أخصائية تغذية


يُعتبر الساكّارين من أقدم المُحلّيات الصناعية المستخدمة في الأنظمة الغذائية، إذ طُرح في الأسواق منذ أكثر من قرن، وشاع استعماله كبديل عن السكر في المنتجات منخفضة أو خالية السعرات الحرارية.
يُضاف هذا المُحلّي إلى مجموعة واسعة من المنتجات، تشمُل المشروبات الغازية الخاصة بالحِميات، بعض أنواع الحلويات، العلكة، المربّيات الصناعية، والمخبوزات الجاهزة. كما يدخل في تركيبة بعض المنتجات غير الغذائية مثل معجون الأسنان، الأدوية والمكمّلات المحلّاة لتحسين مذاقها.
في دراسة نشرتها مجلة EMBO Molecular Medicine هذا العام، حقّق فريق بحثي من جامعة برونيل البريطانية، بقيادة الدكتور رونان ماكارثي، في تأثير الساكّارين على البكتيريا.
وكشفت النتائج أنّ الساكّارين يؤثر على استقرار الغلاف الخلوي البكتيري، ويُعطّل نسخ الحمض النوَوي، ممّا يُعيق عملية الانقسام الخلوي ويتسبّب في تغيّرات بنيَوية تؤدّي إلى تحلّل الخلية.
ما يُميِّز هذه الدراسة هو شمولها لأنواع بكتيرية من كلّ من البكتيريا موجبة وسالبة الجرام، ما يدل إلى اتساع نطاق تأثير الساكّارين.
كما أظهرت النتائج أنّه يُضعف خصائص بكتيرية ترتبط بالعدوى، كالحركة وتكوين الأغشية الحيوية، وهما عاملان رئيسيان في استعمار الأنسجة والتسبّب بالأمراض.
ولافتٌ أيضاً أنّ الساكّارين أظهر قدرة على تقليل مقاومة بعض السلالات البكتيرية للمضادات الحيَوية، ما يفتح المجال لإعادة فاعلية بعض العلاجات.
وقد اختُبِرت فعاليّته كذلك في تطبيقات عملية، مثل ضمادات الجروح الهلامية، إذ أظهر قدرة على تقليل النمو البكتيري، ما يُشير إلى إمكان استخدامه مستقبلاً في العلاجات الموضَعية للجروح المزمنة.
مع ذلك، لا توصي الدراسة باستخدام الساكّارين كمضاد حيَوي، بل تؤكّد ضرورة دراسة تفاعلات المضافات الغذائية مع ميكروبيوم الإنسان، خصوصاً أنّ الساكّارين يمرّ بالجهاز الهضمي من دون أن يُمتص. وتظل آثاره طويلة الأمد على التوازن الميكروبي موضع بحث.
وقد تباينت الدراسات حول تأثير الساكّارين على صحة الإنسان، إذ ربط بعضها بين استهلاكه وتغيّرات في ميكروبيوم الأمعاء والأيض، بينما لم تُثبِت أخرى وجود ضرر واضح ضمن الجرعات المسموح بها.
وتُظهر هذه الدراسة بُعداً جديداً يستوجب البحث المتواصل لتقييم التأثيرات المحتملة لهذه المركّبات الصناعية.








