ربع نهائي «الأبطال».. تحليل قمّتي برشلونة وباريس
ربع نهائي «الأبطال».. تحليل قمّتي برشلونة وباريس
اخبار مباشرة
مارك كاري، توم هاريس، وليام ثارم- نيويورك تايمز
Wednesday, 09-Apr-2025 06:36

مع حلول نيسان، تزداد حرارة المنافسة في دوري أبطال أوروبا، إذ بات الحُلم باللقب الأوروبي على بُعد خطوات قليلة. ومع دخولنا مرحلة ربع النهائي، تتّجه الأنظار إلى مواجهتَين مرتقبتَين الليلة تحملان طابعاً خاصاً: برشلونة يستضيف بوروسيا دورتموند في صدام كلاسيكي بين عملاقَي إسبانيا وألمانيا، بينما يخوض باريس سان جيرمان الفرنسي اختباراً جديداً أمام ضيفه أستون فيلا الإنكليزي، مفاجأة البطولة.

PSG وفيلا

اكتسب المدرب الإسباني أوناي إيمري (53 عاماً) سمعة كونه عبقرياً تكتيكياً في كرة القدم الأوروبية، وسيواجه ناديه، باريس سان جيرمان، عندما يلتقي فيلا مع بطل فرنسا للمرّة الأولى في مباراة رسمية، ستكون مهمّة صعبة للضيوف.

 

لم يكن أداء فيلا هذا الموسم متسقاً بالشكل المطلوب مع خوضه منافسات متعدّدة، لكنّه تلقّى دفعة من النشاط في سوق الانتقالات الشتوية مع وصول صانع الألعاب الهولندي دونييل مالين، الجناح ماركوس راشفورد، والمهاجم الإسباني ماركو أسينسيو. وسجّل واحد على الأقل من الثلاثي في آخر 4 مباريات لفيلا في جميع المسابقات، مع حفاظ فريق إيمري على سلسلة من 7 مباريات من دون هزيمة - على رغم من أنّ مالين لن يكون مؤهلّاً لمواجهة سان جيرمان بعدما استُبعِد في شباط من قائمة فيلا لدوري الأبطال.

 

كانت هيمنة فيلا على الجانب الأيسر سمة بارزة في أسلوب لعبه طوال الموسم، إذ جاءت 37% من اللمسات الهجومية في جميع البطولات عبرها. فوجود راشفورد غيّر هذا التوازن بعض الشيء، لكنّ فريق إيمري أثبت قدرته على الاستفادة من الهجمات المباشرة والمركّزة لفتح دفاع الخصم.

 

كان الهدف الثاني لأسينسيو في إياب ثمن النهائي أمام كلوب بروج دليلاً على ذلك، إذ تبادل راشفورد تمريرة مزدوجة مع مورغان روجرز ليتجاوز خط الدفاع قبل أن يُمرّر كرة سهلة إلى الإسباني.

 

لم تمرّ سوى 8 ثوانٍ فقط بين تمريرة راشفورد الأولى ووصول الكرة إلى الشباك. قد يكون هذا النوع من اللعب المباشر ضرورياً لفريق إيمري، بالنظر إلى شراسة وانضباط ضغط سان جيرمان الذي حقق 66 استعادة للكرة في الثلث الأخير من الملعب خلال 12 مباراة أوروبية، وهو الرقم الأعلى له في أي موسم أوروبي منذ 2018-2019.

 

خلال مرحلة المجموعة الموحّدة، تفوّق أرسنال وبايرن ميونيخ على سان جيرمان بدنياً وهزماه، خصوصاً في وسط الملعب، لكنّ الفريق تحسن مع تقدّم البطولة. وحظيَ ثلاثي الوسط: فابيان رويز، فيتينيا، وجواو نيفيش، بإشادة مستحقة على براعتهم الفنية وتناوبهم الأنيق. كما أنّهم كانوا من أفضل خطوط الوسط في الضغط والضغط المرتدّ في البطولة، خصوصاً في الفوز 4-2 على مانشستر سيتي. يومها، نفّذ باريس 92 تدخّلاً في الثلث الأوسط من الملعب، وهو أعلى رقم بين جميع فرق ربع النهائي. فنيفيش مسؤول عن 15 من تلك التدخّلات، وهو رابع أعلى رقم بين جميع اللاعبين في المسابقة.

 

يُفضِّل إيمري أن يضغط عليه الخصم، وإن لم يكن إلى الدرجة القصوى التي يتبعها باريس في الضغط الفردي رجلاً لرجل.

 

دورتموند ضيفاً في برشلونة

 

بلغ بوروسيا دورتموند نهائي العام الماضي، لكنّه لم يرقَ للتوقعات هذا الموسم ويحتل المركز الثامن في الـ«بوندسليغا»، ما يجعله في طريقه إلى تحقيق أسوأ مركز له في الدوري منذ نحو عقدَين (المركز الـ13 موسم 2007-2008) تحت قيادة نيكو كوفاتش. صحيح أنّ كوفاتش لم يتولَّ المهمّة سوى في نهاية كانون الثاني خلفاً لنوري شاهين، الذي بدأ مشواره في الصيف خلفاً للمدرب السابق إدين ترزيتش.

 

تحسنت الأمور قليلاً منذ وصول كوفاتش (53 عاماً)، لكنّ دوري الأبطال أصبح بمثابة طَوق نجاة من كل الإحباطات المحلية. فإحدى أبرز الانتقادات التي يمكن توجيهها لدورتموند هي غياب الاستمرارية، سواء بين مباراة وأخرى أو داخل المباراة عينها.

 

الفوز 3-2 على ليل الفرنسي في ثمن النهائي لم يكن مقنعاً إلى حدٍ كبير، لكنّ التفوّق 3-0 على سبورتينغ لشبونة البرتغالي في ملحق ثمن النهائي، أظهر أنّ دورتموند قادر على الارتقاء إلى مستوى التحدّيات عندما تتطلّب الأمور ذلك.

 

على رغم ممّا يبدو من صعوبات في الـ»بوندسليغا»، فإنّ دورتموند لم يَجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى الشباك على المستوى الأوروبي (سجّل 28 هدفاً). وبينما كانت 6 من تلك الأهداف من ركلات جزاء (الأكثر في البطولة)، لا يتفوّق عليه في عدد الأهداف سوى برشلونة (32 هدفاً).

 

تحمّل سيرهو جيراسي العبء الأكبر من المسؤولية التهديفية، مسجّلاً 10 أهداف من أصل 28 (منها 4 ركلات جزاء)، لكنّه يتلقّى الدعم من المهاجمَين الشابَّين جيمي غيتنز وكريم أدييمي على الجناحَين. سجّل أدييمي 5 أهداف، من بينها تسديدة قوية من مسافة بعيدة ذهاباً أمام ليل، بينما سجّل غيتنز 4 أهداف، أكثر من أي لاعب تحت 21 عاماً.

 

من المهمّ مراقبة النهج الهجومي لدورتموند، بالنظر إلى سرعته وخط دفاع برشلونة العالي. إذا عدنا إلى هدف جيراسي الثاني ضدّ برشلونة في الدور الأول (فاز برشلونة 2-3)، نجد أنّ اختراق خط التسلّل تحقق من خلال انطلاقة عميقة من لاعب الوسط باسكال غروس. ومع إمكانية تنفيذ انطلاقات مماثلة من الجناحَين السريعَين، سيكون من غير الحكمة عدم استغلال أحد أبرز سمات دفاع برشلونة هذا الموسم تحت قيادة فليك.

 

مع ذلك، فإنّ برشلونة يحدوه الأمل في السيطرة على المباراة وتوسيع الفارق قبل أن تُشكّل المرتدات السريعة تهديداً. فمتصدّر «لاليغا» لم يُهزَم في 22 مباراة، وسجّل 3+ أهداف في 13 منها، مع وجود وفرة من الثقة والإبداع عبر لاعبين مثل بيدري، لامين يامال، ورافينيا.

 

كما أنّ المدرب هانزي فليك لم يتعرّض إلى الهزيمة أمام دورتموند (فاز 6 مرّات)، سواء مع بايرن ميونيخ أو برشلونة. وتكمن روعة نظام فليك في الاستحواذ على الكرة في أنّه يُعزّز نقاط القوة لدى المهاجمين. خلال عملية بناء اللعب، غالباً ما يتحوّل الجناح الأيسر رافينيا إلى وسط الملعب، ما يُفسِح المجال لأليخاندرو بالدي للتقدّم على الجناح.

 

هذا لا يقرّب رافينيا من لاعبي الوسط المبدعين في مركز الملعب لتبادل التمريرات السريعة والبناء الحاسم فحسب، بل يُجبِر الخصم أيضاً على التحرّك لتغطية الزيادة العددية في الوسط والجناح المتقدّم، ما يترك يامال الخطير في مساحة أوسع على الجهة الأخرى.

theme::common.loader_icon