

لكنّ أي نادٍ سيتصدّر عندما ينتهي الموسم في أيار؟ تشير توقعات Opta إلى أنّ برشلونة هو المرشح الأقوى، لكن يمكن أيضاً تقديم حجَج لصالح فريقَي العاصمة.
برشلونة
كان من السهل الاعتقاد بأنّ برشلونة سيُسيطر على لقب الدوري إثر بدايته القوية للموسم، خصوصاً بعد فوزه 4-0 على ريال مدريد في تشرين الأول، يوم رفع رصيده إلى 10 انتصارات و37 هدفًا في أول 11 مباراة. كذلك، لم يكن من المفاجئ أن يظن البعض أنّ فريق فليك قد أضاع كل شيء بعد شهرَين فقط، حين سجّل ألكسندر سورلوث هدف الفوز في اللحظات الأخيرة لأتلتيكو، ممّا جعل برشلونة، المتصدّر آنذاك، يتراجع بفارق 8 نقاط. تراوحت الأمور بين التألّق والانهيار، لكنّ برشلونة استعاد مستواه المخيف أخيراً. ولم يخسر أي مباراة هذا العام (سلسلة من 18 مباراة، سجّل فيها 3 أهداف على الأقل في 11 منها).
وثأر من أتلتيكو بالفوز عليه في الوقت القاتل في «متروبوليتانو»، مستعيداً السيطرة على سباق اللقب. جلب وصول فليك في الصيف نهجاً جديداً لأسلوب برشلونة القائم على الاستحواذ، ليعتمد على توسيع الملعب لاستنزاف الخصوم قبل اختراق العمق بتمريرات حاسمة من قلبَي الدفاع إلى صانعي الألعاب التقنيِّين. ولا يُجسّد هذا المزيج من القوة البدنية والإبداع اللحظي أفضل من رافينيا، الذي سجّل 27 هدفاً وقدّم 18 تمريرة حاسمة، من موقع يسمح له بالتحرّك بحرّية بين العودة إلى العمق والانطلاق إلى الأمام. لا يوجد فريق في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا حقّق عدداً أكبر من الركض خلف خطوط الدفاع مقارنةً ببرشلونة، ولا يوجد لاعب حقق ذلك أكثر من رافينيا، الذي يستطيع الوصول إلى سرعته القصوى مراراً وتكراراً. كما أنّ عودة بيدري من الإصابة عزّزت القوة الهجومية لبرشلونة، فهو لاعب وسط يتحكّم في إيقاع اللعب، ويتمتع بجودة إبداعية تفتح الدفاعات المحكمة. تمريرته العائمة لفيرمين لوبيز، في الفوز على إشبيلية في شباط، كانت بالضبط نوعية التمريرات التي افتقدها الفريق خلال تراجع مستواه في منتصف الموسم، إذ تعلّم الخصوم تضييق المساحات المركزية أمامهم. مع استعادة لامين يامال للياقته وتألّقه، فإنّ قدرة ليفاندوفسكي على التهديف في المقدّمة غالباً ما تكون العامل الذي يُحوّل الأداء الجيد إلى نتائج ملموسة. وكان هدفه الغريزي أخيراً، نقطة التحوّل، إذ استقبل تمريرة قوية بصدره قبل أن يُسدِّدها بلمسة عكسية إلى الزاوية. من دون لحظة الإلهام هذه، كان من المحتمل أن يكون فريقه في المركز الثالث. تشير الإحصائيات الأساسية إلى أنّ برشلونة كان أفضل فريق في الدوري هذا الموسم. لا يقترب أي فريق من حجم الفرص التي يخلقها، كما أنّ فارق الأهداف المتوقعة لديه يضعه في المقدّمة بفارق كبير عن منافسيه. إذا حافظ على زخمه حتى مباراته المقبلة ضدّ ريال مدريد، بعد 10 جولات (فاز برشلونة 4-0 و5-2 هذا الموسم)، فينبغي أن تكون ثقته عالية في قدرته على حسم اللقب.
ريال مدريد
هناك اعتقاد شائع بأنّ ريال يُتقن توقيت مواسمه، إذ يبدأ ببطء قبل أن يصل إلى قمة مستواه في الأشهر الحاسمة. هذا التصوّر صحيح في دوري الأبطال، إذ وصل الفريق مجدّداً إلى الأدوار المتقدّمة على رغم من خريف مُخيِّب. لكن محلياً، تشير البيانات إلى نمطٍ مختلف. للموسم الرابع توالياً، انخفض متوسط نقاط ريال في النصف الثاني من الموسم. ومع تساوي الفريق بالنقاط مع برشلونة الذي لا يزال لديه مباراة مؤجّلة، فإنّ التراجع الحالي، الذي تضمّن خسارتَين مفاجئتَين أمام إسبانيول وريال بيتيس، قد يكون حاسماً في سباق اللقب. وعلى رغم من عدم استقراره، يظلّ ريال منافساً قوياً. أرقامه الهجومية لا تقارَن ببرشلونة، كما أنّه لم يُظهِر صلابة أتلتيكو الدفاعية، لكنّ فريق أنشيلوتي وجد طرقاً للبقاء في الصدارة. بعد بداية متذبذبة، استعاد كيليان مبابي مستواه وسجّل ثنائية في الفوز على مضيفه فياريال في نهاية الأسبوع، رافعاً رصيده في الدوري إلى 20 هدفاً. على عكس منافسيه، لم يتبنَّ ريال أسلوباً واضحاً ومحدّداً بقيادة أنشيلوتي. بل يمنح المدرب الإيطالي حرّية كاملة لمهاجميه الموهوبين لإيجاد الحلول بأنفسهم، ممّا ينعكس في أرقامهم القياسية في المراوغات والتقدّم بالكرة، إذ يتصدّر الثلاثي فينيسيوس جونيور، مبابي، ورودريغو قائمة اللاعبين الأكثر توغّلاً بالكرة داخل منطقة الجزاء. لكن لهذه المرونة الهجومية ثمناً. لا يضغط ريال بقوة بعد فقدان الاستحواذ، ممّا يجعله عُرضة للفوضى الدفاعية.
ونتيجة لذلك، يُضطرّ بيلينغهام وفالفيردي إلى تغطية مساحات واسعة في خط الوسط لتعويض الحرّية الهجومية للثلاثي الأمامي. هذا الضعف استغله برشلونة بلا رحمة في الـ»كلاسيكو» مرّتَين، فتألّق يامال ورافينيا في المساحات التي تركها ريال شاغرة. إنّه مؤشر مقلق قبل المواجهة الحاسمة في أيار، لكنّ ريال يملك سلاحه المفضّل: تيبو كورتوا المتألّق. أنقذ الحارس البلجيكي 9 تصدّيات السبت، وكان عنصراً أساسياً في تعويض مشاكل ريال الدفاعية طوال الموسم. لطالما كان التألّق الفردي هو القوة الدافعة وراء خزائن بطولات ريال. وهناك احتمال كبير أن يعتمد على هذه الموهبة مرّة أخرى لحصد لقبه الـ 37 في «لاليغا».
أتلتيكو مدريد
قليلٌ من الفرق مرّت بأسبوع مدمِّر كما عاشه أتلتيكو. فبعد خسارته 2-1 أمام خيتافي قبل أسبوعَين - تقدّم حتى الدقيقة 88 - جاءت الهزيمة المؤلمة بركلات الترجيح أمام ريال في دوري الأبطال. وبعد 4 أيام فقط، تقدّم 2-0 ضدّ برشلونة، لكنّه انهار مجدّداً ليتلقّى هدفاً قاتلاً في الوقت بدل الضائع. مع ذلك، فإنّ الشيء الذي لا ينقص أتلتيكو هو الشخصية. بقيادة دييغو سيميوني، ومع جدول مباريات أكثر سهولة بعد فترة التوقف الدولي، سيظلّ التركيز مرتفعاً والإيمان قائماً طالما بقيَ الفريق قريباً من المتصدّرَين. هل يمكنه استغلال أي تعثر من برشلونة أو ريال؟ الوقت وحده سيُحدِّد ذلك.








