

من معراب تطلّ النائب ستريدا جعجع هذه المرّة ليس من باب السياسة، بل من باب السياحة، وهي التي اعتبرتها «مسؤولية تاريخية تُحتِّم على الجميع تكثيف الجهود لدفع عجلة الاقتصاد الوطني قدماً»، مشيرةً في حديث لـ«الجمهورية»، أنّ «تنشيط السياحة ليس فقط لتعزيز الإيرادات بل لإعادة رسم صورة لبنان كوجهة حضارية وثقافية رائدة على مستوى العالم».
مُحاطة بوزراء الثقافة، الخارجية، السياحة والإعلام، وبحشد من وسائل الإعلام، أعلنت جعجع العودة بعد غياب، مؤكّدةً العزم على إعادة إحياء مهرجانات الأرز الدولية، وذلك تأكيداً على «عدم الاستسلام وعلى إرادة لا تموت. لأنّ أرز الرب هو مَن يَرويها ويُبقيها صامدة...».
وتقول جعجع لـ«الجمهورية»، إنّ «في أصعب الأوقات الاقتصادية التي عصفت بلبنان لم نتوانَ لحظة في تقديم كل ما في وسعنا، واخترنا في السنوات التي توقفت فيها المهرجانات، تحويل جهودنا لدعم مشاريع صحية واجتماعية، وأنجزنا مستشفى بشري الحكومي، وهو إنجاز كبير. إذ كان من ضمن الأولويات بغياب القطاع السياحي، لكنّنا اليوم نعود ونضع السياحة في صدارة أولوياتنا عبر إعادة إحياء مهرجانات الأرز الدولية في نسخة 2025، التي ستأتي بحلّة جديدة أكبر وأبهى من أي وقت مضى، كما ستكون بمثابة رسالة للعالم مفادها أنّ لبنان لم يفقد الأمل، وأنّه على رغم من التحدّيات لا يزال ينبض بإلابداع والحياة».
وكشفت جعجع أنّ الحدث سيشهد مفاجآت عديدة، وستظلّله غابات الأرز ولوحات تعبيرية راقصة وستترجمها فرقة «مياس» العالمية بأبهى صورها...
وقد فنّدت جعجع برنامج المهرجان الذي سينطلق في 19 تموز، كاشفةً بأنّه سيجمع بين العراقة والتجدّد وبين التراث والإبداع. وحين نسألها إذا ثمة شي سيمنع قيام مهرجان الأرز في الصيف، تجيب بثقة: «لا شي سيمنع قيامه، وهو قائم وسننجز في السياحة كما أنجزنا في السياسة... نحن لها».
وكانت كلمة لوزيرة السياحة لورا لحود، أثنت فيها على معاني انطلاق مهرجانات الأرز. واصفةً مشهد شجرة الأرز: «لو تَمكّنَت من التكلّم لأخبرتنا تاريخ العالم، هذه الأشجار التي لم تهزمها رياح الزمن ولم تُضعِفها عواصف التاريخ». بدوره، اعتبر وزير الإعلام بول مرقص أنّ «مهرجانات الأرز الدولية ليست مجرّد فعالية فنية أو سياحية، بل جزء من هوية لبنان الثقافية والإعلامية، ومن مسيرته التي تحدّت الصعاب وعادت لتُزهر من جديد في بداية عهد جديد».
وزير الخارجية جو رجي اعتبر في كلمته، أنّه إذا «كان الخلود مرسوماً لما يبقى في الزمان بعدما يغرق الباقي في النسيان. فطوبى لنا مهرجان الأرز يطلّ من أعلى قممنا ليوزّع على العالم نوراً جميلاً بهيّاً من جبل الأطياب كما ورد في الكتاب المقدّس».
وتبقى الكلمة الموثّرة، لوزير الثقافة التي دفعت ببعض الإعلاميين على التعليق فور انتهائها «مغفورةٌ لك خطاياك»، وذلك عقب اللغط الذي أثاره كلامه السياسي أول من أمس عن «حزب الله» وسلاحه!
وكشف في كلمته بأنّه فور تسلّمه لمهامه أوقف العمل في وادي قاديشا: «إنّه وادي القدّيسين، مقدّسٌ في اسمه كما في تاريخه كما في احتضانه للحضارة المارونية على مَرّ قرون وقرون بأديِرَته وبنُسّاكه، هو لذلك تراث مبني في أديِرته، وتراث غير مبني وغير ملموس في الذاكرة التاريخية التي حملها نسّاكه. لذلك، اعتبرته الـ«يونيسكو»، عام 1998، معلماً أساسياً يجب حمايته».
ولفت إلى أنّ «هذا لا يعني أبداً أنّنا لا نُريد لهذا الوادي أن ينتعش اقتصادياً، ووزارة الثقافة تعمل للمساعدة في إنشاء تعاونية زراعية في ذلك المكان، كما أنّها عملت سابقاً وستبقى تعمل ليكون هناك دروب للمشاة في كل الوادي».
في الخلاصة، يشعر مَن يواكب إعلان إطلاق مهرجانات الأرز أنّ لبنان، كما قالت جعجع، هو فعلاً أمام فرصة ذهبية لاستعادة مكانه على الخريطة الثقافية والسياحية العالمية. فيما تختصر جعجع دردشتها مع «الجمهورية» بالتأكيد على الالتزام والثبات بالمسيرة المشرّفة، بالاعتماد على إرادة شعب لطالما أبدع في تحويل المِحَن إلى فُرَص والتحدّيات إلى إنجازات.








