
.png?w=745&h=535&fit=crop)
أجرى المسؤولون الأميركيِّون والإيرانيِّون مفاوضات تمهيدية السبت، وأكّد مسؤول إيراني أنّها ستُستأنف الأسبوع المقبل. وانتهت المحادثات الديبلوماسية التمهيدية بين الجانبَين في عمان بشأن برنامج طهران النووي بمصافحة، مع وصف الجانبَين لها بالبنّاءة.
قد تؤدّي الجولة التالية من المناقشات، المقرّرة السبت المقبل، إلى أول مفاوضات رسمية وجهاً لوجه بين البلدَين في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ انسحابه من الاتفاق النووي التاريخي قبل 7 سنوات.
غالباً ما كان ترامب عدائياً تجاه إيران، وصرّح بأنّه يجب ألّا يُسمح لها بامتلاك قنبلة نووية. وتعكس المحادثات أسلوبه الذي يجمع بين التهديد ومحاولة الإغراء في التعامل مع النزاعات الخارجية، وهو أسلوب يضع إمكانية إبرام صفقة دائماً على الطاولة، بينما يبدو خوض نزاع عسكري طويل أمراً غير مرغوب فيه.
بالنسبة إلى إيران، فإنّ الجولة الأولى من المحادثات سارت على نحو جيد كما كان متوقعاً. إذ يمكن لطهران أن تزعم أنّ اثنَين من شروطها الرئيسية للانتقال بالمفاوضات إلى المستوى التالي قد تحققا: ركّزت واشنطن على البرنامج النووي الإيراني - حالياً على الأقل - ولم تذكر تفكيك منشآته النووية أو سياسته الإقليمية مع الجماعات المسلحة بالوكالة مثل «حماس» و«حزب الله» والحوثيِّين.
وفقاً لمسؤول أميركي رفيع مطّلع على الأمر، كانت المحادثات واسعة النطاق، وهدفت إلى الحفاظ على الحوار. لذلك، فإنّ ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص بترامب الذي يقود المناقشات، لم يقترح أن تتخلّى إيران بالكامل عن برنامج التخصيب، بحسب المسؤول. وبدلاً من ذلك، ركّز على عدم قيام إيران بتسليح المواد النووية الموجودة لديها. ويمتلك ويتكوف خبرة شبه معدومة في السياسة الخارجية. لكنّه، بصفته صديقاً قديماً لترامب، يحظى بثقته، ويملك القدرة على التحدّث باسمه بطريقة لا يتمتع بها مسؤولون أميركيون آخرون. وانضمّت إليه في المحادثات التمهيدية آنّا إسكروجيما، سفيرة الولايات المتحدة لدى سلطنة عمان، في لقائهما مع عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، وفقاً لمسؤول آخر في البيت الأبيض. ولم يشارك وزير الخارجية ماركو روبيو في المحادثات.
في بيان، أكّد المسؤول إنّ ويتكوف شدّد لعراقجي على أنّه تلقّى تعليمات من ترامب بحل الخلافات بين البلدَين عبر الحوار والديبلوماسية، إن أمكن. فأكّد عراقجي وويتكوف إنّ المحادثات ستُستأنف السبت.
وحُسِمت مسألة ما إذا كان المبعوثان الأميركي والإيراني سيلتقيان بشكل مباشر أو غير مباشر، بفعل كلا الخيارَين. إذ جلس الفريقان في غرفتَين منفصلتَين طوال فترة المفاوضات التي استمرّت ساعتَين ونصف، وتولّى وزير الخارجية العماني نقل الرسائل المكتوبة والشفوية بينهما. وفي النهاية، التقى ويتكوف وعراقجي شخصياً لمصافحة سريعة أثناء مغادرتهما المجمّع، بحسب وزارة الخارجية الإيرانية.
وأوضح عراقجي للتلفزيون الإيراني الرسمي: «لم تُستخدم كلمات حادة، وأظهر الجانبان التزاماً بالمضي قدماً بهذه المحادثات حتى نصل إلى اتفاق يُرضي الطرفَين».
قبل الاجتماع، أوضح عراقجي أنّ الهدف هو بناء الثقة والتوصّل إلى اتفاق بشأن الإطار الزمني للمفاوضات حول البرنامج النووي. وقد أوضحت إيران أنّها ستنسحب من المحادثات إذا طرحت الولايات المتحدة فكرة التفكيك الكامل لبرنامجها النووي.
بدأت المحادثات بعد ظهر السبت في مسقط، التي استخدمها الديبلوماسيّون الأميركيّون والإيرانيّون منذ سنوات كأرض محايدة للتفاوض. ودخل الجانبان المحادثات يحملان قدراً كبيراً من عدم الثقة، نظراً لأنّ ترامب انسحب من اتفاق عام 2015 الذي أبرمته إيران مع الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى، ثم فرض عقوبات صارمة على طهران خلال ولايته الأولى.
ويرغب ترامب حالياً في التوصّل إلى اتفاق، لإظهار مهاراته التفاوضية، ولمنع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل إلى صراع أكثر عنفاً من شأنه أن يزيد اضطراب الشرق الأوسط. وأكّد ترامب للصحافيِّين مساء الجمعة: «أريد لإيران أن تكون دولة رائعة، عظيمة، وسعيدة، لكن لا يمكن أن تمتلك سلاحاً نووياً». وأبدى المسؤولون الإيرانيّون شكوكاً، لكنّهم كانوا منفتحين على «فرصة لفهم مبدئي قد يُمهّد الطريق للمفاوضات»، وفقاً لعراقجي.
وانطلقت المحادثات بعد علاقة متوترة بين ترامب وإيران خلال الحملة الرئاسية عام 2024. ففي العام الماضي، استهدف قراصنة مدعومون من إيران مساعدي ترامب والرئيس جو بايدن، ونجحوا مع بعض من مسؤولي ترامب. وبعد يوم الانتخابات، أعلنت وزارة العدل عن توجيه اتهامات لرجل «متورّط في مخطّط إيراني لاغتيال ترامب». ونفت إيران وجود المخطط.
في الأسابيع الأخيرة، أرسل ترامب رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، مشيراً إلى أنّه يُفضّل إيجاد طريق للتوصّل إلى اتفاق بدلاً من تصعيد الحملة العسكرية. وإذا لم يكن بالإمكان التوصّل إلى اتفاق خلال الأسابيع المقبلة، يؤكّد ترامب، أنّ إيران قد تواجه حملة عسكرية ضدّ منشآتها، فتلقّى رداً من طهران يُفيد بأنّ لحظة التفاوض قد حانت.
وكان الوفد الإيراني يُخطط لنقل استعداده لمناقشة تقليص تخصيب اليورانيوم والسماح برقابة خارجية على أنشطته النووية، وفقاً لمسؤولَين إيرانيَّين رفيعَي المستوى تحدّثا شريطة عدم الكشف عن هويّتهما نظراً لحساسية الموضوع. لكنّهما أكّدا أنّ المفاوضين غير مهتمّين بمناقشة تفكيك البرنامج النووي، وهو مطلب أصرّ عليه بعض مسؤولي إدارة ترامب، بما فيهم مستشار الأمن القومي مايكل والتز، وقد يدفعون ترامب للتفكير فيه.
مع ذلك، أشار ويتكوف علناً إلى «خط أحمر مختلف»، كاشفاً لـ«وول ستريت جورنال» أنّ الخط يتمثل في تطوير سلاح نووي وأنّ برنامج التخصيب بحدّ ذاته لا يُعدّ الخط الأحمر. وتدور القضية حول التلاشي التدريجي لقوة الاتفاق النووي الأصلي، الذي حافظ عليه القادة الأوروبيّون بصعوبة منذ عام 2018، عندما انسحب ترامب منه. وتنتهي القيود الأكثر صرامة فيه في تشرين الأول.
ويُعرف الاتفاق باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة»، تمّ التوصّل إليه في عهد الرئيس باراك أوباما، وهو نتاج سنوات من المفاوضات الدقيقة والتقنية، إذ رُفِعت العقوبات الدولية عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
لا تمتلك السلاح النووي حالياً سوى 9 دول، فإضافة إيران إلى هذه القائمة قد يُشكّل تهديداً وجودياً لعدوها الرئيسي، إسرائيل، ولدول أخرى. كما عبّر خبراء عن قلقهم من احتمال أن تشارك إيران قدراتها النووية مع جماعات إرهابية.
ويُرجّح أن تمدّد إيران المحادثات الديبلوماسية لأطول فترة ممكنة، سواء لتأخير أي تحرّك عسكري من جانب إسرائيل، أو لتجاوز مهلة 18 تشرين الأول، عندما تنتهي سلطة الأمم المتحدة في فرض عقوبات «فورية» على إيران.








