مع رهانات مرتفعة... المشرّعون اللبنانيون يحاولون مجدداً اختيار رئيس
مع رهانات مرتفعة... المشرّعون اللبنانيون يحاولون مجدداً اختيار رئيس
إيوان وارد- نيويورك تايمز
Thursday, 09-Jan-2025 06:18

على رغم من الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة ودول أخرى لانتخاب رئيس بغية الحصول على الدعم المالي، لم يظهر حتى الآن مرشح توافقي قادر على إنهاء الجمود السياسي في لبنان بشكل واضح.

من المقرّر أن يحاول البرلمان اللبناني المنقسم بعمق اليوم الخميس انتخاب رئيس جديد، ما قد يضع حداً لفراغ سياسي مستمر منذ سنتَين ويُدخل البلاد في مرحلة من الاستقرار النسبي، بعد أن عانت من أشدّ حروبها دموية منذ عقود.
لأكثر من عامَين، كانت الدولة الصغيرة المطلة على البحر المتوسط مشلولة بسبب الجمود السياسي، وتُدار بحكومة تصريف أعمال ضعيفة وسط سلسلة من الأزمات، بما في ذلك انهيار اقتصادي تاريخي، وحرب مدمّرة بين إسرائيل و»حزب الله» اللبناني، وانهيار نظام الأسد في سوريا المجاورة.
يُعتبر انتخاب رئيس في لبنان الخطوة الأولى نحو تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات لديها تفويض لاستقرار البلاد. لكن، على رغم من الحاجة الملحّة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيُنتخَب أحد على الإطلاق.
البرلمان اللبناني منقسم على أسُس طائفية، وفشل المشرّعون في 12 جولة تصويت سابقة في انتخاب رئيس جديد منذ تشرين الأول 2022، عندما انتهت ولاية الرئيس ميشال عون التي استمرّت 6 سنوات.
وقد لا يختلف تصويت اليوم عن المحاولات السابقة. فلبنان يواجه ضغوطاً ديبلوماسية من الولايات المتحدة وجهات مانحة أجنبية أخرى، ربطت دعمها المالي لما بعد الحرب بانتخاب رئيس. ومع ذلك، لا يبدو واضحاً ما إذا كان المرشح جوزف عون، قائد الجيش اللبناني المدعوم من الولايات المتحدة (ولا تربطه صلة قرابة بالرئيس السابق)، سيحصل على الأصوات الكافية ليُنتخب.
واعتبرت لينا خطيب، زميلة مساعدة في معهد شاتام هاوس في لندن، أنّ «هذا الانتخاب بمثابة محطة ضرورية في مسار تعافي لبنان الذي يحتاج إليه بشدّة. لكنّ الواقع أنّ الأطراف السياسية المختلفة ليست قريبة من التوصّل إلى التوافق اللازم لاختيار الرئيس المقبل - حتى في هذه المرحلة الحرجة للغاية. الرهانات أعلى من أي وقت مضى».
الحرب التي استمرّت 14 شهراً بين إسرائيل و»حزب الله» تركت أجزاء واسعة من البلاد في حالة دمار، مع موارد مالية محدودة لإعادة الإعمار. ويقدّر البنك الدولي أنّ الحرب تسبّبت في خسائر تصل إلى 8,5 مليارات دولار من الأضرار وحدها. كما أنّ الوضع الأمني في لبنان لا يزال هشاً، والحكومة التي ستتشكّل لاحقاً ستحتاج إلى قيادة البلاد خلال وقف إطلاق نار هشّ لمدة 60 يوماً، يأمل الديبلوماسيّون في أن يتحوّل إلى دائم.
على مدى أكثر من عامَين، أدّى الجمود في لبنان إلى شَلّ المؤسسات الحكومية، وزاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد. ويُعتبر «حزب الله»، القوة السياسية المهيمنة في لبنان، من قِبل الكثيرين أحد أبرز العوائق. ففي العام الماضي، أفشل الحزب محاولة لانتخاب مسؤول رفيع في صندوق النقد الدولي رئيساً للبنان من خلال الانسحاب من التصويت.
لكنّ المحلّلين يَرون إنّ الهجوم السريع لإسرائيل على «حزب الله»، الذي قضى على قيادة الحزب وزعزع صورته كقوة مهيمنة، قد يفتح نافذة أمل لكسر الجمود السياسي في لبنان. وفي الفترة التي سبقت الانتخابات المقبلة، يبدو أنّ «حزب الله» يُظهر بعض المرونة، على رغم من أنّه يبقى أن نرى كيف ستتطوّر الأمور في التصويت. يوم الأحد، أشار المسؤول البارز في الحزب، وفيق صفا، إلى أنّ الحزب لن يستخدم الفيتو ضدّ ترشيح جوزيف عون، كما كان يخشى البعض.
وأوضح بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن: «لقد حسبوا أنّهم ما زالوا أقوياء، لكنّهم بحاجة إلى تقديم بعض التنازلات. الآن، هم بحاجة إلى مساعدات خارجية ضخمة واسعة النطاق، ويحتاجون أيضاً إلى دولة شرعية للعمل ضمنها وحمايتهم. الخطوة الأولى هي انتخاب رئيس».
ينتخب أعضاء البرلمان اللبناني البالغ عددهم 128 نائباً عبر اقتراع سرّي، وهي عملية شابتها في السنوات الأخيرة عمليات انسحاب متكرّرة. في الجولة الأولى، يتطلّب الأمر أغلبية الثلثَين، وهي نتيجة وصفها المحلّلون بأنّها غير محتملة اليوم. لكن في الجولات اللاحقة، يكفي الحصول على أغلبية عادية.
في حال انتخاب رئيس اليوم، سيُعيِّن رئيسَ وزراء بالتشاور مع البرلمان، والذي ستكون مهمّته تشكيل الحكومة. ومن المحتمل أن تكون هذه عملية طويلة، والجسم التنفيذي الناتج سيواجه في النهاية مهمّة شاقة تتمثل في إنعاش بلد يعاني من الأزمات.
وأكّد رئيس البرلمان نبيه بري، وهو حليف رئيسي لـ»حزب الله»، في مقابلة مع وسائل إعلام محلية الأسبوع الماضي، بأنّه مُصمِّم على انتخاب رئيس اليوم. ووعد بإبقاء التصويت مفتوحاً حتى يتمّ الاتفاق على مرشح.
مع ذلك، أقرّ بري بأنّه لم يتمّ التوصّل بعد إلى أي توافق بشأن هوية هذا المرشح، وهو ما يمثل خروجاً عن الانتخابات السابقة، حيث كان يتمّ عادةً التوصّل إلى اتفاق غير رسمي قبل إجراء التصويت.
وسط حالة عدم اليقين المتزايدة، عبّر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الذي أصبح الوجه المرهق لحكومة تصريف الأعمال، عن تفاؤله يوم الأربعاء، موضحاً في بيان: «اليوم، ولأول مرّة منذ الشغور الرئاسي، أشعر بالسعادة. إن شاء الله، غداً سيكون لدينا رئيس جديد للجمهورية».

theme::common.loader_icon