وعيوا أو تمثيلية؟
وعيوا أو تمثيلية؟
فادي عبود
Saturday, 07-Sep-2024 07:40

وأخيراً تحرّك القضاء اللبناني وأوقف حاكم المصرف المركزي السابق رياض سلامة، ونأمل ألّا تكون مجرّد شكليات ومسرحية لتمييع الموضوع.

المهم أن تتوسع التحقيقات وتشمل كل الممارسات التي تمت في عهده، وألّا يقتصر على ملف "أوبتيموم"، وأن يُصرّ القضاء اللبناني على متابعة كافة التفاصيل المتعلقة بالموضوع.

 

لأنّ رياض سلامة اليوم هو القادر على تقديم الأجوبة التي ينتظرها اللبنانيون، عن تفاصيل ما حصل وعلاقته مع المصارف، هو يملك المعلومات عن كل من شارك وساهم في حدوث الأزمة.

 

هذه فرصة للقضاء لإنصاف الشعب الذي سرقت حقوقه وجنى عمره، إذا حصل هذا سيُسجل للقضاء اللبناني إنجاز تاريخي.

 

نكرّر، أنّ المطلوب توسيع التحقيق ليشمل كل ممارسات المرحلة السابقة وللإجابة عن أسئلة أساسية بعدما رفضت المصارف الإجابة عن أسئلة أساسية وبديهية حول ما حصل للمال الذي إئتمنوا عليه، وهي وقاحة غير مسبوقة بأن تسلب أموال الناس التي كانت في عهدتك ولا تصارحها بحقيقة ما حصل.

 

فالموضوع لا يقتصر على مئات ملايين دولارات عمولة في ملف "أوبتيموم"، بل حقيقة اختفاء مبالغ باهظة من أموال المودعين.

 

وخصوصاً أنّ تقرير "ألفاريز" أشار إلى إخفاء مصرف لبنان معلومات عن لجنة التحقيق، بالتالي هو دور القضاء أن يكشف كل المعلومات، ونأمل التعاون الكامل من الحاكم الحالي وسيم منصوري للوصول إلى الحقائق الكاملة لسرقة العصر التي دمرت حياة الآلاف.

 

يجب أن تتم الإجابة عن أسئلتنا الأساسية:

 

• كم كانت الودائع التي لدى كل مصرف؟

• كم أخذ منها المصرف المركزي؟ وفي أي تاريخ؟ وبناءً على أي قانون؟

• كم أرجع المصرف المركزي منها وفي أي تواريخ، وخصوصاً أنّ حاكم المصرف صرّح لـ"هنا بيروت" في حزيران 2022، أنّه أعطى المصارف 24 مليار دولار بين عامَي 2017 وآذار 2022؟

• كم أعطاها المصرف المركزي فوائد؟

• هل أجبرها المصرف المركزي على الاستثمار؟ وبناءً على أي قوانين؟ أم أنّ سحب الودائع تمّ بالتراضي بين الطرفَين؟

 

كما يجب أن تتم مساءلة رياض سلامة عن تصريحاته في الإعلام، فهو قال لقناة الحدث في 2020: "لن نسمح بإفلاس المصارف، ويُمكن للودائع أن تعود لأصحابها كما هي، بعيداً من الشعبوية". وفي العام 2020 صرّح بالآتي: "لتوفير الودائع لعملائها، على المصارف أن تطبّق بدقة تعاميم المصرف المركزي، فقد حان الوقت لتتحمّل المصارف والمساهمون مسؤولياتهم في إعادة تكوين التزاماتهم. نحن نعتقد أنّه لا توجد ضرورة أبداً ولا يجب اعتماد الـ"هيركات" (خفض القيمة). بالعكس الكلام عن الـ"هيركات" وهذه الطروحات هي بالفعل ترعب المودعين وتؤخّر إعادة اضطلاع القطاع المصرفي بدوره بتمويل الاقتصاد. نحن نطمئن اللبنانيّين ونؤكد للبنانيّين أنّ ودائعهم موجودة وهي بالقطاع المصرفي ويتم استعمالها".

 

كلها تصريحات من الشخص الذي يملك كل تفاصيل المركزي والمصارف، وهذه التصريحات توحي بأنّ المصارف كانت قادرة على إعادة الودائع في تلك المرحلة، وإذا جمعنا بين هذه التصريحات ورفض المصارف الكشف عن أوراقها واستمرارها بتقليص الودائع بطرق غير قانونية، نستنتج أن المصارف وبتغطية من المصرف المركزي سرقت أموال الناس واغتنت على حساب حقوق المودعين. حان الوقت لمحاسبة الجميع على هذه الجريمة.

 

والأفظع أنّه في 2021 صرّح للحدث: "مصرف لبنان لا يملك حسابات لناس بل لمصارف، والقانون لا يسمح بالإفصاح عن أسماء الناس الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج، إلّا أنّنا نعتبر هذا الأمر غير أخلاقي لكنه قانوني". وأنّ "التحويل للخارج ليس تهريباً أو مخالفاً، لكنّ استعمال النفوذ في التحويلات أمر غير أخلاقي، مؤكداً أنّ تحويلات الأموال للخارج لا تمر بمصرف لبنان".

 

هذا أقصى مستوى للوقاحة، وليسمح لنا الحاكم، هذا لا يُصنّف في خانة غير الاخلاقي بل هي جريمة، وخصوصاً في التحويلات التي تمّت بعد 17 تشرين، فكيف يسمح للمصارف بوضع ضوابط للسحب في الداخل ويمنع الناس من الحصول على ودائعها، لكنّه لا يلاحق عمليات التحويل للخارج؟ هذه سرقة موصوفة تمت بإشراف الحاكم وبتنفيذ مباشر من المصارف اللبنانية وبتواطؤ السلطة الحاكمة.

 

كل ذلك يجب أن يكون في صلب التحقيقات والمساءلة والمحاسبة لكل من تواطأ وشارك ونفذ.

 

ونتمنى على الإعلام اللبناني أن يواكب المرحلة بمهنية واحترافية، وأن يقف مع حقوق الناس ضدّ السارقين وليس العكس كما يحصل حالياً، فما زال الإعلام اللبناني خجولاً إزاء ما يحصل باستثناء البعض، إنّ إصرار بعض الإعلام الوقوف في صف من ضيّع حقوق الناس يجعلهم شركاء في الجريمة التي وقعت.

 

ختاماً، لو وُجدت الشفافية لم نكن بحاجة لخوض هذا الجدال، ولم نكن في مستوى التعتير الذي وصلنا إليه.

theme::common.loader_icon