قام مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ويليام بيرنز، بمحاولة أخيرة لدفع محادثات غزة قبل الانتخابات الأميركية الأسبوع المقبل. زار كبار المفاوضين في إدارة بايدن الشرق الأوسط، أمس، في محاولة دبلوماسية أخيرة قبل الانتخابات الأميركية، على الرغم من أنّ الآمال لم تكن مرتفعة بشأن التوصّل إلى اتفاقات سريعة لوقف القتال.
في الوقت الذي تخوض فيه إسرائيل معركة ضدّ «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان، التقى ويليام ج. بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية وأحد كبار المفاوضين الأميركيِّين، بمسؤولين في القاهرة أمس، بما في ذلك الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.
في الوقت عينه، أجرى منسق الرئيس بايدن لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، ومبعوثه الفعلي للصراع مع «حزب الله»، آموس هوكشتاين، محادثات في إسرائيل مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.
كان الغرض من الاجتماعات تهدئة الحرب في غزة ولبنان، وفقاً لبيانات بعض الحكومات المعنية. لكنّ التقدّم في محادثات وقف إطلاق النار يبدو غير مرجّح في الأيام المقبلة، مع اقتراب موعد الانتخابات يوم الثلاثاء في الولايات المتحدة، ومواقف الأطراف المختلفة التي تعبّر عن تردّدها في تقديم تنازلات.
أفاد مسؤولون مطّلعون على التفكير الداخلي في إسرائيل، تحدّثوا بشرط عدم الكشف عن هويّتهم لمناقشة الديبلوماسية الحساسة، بأنّ نتنياهو ينتظر رؤية نتائج الانتخابات قبل الالتزام بمسار ديبلوماسي. كما رفضت «حماس» مقترحات لوقف موقت لإطلاق النار في غزة، لأنّها لن تنظر إلّا في إنهاء دائم للقتال.
في القاهرة، ناقش بيرنز والسيسي «سبُل دفع المفاوضات قدماً» نحو وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى المحتجزين في غزة مقابل الأسرى الفلسطينيِّين المحتجزين في إسرائيل، بحسب بيان صادر عن مكتب الرئيس المصري. لا يزال حوالى 100 رهينة أسروا في هجوم «حماس» في إسرائيل في تشرين الأول 2023 محتجزين في غزة، ويعتقد المسؤولون الإسرائيليّون أنّ حوالى ثلثَيهم ما زالوا على قيد الحياة.
في وقت سابق من الأسبوع، وخلال محادثات بين مبعوثين من إسرائيل والولايات المتحدة والدولتَين الوسيطتَين لـ»حماس»، مصر وقطر، برزت مقترحات محتملة لوقف إطلاق نار موقت في غزة قد يؤدّي إلى عودة مجموعة صغيرة من الرهائن.
كان من المتوقع أن تركّز مناقشات بيرنز في القاهرة على تحسين تلك المقترحات المقلّصة، التي يأمل المسؤولون الأميركيّون أن تدفع كلاً من إسرائيل و»حماس» إلى تليين مواقفهما على الأقل، والسماح باستئناف المفاوضات بجدّية بعد أشهر من الفشل المتكرّر.
ما زالت نسخ متعدّدة من مقترح غزة المحتمل قيد المناقشة. تتضمّن إحداها إطلاق سراح الرهائن النساء مع الذكور المحتجزين فوق سنّ الـ50 مقابل عدد محدّد من الأسرى الفلسطينيِّين، وفقاً لشخص مطلع على المناقشات، تحدّث أيضاً بشرط عدم الكشف عن هويته. في هذه النسخة، سيتوقف القتال في غزة لفترة من الوقت، لكنّها قد تكون أقل من الأسابيع الستة التي تمّ تصوّرها في صفقة سابقة كان المفاوضون يسعون إليها. في اتفاقية مقترحة أخرى، ستطلق «حماس» سراح 4 رهائن على مدار حوالى 10 أيام، وفقاً لمسؤول ثانٍ مطلع على المفاوضات. وأعلنت وزارة الدفاع أنّ غالانت ناقش مع المبعوثَين الأميركيَّين النزاع مع «حزب الله» في لبنان وجهود تحرير الرهائن. في واشنطن والشرق الأوسط، يظل المسؤولون متشائمين بشأن قبول «حماس» لأي من الصفقات الجديدة، إذ كرّروا مراراً أنّهم سينظرون فقط في صفقة تنهي الحرب بشكل دائم - وهو موقف أعاد تأكيده المتحدّث باسم «حماس»، طاهر النونو، أمس في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، مضيفاً أنّ «حماس تدعم إنهاء الحرب بشكل دائم وليس موقتاً».
يعتقد بعض المسؤولين الأميركيِّين أنّ قادة «حماس»، مثل بعض المسؤولين الإسرائيليِّين، يرَون الانتظار مفيداً. تضخّم النزاع القديم بين إسرائيل و»حزب الله»، الذي تجدّد عندما بدأت الجماعة المسلحة المتمركزة في لبنان بإطلاق النار على مواقع إسرائيلية تضامناً مع «حماس» في غزة، من تبادل النار المنتظم، لكن المحصور نسبياً، إلى عمليات برّية وضربات جوية إسرائيلية داخل لبنان.
واصل «حزب الله» أيضاً هجماته على أهداف إسرائيلية. وأمس، كشف مسؤولون محليّون في المطلة، شمال إسرائيل، أنّ مقذوفات أُطلقت من لبنان أصابت منطقة زراعية، ممّا أسفر عن مقتل 4 عمال أجانب ومزارع إسرائيلي.
كما أسفر صاروخ منفصل عن مقتل شخصَين في بستان زيتون، وفقاً لخدمة الطوارئ الإسرائيلية. وأدّت الهجمات عبر الحدود إلى إجبار عشرات الآلاف من الأشخاص في إسرائيل وأكثر من مليون في لبنان على إخلاء منازلهم.
بعد اجتماع نتنياهو مع المسؤولين الأميركيِّين، أصدر مكتبه بياناً ركّز على الصراع مع «حزب الله»، مشدّداً على حاجة إسرائيل إلى «إحباط أي تهديد لأمنها من لبنان، بطريقة تعيد سكاننا بأمان إلى منازلهم». ولم يتضمّن البيان أي إشارة إلى غزة.
الأربعاء، نُشِرَ مقترح مسودة لوقف إطلاق النار لمواجهة القتال مع «حزب الله» من قِبل وسائل الإعلام الإسرائيلية، ممّا دفع المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، شون سافيت، إلى التحذير من ضرورة التعامل بحذر مع هذه التقارير، مضيفاً أنّ «هناك العديد من التقارير والمسودات التي يتمّ تداولها. إنّها لا تعكس حالة المفاوضات الحالية».
أشارت المسودة إلى أنّ «حزب الله» سيبتعد عن الحدود بين إسرائيل ولبنان وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي صدر عام 2006، لكنّه لم يُنفّذ قط. كما اقترحت أنّ يحل الجيش اللبناني، الذي تراجع دوره بفعل هيمنة «حزب الله» في جنوب لبنان خلال العقود الأخيرة، مكانه، ممّا يمنع «حزب الله» من إعادة التسلّح.
وأوضح محلّلون أنّ «حزب الله» سيرفض هذا الترتيب، ممّا يشير إلى أنّه من غير المرجّح أن يكتسب زخماً. ويرى قاسم قصير، المحلّل القريب من «حزب الله»، أنّه «من المبكر جداً مناقشة هذه النقاط، وأعتقد أنّ «حزب الله» لن يقبل بها».