ساد الهدوء بعد يوم عصيب في بلدة معربون الحدودية، حيث تصاعدت التوترات والاشتباكات العنيفة بين عناصر فوج الحدود البري الرابع في الجيش اللبناني ومسلحين سوريين مهربين من بلدة سرغايا السورية. أسفرت المواجهات عن إصابة ملازم ونقيبين وعنصر آخر من الجيش اللبناني. وكانت هذه الاشتباكات بمثابة محاولة من الجيش اللبناني لتعزيز سيادته الوطنية على أراضيه، حيث أغلقت وحدات الجيش المعبر غير الشرعي الذي يقع على بُعد 800 متر من الحدود الرسمية بين البلدين، استناداً إلى خرائط عسكرية يمتلكها الجيش.
إلى جانب هذه الاشتباكات، اندلعت توترات جديدة في المنطقة إثر اشتباك مسلح داخل الأراضي السورية بين عناصر "هيئة تحرير الشام" ومهربين مسلحين من سرغايا، مما أسهم في تزايد القلق على الحدود بين البلدين. في سياق متصل، ضبطت وحدات من الجيش اللبناني بالتعاون مع مديرية المخابرات مخزناً للأسلحة في بعلبك يحتوي على قذائف هاون وصواريخ "ستريلا" روسية الصنع، مما يسلط الضوء على استمرار تهريب الأسلحة عبر الحدود.
وبخصوص الهجوم الأخير على فوج الحدود البري الرابع في معربون، أوضح مصدر أمني أن المسلحين الذين نفذوا الهجوم كانوا مهربين سوريين من بلدة سرغايا، ولم يكونوا مرتبطين بـ"هيئة تحرير الشام". هؤلاء استخدموا أسلحة كانت قد سقطت في يدهم بعد فرار عناصر "فرقة الهجانة" السورية من النظام السابق. هذا الهجوم يعكس الحاجة الملحة لتعزيز القدرات العسكرية واللوجستية للجيش اللبناني لضمان أمن الحدود واستقرار المنطقة.
على الصعيد السياسي، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه مع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" محمد رعد على أهمية تعزيز السيادة الوطنية والتصدي لأي تهديدات إسرائيلية، خاصة في ظل الخروقات المستمرة من جانب العدو الصهيوني. من جهته، عبر رعد عن فخره بمقاومة اللبنانيين مشيداً بالشهداء الذين ضحوا من أجل الدفاع عن وطنهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن اللبنانيين سيواصلون الحفاظ على ثوابتهم الوطنية في مواجهة أي تحديات. كما دعا رعد إلى تعزيز الوحدة الداخلية عبر توافق سياسي مشترك حول الاستحقاقات الوطنية، بما في ذلك الاستحقاق الرئاسي الذي يشكل أولوية في المرحلة الراهنة.
وفيما يتعلق ببطء تنفيذ الاتفاقات المتعلقة بوقف إطلاق النار، أبدى النائب حسن فضل الله قلقه من هذا التأخير، مؤكدًا ضرورة الإسراع في تطبيق هذه الاتفاقات على المستوى السياسي من قبل الحكومة اللبنانية. فضل الله شدد على أن معادلة المقاومة - الجيش - الشعب كانت الخيار الصحيح الذي منع العدو من التمادي في اعتداءاته، مشددًا على ضرورة التنسيق بين جميع الأطراف لضمان تطبيق اتفاقات وقف إطلاق النار وحماية مصالح الوطن.
في سياق آخر، أصدرت دائرة الإعلام في حزب "القوات اللبنانية" بيانًا تناول فيه قضية شحنة الأموال التي حاولت دخول لبنان عبر مطار رفيق الحريري الدولي على متن طائرة إيرانية. الحزب انتقد ما وصفه بتدخل إيران في الشؤون اللبنانية ودعمها لمجموعات حزبية معينة في لبنان، داعيًا إلى الالتزام بالقوانين اللبنانية في التعامل مع هذه القضايا.
وفي الشأن السوري، أعلن "الملتقى الإسلامي العلوي" في بيان له دعمه للإدارة السورية الجديدة خلال الفترة الانتقالية، مؤكدًا دعم الملتقى للجهود المبذولة لبناء دولة القانون والمواطنة في إطار دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان وتضمن العدالة الاجتماعية. كما استنكر البيان التصرفات الفردية التي تمثل خروقات لسياسات الإدارة الجديدة، داعيًا إلى محاكمة المجرمين من جميع الأطراف.
في خطوة تشير إلى تحسن الوضع الأمني في سوريا، أعلن رئيس هيئة الطيران المدني والنقل الجوي في سوريا عن استئناف الرحلات الجوية الدولية إلى مطار دمشق الدولي ابتداءً من السابع من يناير 2025. تأتي هذه الخطوة في إطار إعادة تأهيل كامل للمطارات السورية بالتعاون مع شركاء دوليين، مما يعكس تحسن البنية التحتية في سوريا بعد سنوات من الحرب.
الواقع الأمني والسياسي في لبنان وسوريا يظهر استمرار الأزمات على الحدود، وتصاعد التوترات الإقليمية والدولية. وعلى الرغم من هذه التحديات، لا يزال لبنان يسعى لتعزيز سيادته الداخلية والتعاون مع شركائه الإقليميين والدوليين من أجل تأمين مستقبل مستقر. في سوريا، تتواصل جهود البناء الوطني على الرغم من الصعوبات الداخلية، مع التأكيد على أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية وبناء دولة قانون تحترم حقوق جميع مواطنيها.