

لن يكون من الحكمة استخدام هذَين الملصقَين كدليل على أنّ جماهير ليفربول قد انقلبت على ترينت ألكسندر-أرنولد مع اقتراب انتقاله إلى ريال مدريد، حتى وإن كان تأثيرهما قد تضاعف بعد انتشار صورهما عبر بعض الحسابات البارزة على وسائل التواصل الاجتماعي.
مع ذلك، فقد ساعدا في إثارة بعض الأسئلة المثيرة. كيف سيُودَّع ألكسندر-أرنولد (26 عاماً) إذا انتهى مشواره في «أنفيلد» هذا الموسم كما هو متوقع؟ ربما لن يكون ذلك بحفاوة كما لو أنّه غادر في ظروف مختلفة. ماذا لو كان أكبر بـ5 سنوات؟ أو لم يَعُد جيداً بما يكفي للعب دوراً أساسياً؟
بدأ الأسبوع بمقارنات، مرّة أخرى على وسائل التواصل، بين ألكسندر-أرنولد وروبرتو فيرمينو. أعيد تداول لقطات من وداع البرازيلي المؤثر في عام 2023، وغالباً ما كانت مصحوبة بتعليقات تشير إلى أنّها الطريقة «الصحيحة» لمغادرة نادٍ.
يشعر العديد من جماهير ليفربول بخيبة أمل لأنّ ألكسندر-أرنولد قرّر حتى الآن عدم تمديد عقده، وأنّ ريال مدريد على بُعد خطوة واحدة من إتمام الصفقة. ليس من الخطأ الشعور بالغضب حيال رحيل لاعب كبير. لكن لا مجال للمقارنة مع فيرمينو.
كان البرازيلي يُظهر علامات الإرهاق والتراجع قبل أن يُمنح وقوفاً أخيراً وتصفيقاً حاراً على 8 سنوات من الخدمة، كانت أفضلها تحت قيادة يورغن كلوب. وليس سراً أنّه كان يرغب في البقاء، وادّعاؤه بأنّه طلب من وكيله عدم التفاوض مع أندية أخرى حتى يتخذ ليفربول قراره بشأن تجديد العقد يُعدّ أمراً غير معتاد. في نهاية المطاف، فَقدَ ليفربول اهتمامه به ولم يَعُد أولوية، ممّا أجبره على اتخاذ قراره مع نهاية موسم 2022-2023.
لكنّ فيرمينو لم يكن لديه ريال مدريد يطرق بابه، ولا كان أمامه بعض من أفضل سنوات مسيرته. ولو كان كذلك، فربما كان موقفه مختلفاً. في كلتا الحالتَين، فإنّ مقارنة سَيل المشاعر التي صاحبت خروجه بما قد يحدث مع ألكسندر-أرنولد عندما يختتم ليفربول موسمه، على أرضه ضدّ كريستال بالاس في 25 أيار، هي مقارنة قصيرة النظر.
لا توجد «طريقة صحيحة» لمغادرة ألكسندر-أرنولد. بغضّ النظر عن الطريقة، سواء كانت مدروسة بعناية أو علنية، يبدو أنّه لن يَسلَم من الانتقادات.
كان يمكن لنهاية نارية أن تساعد، لكنّ إصابته في الكاحل، إلى جانب خروج ليفربول من دوري أبطال أوروبا وخسارته نهائي كأس الرابطة، قد أضعف من بريق أول موسم مميّز تحت قيادة آرني سلوت. ولا يزال بإمكانه المساهمة في الأسابيع المقبلة في تحقيق الاحتفال الأهم (لقب الدوري)، لكنّ أي آمال بتحقيق عدة ألقاب تلاشت في أسبوع مُخيِّب للآمال في آذار.
هل كان سيُنظر إلى خروجه بشكل مختلف لو غادر مقابل بدل مادي؟ ربما كان من شأن حصول ليفربول على بعض المال مقابل لاعب لم يُكلّفه شيئاً سوى تكاليف تطويره في الأكاديمية أن يُخفِّف الصدمة، لكن من المبالغة القول إنّ ذلك سيجعل جماهير ليفربول تتقبّل خروجه بسهولة أكبر. فيليب كوتينيو انضمّ إلى برشلونة مقابل مبلغ مذهل ما زال يُذكر (125 مليون جنيه إسترليني عام 2018)، فبُنيَ به الفريق الذي فاز بدوري الأبطال والدوري الممتاز في السنوات التالية، ومع ذلك ظل هدفاً للانتقادات.
هناك نقطة أخرى، وهي أنّ بيع ألكسندر-أرنولد في وقت مبكر لم يكن مطروحاً للنقاش أبداً، حتى عندما قدّم ريال مدريد عرضاً في كانون الثاني. كان ليفربول لا يزال ينافس في جميع البطولات الـ4 في ذلك الوقت، وكان يأمل في تمديد عقده.
وتشير تجارب أندية أخرى إلى أنّ الجماهير نادراً ما تأخذ الأرقام في الحسبان. يبدو أنّ مشجّعي أستون فيلا لا يُبالون بالمائة مليون جنيه إسترليني التي حصل عليها النادي من مانشستر سيتي مقابل جاك غريليش، بالنظر إلى الاستقبال الذي يحصل عليه عند عودته إلى «فيلا بارك». أمّا ديكلان رايس، فيُقابل بصافرات الاستهجان من جماهير وست هام بعد انتقاله إلى أرسنال مقابل مبلغ مماثل.
الفرق في تلك الصفقتَين هو أنّ النادي البائع كان يملك زمام الأمور. رايس كان لا يزال لديه عام في عقده مع خيار التمديد من طرف النادي عندما انتقل إلى أرسنال. أمّا فيلا، فكافأ غريليش بعقود جديدة تضمّنت شرطاً جزائياً بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني، فخرج الفريق من الصفقة راضياً.
أمّا ليفربول فلم يتمكن من الحفاظ على هذا الموقف، وأصبح الآن في موقف لا يُحسد عليه، على رغم من تقديم عرض جديد لألكسندر-أرنولد. الشروط الدقيقة لهذا العرض لا تزال غير واضحة، لكنّها على الأرجح ليست زهيدة. المال ليس الدافع الرئيسي للمدافع، لكن حتى نعرف المزيد عن تفاصيل العرض، من الصعب الحُكم على ما إذا كان مبالغاً فيه أو غير مقبول.
ما هو أكثر وضوحاً هو أنّ الشاب الذي انضمّ للنادي في السادسة من عمره، وعاش في منطقة ويست دربي قرب مجمّع ميلوود التدريبي القديم حتى الـ17، يبدو أنّ جاذبية التحدّي الجديد ونمط الحياة الجديد أهم بالنسبة إليه من أي إرث أو تاريخ.
تنسيق خروج الرموز لم يكن يوماً أمراً سهلاً. غرايم سونيس، لاعب وسط ليفربول الأسطوري، بدا وكأنّه ودّع في الوقت المثالي بعد أداء مثالي في نهائي كأس أوروبا عام 1984 ضدّ روما، لكنّه تعرّض إلى النقد لانضمامه إلى سامبدوريا بعد أسابيع قليلة.
ربما لا توجد أبداً «طريقة صحيحة» لأي لاعب لمغادرة نادٍ بمكانة وثقل عاطفي مثل ليفربول، الذي يرى مشجّعوه، عن حَقّ، أنّ «أنفيلد» هو قمّة المجد الكروي، ويتوقعون من اللاعبين - خصوصاً المحليِّين كألكسندر-أرنولد - أن يشعروا بذلك.








