

حقّق لاندو نوريس الفوز في السباق الافتتاحي لموسم فورمولا 1 في جائزة أستراليا الكبرى، متجاوزاً الضغوط الشديدة المتأخّرة من ماكس فيرستابن، وسباقاً مليئاً بالفوضى بسبب الأمطار، والسيارات الآمنة، وتطوّر استراتيجيات التوقف في المرآب ليقتنص صدارة البطولة مبكراً.
تحوّل السباق، الذي تعطّلت مجرياته بسبب المسار المبتل، إلى معركة استنزاف ومراقبة للسماء، وشهد انسحاب 6 سائقين وسط مَوجات من تساقط الأمطار.
أدّى انزلاق فرناندو ألونسو إلى الحواجز (اللفة الـ34)، ممّا استدعى دخول سيارة الأمان، إلى مقاطعة فترة طويلة من استخدام الإطارات المتوسطة، ممّا سمح لسائقي مكلارين بالابتعاد عن فيرستابن وبقية المتسابقين.
لكنّ محاولة أوسكار بياستري لتحقيق الفوز في موطنه تحطّمت بعد لفات عدة، عندما خرج عن المسار مع تزايد غزارة الأمطار. وعلى مدى اللفات التالية، ظهر نوريس في الصدارة إثر فوضى التوقفات في المرآب والسيارات التي انزلقت، ولم ينظر إلى الخلف بعدها.
في أماكن أخرى على شبكة الانطلاق، أنهى لويس هاميلتون السباق في المركز العاشر في أول سباق له مع فيراري، متخلّفاً بمركزَين عن زميله شارل لوكلير. كان يوماً جيداً لجمع النقاط بالنسبة إلى نيكو هولكنبرغ (ساوبر) وأليكس ألبون (ويليامز)، بينما حقق المبتدئ كيمي أنطونيلي بداية قوية بحصوله على 12 نقطة بإنهائه السباق في المركز الرابع. وكان عدد قليل جداً من السائقين قادرين على اجتياز السباق من دون دوران أو أخطاء على الأقل.
نوريس يبدأ الموسم بشكل مثالي
تعرّض نوريس إلى انتقادات كثيرة العام الماضي بشأن كيفية تعامله مع الضغط خلال السباقات، خصوصاً عند مواجهة فيرستابن. لكنّه ردّ على الجميع بأسلوب رائع أمس.
سيطر السائق البريطاني على السباق تماماً من البداية إلى النهاية، على رغم من الأمطار، سيارات الأمان، وضغط فيرستابن وزميله بياستري، ليبدأ موسمه على أمل المنافسة على اللقب بأسلوب مثالي.
في اللفة الأولى، تجاوز فيرستابن بياستري وظلّ قريباً من نوريس خلال المراحل الافتتاحية، لكنّ تدهوُر أداء إطاراته أدّى إلى ارتكابه خطأ جعله يتراجع إلى المركز الثالث بفارق أكثر من 15 ثانية. وفرضت ماكلارين لفترة وجيزة أوامر الفريق على سائقَيها، على رغم من أنّ بياستري شعر بأنّه كان أسرع، قبل أن تُعيد سيارة الأمان السباق إلى نقطة الصفر وتُعيد فيرستابن كتهديد.
مجدّداً، تقدّم نوريس وبياستري سريعاً عند إعادة الانطلاق، لكنّ الأمطار المفاجئة أدّت إلى خروجهما عن المسار في المنعطف الـ12، إذ انزلقا عبر الحصى. وتجنّب نوريس الحائط والوصول إلى المرآب لاستبدال إطاراته بأخرى متوسطة، بينما علِق بياستري في العشب، ممّا أدّى إلى خروجه من مراكز النقاط. وعاد إلى السباق وسط هتافات الجماهير، لكنّه أنهى السباق في المركز التاسع، ما كان نهاية محبطة لـ»ويك آند» بين جماهيره. فلا يزال الانتظار مستمراً لرؤية سائق أسترالي على منصة التتويج في ملبورن.
مع تبقّي 6 لفات فقط للنهاية، كان على نوريس تحمّل ضغط فيرستابن، المتخصِّص في القيادة تحت المطر، فتقلّص الفارق إلى بضع أعشار من الثانية قبل لفتَين من النهاية. لكنّ فيرستابن لم يتمكن أبداً من الاقتراب بما يكفي لمحاولة التجاوز، وعبَرَ نوريس خط النهاية متقدّماً بفارق 0.8 ثانية فقط.
إنّه انتصار مثير للإعجاب قد يكون بمثابة رسالة مبكرة بشأن طموحات نوريس للفوز بلقب الفورمولا 1 هذا العام.
بداية غير موفّقة لهاميلتون مع فيراري
إنهاء السباق في المركز العاشر ليس بالتأكيد الظهور الذي كان يحلم به هاميلتون عند انتقاله إلى فيراري، لكنّه كان يعلم دائماً أنّ السباقات الأولى ستتمحوَر حول التعلّم.
بعد التصفيات، أقرّ هاميلتون بأنّه لم يكن يعرف حتى مكان مفاتيح إعدادات الأمطار على مِقوَده، ممّا جعل المطر مصدر صداع إضافي له. فَقدَ القليل بسبب الأرضية عند المنعطف الأول إثر احتكاك بسيط مع زميله لوكلير. وتراجع، ليقضي النصف الأول من السباق في المركز الثامن، عالقاً خلف ألبون (ويليامز).
جرت العديد من المحادثات عبر الراديو بين هاميلتون ومهندسه ريكاردو أدامي حول إعدادات السيارة، وطلب هاميلتون في إحدى اللحظات من أدامي ألّا يُكرِّر كل شيء، لكنّ المهندس أساءَ الفهم وأعاد التعليمات مجدّداً، ممّا دفع هاميلتون في النهاية إلى الطلب منه تركه يُركّز على القيادة.
عندما تساقطت الأمطار في وقت متأخّر، قرّر فيراري إبقاء هاميلتون على المسار، بينما توجّه الآخرون إلى المرآب للحصول على إطارات متوسطة. أدّى ذلك إلى تصدّره السباق لفترة وجيزة، لكنّه أدرك لاحقاً أنّ عدم التوقف كان خطأً. دخل هاميلتون في النهاية إلى المرآب بعد 3 لفات من نوريس، ممّا تسبّب في تراجعه إلى المركز التاسع، وأقرّ عبر الراديو: «اعتقدتُ أنّكم قلتم إنّ المطر لن يكون غزيراً. لقد أضعنا فرصة كبيرة هناك».
شهد السباق لحظة توتّر أخرى حين تجاوزه لوكلير عند إعادة الانطلاق الثانية. وعلى رغم من أنّ كلاهما تجاوز بيار غاسلي بعد خطأ الأخير، إلّا أنّ بياستري المتعافي تخطّى هاميلتون في اللفة الأخيرة، ليترك البريطاني بنقطة وحيدة فقط في ظهوره الأول مع فيراري.
كان يوماً كبيراً للتعلّم لهاميلتون، وكانت خيبة أمله واضحة عبر الراديو بعد السباق. لو توقف مبكراً، لكان بإمكانه تحقيق نقاط أكثر وربما حتى المراكز الخمسة الأولى. الآن، سيكون التركيز على العودة أقوى في سباق الصين.
أنطونيلي يتألّق في يوم صعب للمبتدئين
عانى السائقون المبتدئون طوال عطلة نهاية الأسبوع، وكانت ظروف الأمس بعيدة من المثالية.
قبل السباق، تعرّض أولي بيرمان إلى حادثَين في التجارب الحرّة، ممّا حدّ من وقت قيادته، وانطلق كل من بيرمان وليام لوسون من ممرّ الصيانة. أمّا إسحاق حاجار، الذي كان الأفضل تصنيفاً بين المبتدئين في التصفيات، فقد تحطّم في لفة التشكيل، حين انزلق إلى الحائط عند المنعطف الثاني، ممّا تسبّب في كسر الجناح الخلفي.
أدّى ذلك إلى إعادة بدء السباق، لكنّها لم تكن أفضل من الأولى، فتحطّم جاك دوهان في اللفة الافتتاحية، ممّا استدعى سيارة الأمان.
وسط هذه الفوضى، تألّق أنطونيلي (18 عاماً)، الذي تقدّم من المركز الـ16 إلى الرابع في أول سباق له في الفورمولا 1، في إنجاز رائع.








