تتجّه الأنظار هذا الاسبوع الى القصر الجمهوري، حيث من المقرّر ان يشهد الخميس المقبل «اللقاء الوطني» الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال عون، فيما جزمت اوساط بعبدا، بأنّه سيُعقد في موعده وليس وارداً تأجيله، حسبما تردّد خلال عطلة نهاية الاسبوع. في وقت لم تنفرج الاوضاع بعد على اي جبهة من جبهات الازمة الاقتصادية والمالية، التي ترزح تحتها البلاد، فالاجتماعات متعددة، ولكن اي نتائج ملموسة لم تتحقق بعد، فما ان يتراءى للمواطنين بصيص امل ما حتى سرعان ما يتبدّد نتيجة خلافات تنشب في اللحظة الاخيرة، من مثل النزاع الدائر حول ارقام الخسائر المقدّرة بين الحكومة ومصرف لبنان، اللذين يحاول كل منهما ان يسوّق ارقامه، فيما يكاد صندوق النقد الدولي يقف موقف المتفرّج، منتظراً الارقام النهائية ليبني على الشيء مقتضاه، فيما البلاد توغل عميقاً في انهيارها الاقتصادي والمالي، وصرخات اللبنانيين ترتفع ازاء جنون الدولار، والاسعار بلا حسيب او رقيب، في ظلّ المخاوف من تداعيات سلبية لـ»قانون قيصر» الاميركي ضد سوريا على لبنان. وفي معلومات لـ «الجمهورية»، انّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، إقترح على المعنيين ان يتمّ تعيين محمد بعاصيري موفداً خاصاً للحكومة للتفاوض مع وزارة الخزانة الاميركية حول اعفاء لبنان من بعض احكام «قانون قيصر». وذلك بعد استبعاده من التعيينات المالية الاخيرة. وتضيف المعلومات، أنّ السفارة الاميركية في لبنان إعتبرت عدم إعادة تعيين بعاصيري نائباً لحاكم مصرف لبنان او رئيساً للجنة الرقابة على المصارف (بناء على طلب صريح من وزارة الخزانة الاميركية) فوّت على الحكومة فرصة اثبات انّها ليست تحت تأثير «حزب الله».
يُنتظر ان تبدأ دوائر القصر الجمهوري اليوم تلقّي ردود المدعوين الى «اللقاء الوطني» الخميس المقبل، حيث يعكف هؤلاء على عقد إجتماعات لحسم مواقفهم قبولاً للدعوة او رفضاً او تمهلاً، في إنتظار ربع الساعة الأخير من موعد اللقاء، أخذاً بما جرى في مناسبات مماثلة، بحيث يرغب البعض بتحديد موقفه النهائي في اللحظات الأخيرة.
وفيما أكّدت اوساط بعبدا عبر «الجمهورية»، أنّ التحضيرات للقاء ناشطة، وأنّه سيُعقد اللقاء في موعده. ولفتت الى انّ أجوبة المدعوين وما سيرافقها من ملاحظات، لن تحجب الاهتمام بجدول اعمال اللقاء الذي سيتناول، الى الوضع الأمني والمؤشرات السلبية التي تركتها الأحداث المقلقة في بيروت والمناطق، الملفات الإقتصادية والنقدية والحوار الجاري مع صندوق النقد الدولي.
مسلسل المواقف من اليوم
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ مجموعة من الإجتماعات ستُعقد اليوم ومنها لرؤساء الحكومات السابقين الأربعة، الذين سيلتقون مساء في «بيت الوسط»، للبحث في الموقف المناسب الذي يمكن اتخاذه، وسط أجواء توحي بأنّهم سيقاطعون اللقاء. وتردّدت معلومات تفيد انّهم سيوفدون النائب بهية الحريري لتمثيلهم فيه.
وفي الوقت الذي بقيت مشاركة الرئيس السابق للجمهورية العماد اميل لحود خارج التداول، لأنّه لم يزر بعبدا في اي مناسبة، تردّد انّ تنسيقاً بدأ قبل ايام بين الرئيسين السابقين للجمهورية امين الجميل وميشال سليمان في شأن تلبية الدعوة من عدمها. وتردّدت معلومات انّ سليمان ليس متحمساً للمشاركة في اللقاء.
«القوات»
وبالنسبة الى موقف «القوات اللبنانية» قالت مصادرها لـ»الجمهورية»، انّ «الوظيفة الأساسية لأي حوار، الوصول إلى مساحة مشتركة في مواضيع خلافية، بما يساهم في تبريد الاحتقان ودفع عجلة الدولة سياسياً ومالياً إلى الأمام، وفي اللحظة التي يتحوّل فيها الهدف من الحوار إلى مجرد حوار يجب وقفه، لأنّه يكون فقد الغاية المطلوبة منه والتي خُصّص لأجلها». ورأت «انّ الحوار لا يتناقض مع فصل السلطات وعمل مجلسي الوزراء والنواب، بل يشكّل فرصة لالتقاء رؤساء الكتل والأحزاب والرؤساء على اختلافهم، من أجل التوافق على ما تعذّر الاتفاق حوله، بغية تسريع ترجمته تنفيذياً او تشريعياً، ولكن لا يجوز في أي حال من الحالات ان يتحوّل دردشة سياسية، الأمر الذي يُفقد الحوار جوهره ومضمونه».
واعتبرت المصادر، «انّ الحوار لا يجب ان يكون دورياً، إنما الظروف وحدها تفرض التئامه، لمقاربة مسائل معقّدة لم تفلح الحكومة ولا مجلس النواب في معالجتها، ولكن في حال فشل الحوار بدوره في معالجتها يجب توقيف هذا الحوار لا ان يستمر، وبالتالي ما الغاية من جلسة الحوار المقبلة طالما لا يوجد جدول أعمال واضح، وطالما انّ القوى الممسكة بالسلطة لا تريد الأخذ بما يُطرح في جلسات الحوار».
وذكّرت المصادر نفسها، بأنّ «القوات» كانت «دعت في جلسة 2 أيلول إلى تأليف حكومة اختصاصيين مستقلين، تجسيداً لطبيعة الأزمة، ولم يؤخذ باقتراحها، ودعت في جلسة 6 أيار إلى خطوات عملية لا نظرية في مواجهة الأزمة المالية، فيما لا خطوات عملية حتى اللحظة، فما الجدوى من اللقاء المقبل في ظل استمرار النهج نفسه، وإصرار الفريق الحاكم على رفض الإصلاح واستمرار الوضع في تراجعه من سيئ إلى أسوأ؟». وأكّدت المصادر، انّه على رغم كل ذلك، فإنّ رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع ما زال يواصل التشاور مع تكتل «الجمهورية القوية» وقيادة «القوات» لاتخاذ القرار المناسب».
الكتائب
اما على مستوى حزب الكتائب، فيعقد مكتبه السياسي اجتماعه الاسبوعي عصر اليوم في الصيفي، للبحث في جدول اعمال حافل بالقضايا الإدارية والسياسية، ولا سيما منها الموقف من الدعوة الى لقاء الخميس المقبل. ولفتت مصادر كتائبية الى انّ الردّ النهائي على هذه الدعوة مرهون بقرار المكتب السياسي الذي سيناقش الموضوع، علماً انّ الأجواء لا تشير الى أنّ هناك متغيّرات تدفع الحزب الى تغيير موقفه، بعدما كان قاطع لقاء بعبدا في 6 ايار الماضي على الخلفيات نفسها.
«اللقاء التشاوري»
وعلى مستوى «اللقاء التشاوري»، فإنّه سيجتمع قبل ظهر اليوم في دارة النائب عبد الرحيم مراد. وفي المعلومات، «انّ اعضاءه منقسمون بحدّة بين موقفين، احدهما يدعو الى المقاطعة، على قاعدة انّ النقاش في اوساط الداعين الى اللقاء الذي أدّى الى اعتبار انّ غياب الرئيس سعد الحريري ورؤساء الحكومات السابقين يشكّل مساً بالميثاقية السنّية امر مدان بالنسبة اليهم، وكذلك بالنسبة الى رئيس الحكومة حسان دياب، ولا بدّ من تسجيل موقف بالمقاطعة. أما الفريق الثاني فهو ينادي بتجاوز هذا النقاش السياسي المبني على مواقف لا تُصرف إلّا في المناكفات السياسية، ولا بدّ من المشاركة في اللقاء بأبعاده الوطنية».
الراعي
وفي موقف لافت، إعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد، انّ دعوة رئيس الجمهورية «مراجع سياسية مسؤولة» الى «لقاء وطني»، في الظرف الخطير الذي يمرّ به لبنان» هي «واجب وطني يمليه عليه ضميره كرئيس للبلاد، وقَسَم اليمين على حفظ الدستور وحماية وحدة الشعب والصالح العام» وقال: «الدعوة مشرفّة لمن توجّه إليه. أما أن تُعقد في الموعد المحدّد - الخامس والعشرين من حزيران الحالي- أو أن تُرجأ لفترة إعدادية ضرورية، فيبقى الأساس فيها الذهاب إلى جوهر المشكلة وطرح الحل الحقيقي بعيداً من الحياء والتسويات والمساومات، وإلى إصدار وثيقة وطنية تكون بمستوى الأحداث الخطيرة الراهنة. وثيقة ترسم خريطة طريق ثابتة تتضمن موقفاً موحّداً من القضايا التي أدّت إلى الإنهيار السياسي والمالي والاقتصادي والاجتماعي، وإلى الانكشاف الأمني والعسكري. وثيقة تصوّب الخيارات والمسار، وترشد الحوكمة، وتطلق الإصلاحات، وتعيد لبنان إلى مكانه ومكانته، فيتصالح مع محيطه العربي ويستعيد ثقة العالم به».
وتوجّه الراعي الى «المسؤولين السياسيين»، قائلاً :»إنّ شابات لبنان وشبانه المنتشرين في الشوارع والساحات، يريدون من لقاء بعبدا جواباً على حاجاتهم وقلقهم ومخاوفهم ومصير مستقبلهم ووطنهم. فلا تخيّبوا آمالهم. فهم يشكّلون لكم ولكل أصحاب الإرادات السياسية والوطنية الحسنة خير منطلق ودافع لما ستطالبون به في لقائكم التاريخي. وإن كان ثمة من بصيص أمل عند شعبنا الجائع والفقير والعاطل عن العمل، فلا تطفئوه».
المال والاقتصاد
على الصعيدين المالي والاقتصادي، يبدأ الاسبوع الطالع بملف مالي حساس يتعلق بالتضارب في الارقام بين الخطة الحكومية، والأرقام التي انتهت اليها لجنة المال والموازنة، بعد عمل دؤوب تخلّله تشكيل لجنة نيابية لتقصّي الحقائق.
وقد إتضح من خلال النبرة الغاضبة التي استخدمها رئيس اللجنة ابراهيم كنعان، للردّ على منتقدي عمل اللجنة في موضوع تصحيح الارقام، انّ المواجهة ستكون ساخنة في الايام المقبلة، خصوصاً بعد دخول المستشارين على الخط، ونشاطهم اللافت في إطلاق التغريدات المعارضة لعمل النواب.
الارقام
وقالت مصادر متابعة لـ»الجمهورية»، أنّه بعد إنجاز لجنة تقصّي الحقائق مهمتها والتوصل الى اتفاق مبدئي بين وزارة المال ومصرف لبنان المركزي، تغيّرت من خلاله الأرقام والمقاربات الحكومية، وبدأت أوساط رئاستي الجمهورية والحكومة تقتنعان بما حصل مع بعض الملاحظات التي كان رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان قد وعد بأخذها في الاعتبار، أجرى أحد أعضاء الوفد اتصالاً بأحد التقنيين الذي «شاوره» أثناء التحضير للخطة وتبنّى أرقامه فيها، متوسماً منه «أن يعمل أي شيء، لأنّ الوضع فرط وأنّ الفريق في حاجة لدعم ما»، فجاءت «تغريدة» أحد المسؤولين مساء متناقضة مع ما كان صندوق النقد الدولي أعلنه بلسان المتحدث بإسمه جيري رايس صباح ذلك النهار لوكالة «رويترز»، حيث اعتبر أنّ ارقام الحكومة هي اقرب الى ارقام الصندوق، علماً انّ المفاوضات لم تبدأ وأنّ تقرير اللجنة النيابية الذي من المفترض انّه وحّد ارقام الحكومة والمصرف المركزي لم يصدر بعد.
وكان رايس أكّد «أنّ النقاشات مستمرة مع الحكومة اللبنانية في شأن تمويل محتمل من الصندوق»، لافتاً الى أنّ «التركيز منصّب على سياسات وإصلاحات تستهدف استعادة الاستقرار»، وواصفاً النقاشات الجارية مع لبنان بـ»المعقّدة وتتطلب تشخيصاً مشتركاً لمصدر الخسائر المالية وحجمها»، ومشدداً على أنّ «لبنان في حاجة إلى إصلاحات شاملة ومنصفة في مجالات متعددة، وهو ما يتطلب توافقاً ومشاركة مجتمعية».
دولار متفلّت
وعلى صعيد الدولار، يُفترض أن يبدأ منذ اليوم تطبيق آلية جديدة في اسواق الصرف لدى الصرافين، حيث تقرّر وقف آلية دفع 200 دولار لأي مواطن يحمل بطاقة هوية، ويرغب في شراء الدولار. وسيُستعاض عن هذه الآلية التي أثبتت فشلاً ذريعاً، بالعودة الى نهج حصر بيع الدولار بالتجار والاشخاص الذين يملكون اوراقاً ثبوتية حول حاجتهم الى الدولار.
وفي غضون ذلك، تواصل الضغط على سعر صرف الليرة في السوق السوداء، حيث شهدت هذه السوق عصر امس الأحد، إقبالاً كثيفًا لشراء الدولار خصوصاً في بيروت وضواحيها، حيث سجّل سعر الدولار ما بين 5400 ليرة للمبيع و5500 ليرة للشراء.
«كورونا»
من جهة ثانية سُجّلت أمس انتكاسة على جبهة كورونا، اثارت مخاوف من حصول موجة جديدة خطرة على صعيد هذا الوباء.
فبعد أن عادت الحياة اليومية تدريجاً إلى طبيعتها، تفاجأ اللبنانيون أمس بعدد إصاباتٍ يومية غير متوقّع وغير مطمئن، إذ أعلنت وزارة الصحة تسجيل 51 حالة جديدة، 19 من بين المقيمين و32 من الوافدين، ما رفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 1587.
وفي السياق، قال وزير الصحة العامة حمد حسن من بعلبك: «لم ننتهِ من كورونا، فاليوم (أمس) سجّلنا 51 إصابة جديدة»، مؤكّداً «اننا سنبقى ملتزمين المعايير والإرشادات».
واوضحت مصادر وزارة الصحة لـ»الجمهورية»، «أنّ الانتشار الذي حصل والـ51 إصابة، كانت نتيجة الاختلاط مع إصابة برجا، التي كانت أتت من السعودية، وتمّ حَجرها نحو أسبوعين. إذ تبيّن بعد إجراء الفحوص في حي الحرج في الغبيري، انّ معظم المصابين كانوا اختلطوا بها ولها أقرباء هناك». وقالت: «طالما سبب العدوى معروف فإنّ الأمر لا يخيف. كما انّ معظم الاصابات التي تُكتشف لا تخيف، لأنّ معظمها ليس لديها عوارض».
واكّدت المصادر جهوزية المستشفيات، لافتةً إلى أّنه «لا وجود لخطر الوفاة، وسننتظر الأرقام التي ستصدر في اليومين المقبلين، وعلى اساسها ستتخذ القرارات التي تتعلق بالمرحلة المقبلة». وقالت انّ «المطار سيُفتح وسيتمّ في الحد الاقصى 2000 وافد يومياً».