منى الصلح سيّدةُ الأميرات
منى الصلح سيّدةُ الأميرات
جوزف الهاشم
Wednesday, 08-Jan-2025 07:15

رحيلُ الأميرة، استحتَّ عندي خاطرةً مكنونةً يطيب لي أنْ أسلِّطَ عليها الضوء.

ليس إشادةً بصفاتها ومواصفاتها فهي شاملةُ الشمائل: ربيةُ البيت الوطني العريق، فتاةُ الإستقلال، عروسةُ سلالةِ خادم الحرمين الشريفين التي تكاملتْ بها شرَفاً.

 

عرفتها، وقد كانت لي محطّةٌ في باريس وأنا في طريقي إلى تونس ممثِّلاً لبنان في مؤتمر وزراء الداخلية العرب. (دورة كانون الأول 1984).

 

بأصالةٍ لبنانية عربية، شاءت أن تستضيفَني إلى مائدةٍ في جناحها الفندقي، مع دولة الرئيس تقي الدين الصلح والصديق الراحل جان عبيد.

 

تشعّبت الأحاديث والتحليلات بما كانت عليه حال لبنان، وما كان عليه الشأن الفلسطيني في محيطٍ عربي مضطرب، فرأيتُني أمام سيدةٍ بارعة: ثقافـة سياسية راجحة، مداركُ واسعةٌ فكراً ورؤيا، وموهبةُ بصيرةٌ في الأدب والتاريخ.

 

ولأنّ، مؤتمر وزراء الداخلية العرب في تونس كانت على جدول أعماله بنودٌ شديدة الحساسية تتعلّق بالتحوُّلات الفلسطينية وتفاعلاتها في العالم العربي، فإنني ـ وشهادةً للحـق ـ تناولتُ في مداخلتي لدى هذا المؤتمر ما استلهمتُهُ من حديثِ الأميرة منى الصلح حول مائدة الغداء، وهو ما حسَمَ المساجلةَ الحارَّة التي كانت بين ممثِّل السلطة الفلسطينية فاروق القدومي وبعض الوزراء العرب.

 

وسنة 1988 مع نهاية عهد الرئيس أمين الجميل يوم كان تأليف حكومة إنتقالية يصطدم بتشكيلات تعذَّر إنجازها، أجريتُ بموافقة الرئيس إتصالاً بالأميرة منى، لعلّني أستوحي منها ومعها مخرجاً، فأشارت إليَّ ببعض الملاحظات، وبنباهة ولباقة قالت: شكِّلوها وخابروني.

 

ولكن، عند تأليف الحكومة العسكرية برئاسة قائد الجيش ميشال عون، خشيتُ أن أزفّ إليها الخبر.

 

نعم... هذه الأميرة جليلةُ المآثر والفضائل، يصحّ فيها ما قاله المتنبي:

ولوْ كان النساءُ كمَنْ فقَدْنا لفُضّلتِ النساءُ على الرجال.

theme::common.loader_icon