أخصائية تغذية


في ظلّ التطوّرات المتسارعة في التكنولوجيا الطبية، بات الذكاء الاصطناعي (AI) والتحليل التنبّؤي من الأدوات الأساسية التي تُعزّز اتخاذ القرارات السريرية، لا سيما في مجالات الوقاية والتغذية والصحة العامة.
على رغم من اعتماد بعض الهيئات الصحية، مثل هيئة الخدمات الوقائية الأميركية، على توصيات موحّدة ترتكز إلى العمر أو الجنس، تُظهر الدراسات الحديثة أنّ الذكاء الاصطناعي قادر على تقديم حلول أكثر دقة من خلال تحليل بيانات فردية تشمل العوامل البيولوجية والجينية ونمط الحياة.
في دراسة نُشرت، الشهر الماضي، في مجلة Quality Management in Health Care، أشار الباحثون إلى أنّ الاعتماد على الفئات العمرية فقط في تحديد الفحوصات قد يُفوّت فُرَص الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب.
فمثلًا، قد لا يُطلب من شخص في منتصف الثلاثينات إجراء فحص للكوليسترول على رغم من وجود عوامل خطر فردية واضحة، في حين يستطيع الذكاء الاصطناعي التنبّؤ بذلك بناءً على تحليل متقدّم للبيانات الشخصية.
أحد التطبيقات البارزة التي تناولتها الدراسة، هو تخصيص التوصيات الغذائية باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن تصميم خطط غذائية وقائية بناءً على مستوى النشاط، ومؤشرات بيولوجية كدهون الدم وسكر الغلوكوز.
فإذا بيّن التحليل أنّ شخصاً ما يستهلك كميات كبيرة من الدهون المشبّعة، يمكن توجيهه نحو بدائل صحية كالأفوكادو والمكسرات والأسماك الدهنية. كما يمكن تحديد مدى تحمّله للسكّريات أو الكربوهيدرات وتعديل نظامه الغذائي تبعاً لذلك.
تُظهر الدراسة أيضاً أنّ الذكاء الاصطناعي قد يساهم في تطوير السياسات الصحية، من خلال رصد أنماط غذائية مرتبطة بالأمراض في مناطق معيّنة، وتوجيه حملات توعية أو تعديل مكوّنات الأغذية المصنّعة. فمثلاً، يمكن تصميم سياسات تقلّل من محتوى الملح أو السكر استناداً إلى هذه التحليلات.
في المجمل، تدعو الدراسة إلى تجاوز الأساليب التقليدية وتبنّي نموذجاً صحياً مرناً يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم رعاية وقائية دقيقة ومخصّصة لكل فرد، بما يعكس احتياجاته الصحية الفعلية وليس فقط عمره أو جنسه.








