 1080 أستاذاً متفرّغاً).

 

والجدير بالذكر، أن أساتذة الدولة المتفرّغون يُدرِّسون حوالى 348,000 ساعة سنوياً، بينما يُدرِّس المتعاقدون 750,000 ساعة، أي أكثر من ضعف عدد ساعات تعليم المتفرّغين.

 

تجدر الإشارة إلى أنّ العقود لا تُدفَع شهرياً، بل سنوياً بمبلغ يقارب 18 يورو لكل ساعة تدريس للعام الدراسي 2024-2025. علاوةً على ذلك، لا يوجد تاريخ محدّد لدفع الرواتب السنوية، بل قد تستغرق عاماً ونصفاً أو أكثر. ناهيك عن عدد المرّات التي وُعد فيها هؤلاء المتعاقدون بدفع أتعابهم في تاريخ محدّد، ثم أُجِّل هذا التاريخ لاحقاً، أو لم يُدفع لهم أي شيء لسبب أو لآخر.

 

خلال جائحة الكورونا مثلاً، عندما كان التدريس يتمّ من بُعد، لم يتقاضَ المتعاقدون أجورهم لمدة ثلاث سنوات. وتقاضوا لاحقاً أقل من يورو واحد بدل الساعة بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية.

 

الآن، بعد قراءة كل الحقائق المتعلقة بالفساد المرتبط بالجامعة الحكومية في لبنان، هل ما زلتم على استعداد لعقد مؤتمر باريس الرابع ودفع أموال لبلد يحصل فيه سياسيّوه على المال تحت مسمّى «الدعم» أو «الإصلاح» من دون أي إصلاح حقيقي؟

 

مع خالص التحية،

متعاقدون في الجامعة اللبنانية

theme::common.loader_icon