

يواجه لبنان اليوم تحدّيات كبرى تتطلّب قيادةً حكيمة وقويّة للمضي قدماً.
لبنان الذي يعاني من دمار واحتلال، وأزمات سياسية وأمنية ومالية واجتماعية، هو في حاجةٍ إلى رئيسٍ للجمهورية يستطيع مجابهة هذه الأزمات، وتجاوز المخاطر، وتحقيق الإصلاح المنشود، بقدرة وكفاءة، وهذا ما يجعل من دعم الرئيس جوزاف عون واجباً وطنياً وضرورةً لا غنى عنها.
الضغوط الدولية والإقليمية
من أبرز التحدّيات التي تواجه لبنان اليوم هي الضغوط الدولية والعربية لحلّ مسألة السلاح في لبنان، بدايةً من سلاح «حزب الله» وصولاً إلى مخيمات اللاجئين وخطر المتطرّفين. تلك الضغوط تضع لبنان أمام خيارات صعبة، حيث يتمّ اختبار قدرته على الحفاظ على سيادته واستقراره واستقلاله السياسي.
القرار 1701 وتطبيقه
كذلك، إنّ تطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بعد حرب تموز 2006، هو أحد أبرز الملفات الشائكة التي تواجه لبنان، خصوصاً بعد العدوان الإسرائيلي المتواصل، وفي ظل التفسيرات المتناقضة حول مندرجاته. وهذا التحدّي الكبير يحتاج إلى قيادة يلتف حولها جميع اللبنانيّين، ورئيس صاحب خبرة واسعة في معالجته، والرئيس جوزاف عون بحكم قيادته للجيش المكلّف بتطبيق الـ1701، منذ صدوره، هو القادر والمؤتَمن على مقاربته من موقعه الرئاسي اليوم.
إعادة الإعمار والقطاع المصرفي
من التحدّيات الأخرى التي تتطلّب تدبيراً حكيماً هي إعادة إعمار ما أمكن، ممّا تهدّم من جرّاء الحرب والعدوان، بالإضافة إلى استعادة ثقة الناس في القطاع المصرفي، من خلال إعادة أموال المودعين، وهذا ما يحتاج إلى قيادة تتمتع بنزاهة وسمعة دولية، لإقناع المجتمع الدولي بضرورة تقديم الدعم للبنان في هذا المجال.
الإصلاحات المالية والاقتصادية والقضائية
كما أنّ الإصلاحات المالية والاقتصادية والقضائية، وما أكثرها، تحتاج إلى جهود استثنائية لإنجازها، الأمر الذي يتطلّب مؤازرة الرئيس جوزاف عون في رؤيته وتوجّهاته في العمل بروح من المسؤولية لإنقاذ لبنان، على غرار ما فعل، بنتيجة الانهيار منذ العام 2019 ، لإنقاذ المؤسسة العسكرية والحفاظ على تماسكها ودورها الوطني، على رغم من الظروف القاسية التي عانى وما زال يعاني منها الضباط والعسكريّون.
تعزيز الجيش والأجهزة الأمنية
لبنان بحاجة أيضاً إلى تعزيز الجيش والأجهزة الأمنية وتطويرها لمواكبة التطوّر العالمي في مجال الأمن وأدواته الحديثة، وإعطاء العسكريّين حقوقهم، لكي تكون قادرة على مواجهة التحدّيات المقبلة على كل الحدود وفي الداخل. وهذا يشمل التصدّي للجريمة المنظّمة، بما في ذلك الجريمة السيبيرية والتهريب والإتجار بالمخدرات، بالإضافة إلى تنفيذ القرارات الدولية التي تفرض تحدّيات على السيادة اللبنانية. ويقيني أنّ خبرة الرئيس عون في التصدّي لهذه الملفات تزيد الثقة في فرص نجاح معالجتها.
الاستقرار السياسي الداخلي
يظلّ الاستقرار السياسي الداخلي حجر الزاوية لأي تحرّك إيجابي على الصعيدَين الاجتماعي والاقتصادي. ومع اقتراب الانتخابات النيابية، سيكون من الضروري احتواء أي نزاع مستقبلي بين الفرقاء السياسيّين، لتفادي تأجيج التوترات الداخلية. وتظلّ طاولة الحوار الوطني أداة مهمّة لمناقشة قضية السلاح في لبنان وتحقيق التوافق بين جميع الأطراف.
التحدّيات الإقليمية والمفاوضات الأميركية -الإيرانية
ومن أبرز التحدّيات الإقليمية التي تواجه لبنان أيضاً، هي المفاوضات الأميركية-الإيرانية، وما تحمله من تأثيرات على الوضع اللبناني. وكلما ازدادت الأمور تعقيداً مع التدخّلات الإقليمية والنزاعات القائمة في المنطقة، ازداد الضغط على لبنان، خصوصاً في ما يتعلق بحصرية السلاح للدولة، والنفوذ الإيراني في المنطقة.
الوضع في غزة
إنّ الوضع في غزة يعكس تعقيدات الوضع الإقليمي في الشرق الأوسط، حيث ينعكس النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي بشكل مباشر على لبنان. هذا النزاع الدائم يزيد من المخاوف الأمنية على الحدود اللبنانية، ويضع لبنان أمام تحدّيات تتعلّق باللاجئين الفلسطينيّين وكذلك بتوازن القوى في المنطقة.
تحدّي انفجار مرفأ بيروت
إنّ انفجار مرفأ بيروت، الذي وقع في 4 آب 2020، هو أحد التحدّيات الإنسانية والاقتصادية الكبرى التي يواجهها لبنان. هذا الانفجار دمّر جزءاً كبيراً من العاصمة اللبنانية وأدّى إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة. والتحدّي الأكبر اليوم هو تحقيق العدالة للضحايا، وهذا ما يتطلّب قيادة قوية تتسمّ بالكفاءة والنزاهة لمعالجة هذا الملف الشائك، بالإضافة إلى إصلاح النظام القضائي وتعزيزه وتطويره.
معضلة الكهرباء في لبنان
من أبرز التحدّيات التي تحتاج إلى حلّ سريع هي معضلة الكهرباء في لبنان، التي أثّرت بشكل كبير على الحياة اليومية للمواطنين والشركات والمصانع. والحلول لهذه الأزمة ليست سهلة، وإنما تتطلّب استثمارات ضخمة وإصلاحات حقيقية في قطاع الكهرباء، وهذا ما يحتاج أيضاً إلى قيادة قادرة على تنفيذ التغيير على أرض الواقع.
الطائفة الشيعية والتوازن الداخلي
إنّ التعامل مع الوضع السياسي والاجتماعي للطائفة الشيعية بعد الحرب وتداعياتها، هو من المهام الأكثر تعقيداً وحساسية ربما، ويتعيّن على الرئيس رعايتها، بالإضافة إلى التوازن بين الحكومة والمجلس النيابي، والذي يُعتبر أمراً حيوياً لضمان استقرار الوضع السياسي في لبنان. والرئيس جوزاف عون الذي استطاع أن يحافظ في أصعب الظروف على وحدة الجيش بكل طوائفه ومذاهبه ومناطقه، يعرف كيف يتعامل مع هذا الوضع ويحافظ على الوحدة الوطنية ويمنع الانزلاق إلى أي فتنة أو انقسام.
ماذا يحتاج لبنان في هذه المرحلة؟
من حق الناس أن تتطلّع إلى إنجازات سريعة، ولكن ليس من حق أي سياسي أن يتلاعب بمشاعر الناس.
إنّ حجم الأزمات كبير جداً وهي شائكة ومعقّدة، ومتراكمة منذ سنوات عدة، ولا أحد يملك عصا سحرية لحلّها فوراً، كما أنّ لا أحد من القوى السياسية يملك الحق بتوجيه الاتهام أو الانتقاد للعهد بالمراعاة أو بالتأخّر في الإنجاز.
من الإنصاف أن نمنح الوقت الكافي للعهد لمعالجتها، على قاعدة أنّ خطاب القَسَم هو الهدف، أمّا التطبيق فيحتاج إلى العمل والوقت، وإلى الحكمة في إدارة البلد والتوازنات الداخلية الحسّاسة والاستقرار السياسي والأمني، لا الاستعجال والارتجال.
لا يمكن أن نواجه كل هذه التحدّيات بشعارات شعبوية وإعلامية، وإنما بدعم رئاسة قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة، ولها سمعة دولية تدعمها.
خلاصة القول، إنّ دعم رئيس الجمهورية جوزاف عون ليس فقط ضرورة وطنية، بل هو واجب يتطلّب التكاتف والتعاون من جميع اللبنانيّين. لا يمكننا توقّع حلّ كل الأزمات دفعة واحدة وبين ليلة وضحاها، فالمرحلة المقبلة ستكون مليئة بالتحدّيات، ولا بُدّ من الصبر والتفهّم لتوفير البيئة المناسبة لنجاح لبنان في تجاوز محنه.
إنّ خطاب القَسَم هو مجرّد بداية لمهمّة طويلة تتطلّب منّا جميعاً التعاون والدعم.
لبنان يحتاج إلى زخم الرئيس وقيادته، لأنّ العهد ست سنوات، أمّا الحكومات فتتبدّل وتتعاقب خلال هذه الفترة، ويجب أن نمنح رئيس الجمهورية الفرصة للقيام بما هو أفضل لبلدنا في السنوات المقبلة.








