

أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أنّه سيُعلن هذا الأسبوع عن رسوم جمركية جديدة على أشباه الموصلات، وذلك في إطار تحقيق تجاري يتعلق بالأمن القومي.
هذه الخطوة من شأنها أن ترفع كلفة استيراد الرقائق، وهي مكوّن أساسي في الأجهزة الإلكترونية والسيارات والألعاب وسلع أخرى. وتعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على أشباه الموصلات القادمة من تايوان وغيرها من دول آسيا، وهو اعتماد وصفه كل من الديمقراطيِّين والجمهوريِّين بأنّه يمثل خطراً كبيراً على الأمن القومي.
وجادل ترامب بأنّ فرض الرسوم الجمركية سيُشجّع الشركات على إنتاج مزيد من الرقائق داخل البلاد، على رغم من أنّ بعض المنتقدين شكّكوا في مدى فعالية الرسوم في إعادة توطين صناعة تتمركز بشكل رئيسي في آسيا. وأكّد إنّ الرسوم الجمركية على الإلكترونيات «سيُعلن عنها قريباً جداً»، لكنّه أشار إلى أنّه قد يكون هناك مجال للاستثناءات.
وأضاف ترامب، أمس، عندما سُئل عن تلك الاستثناءات المحتملة: «أنا شخص مرن جداً. لا أغيّر رأيي، لكنّي مرن»، مؤكداً أنّه تحدّث مع الرئيس التنفيذي لشركة «آبل»، تيم كوك، و»ساعده» مؤخّراً.
تأتي هذه التدابير بعد أن غيّر ترامب مساره بشكل مفاجئ، في ما يتعلق بفرض الضرائب على الواردات الإلكترونية في الأيام القليلة الماضية. ففي خضم خلاف مع الصين، رفع ترامب الأسبوع الماضي الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى حدٍ صادم وصل إلى 145% كحدٍ أدنى، قبل أن يُعفي يوم الجمعة الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب المحمولة والتلفزيونات وغيرها من الإلكترونيات من هذه الرسوم. وتُشكّل هذه السلع حوالي ربع الواردات الأميركية من الصين.
وقد جادلت الإدارة بأنّ هذه الخطوة كانت «توضيحاً» فحسب، قائلةً إنّ تلك الإلكترونيات ستُدرج ضمن نطاق التحقيق الأمني القومي المتعلق بالرقائق. لكنّ مسؤولي الصناعة والمحللين شكّكوا في ما إذا كانت الدوافع الحقيقية للإدارة تتعلق فعلاً بالأمن القومي، أم أنّها محاولة لتجنب ردّ فعل شعبي على الارتفاع الحاد في أسعار العديد من الإلكترونيات الاستهلاكية - أو لمساعدة شركات تكنولوجية مثل «آبل»، التي تواصلت مع البيت الأبيض في الأيام الأخيرة لتُجادل بأنّ هذه الرسوم ستضرّ بها.
وأوضح الرئيس للصحافيِّين: «كلّما ارتفعت الرسوم الجمركية، كلّما جاءوا أسرع. نحن لم نعد نُنتج أدوية بأنفسنا»، في إشارة إلى توقيت وأساليب فرض رسوم جديدة على أشباه الموصلات وكذلك على الأدوية، وهي صناعة أخرى يسعى إلى جذبها إلى الولايات المتحدة.
ورفع ترامب وخفض العديد من معدّلات الرسوم الجمركية بشكل مفاجئ خلال الأسبوع الماضي، ممّا أثار اضطرابات في الأسواق المالية وغيّر من ملامح اللعبة للشركات على مستوى العالم. وكان قد أعلن في 2 نيسان عن برنامج رسوم جمركية عالمية «متبادلة»، تضمّن فرض رسوم مرتفعة على دول تصنّع العديد من الإلكترونيات، مثل فيتنام. لكن، وبعد اضطراب في سوق السندات، أوقف تنفيذ تلك الرسوم العالمية لمدة 90 يوماً حتى تتمكن حكومته من إجراء مفاوضات تجارية مع دول أخرى.
وقد جاءت تلك الضرائب على الواردات بالإضافة إلى رسوم جمركية أخرى فرضها ترامب على مجموعة متنوّعة من القطاعات والدول، بما في ذلك رسوم بنسبة 10% على جميع الواردات الأميركية، و25% على الفولاذ والألمنيوم والسيارات، و25% على العديد من السلع القادمة من كندا والمكسيك. وبالمجمل، رفعت هذه الإجراءات الرسوم الجمركية الأميركية إلى مستويات لم تُشهد منذ أكثر من قرن.
ومن المتوقع أن تُفرض رسوم أشباه الموصلات بموجب «البند 232» من قانون توسيع التجارة لعام 1962، الذي يسمح للرئيس بفرض رسوم جمركية لحماية الأمن القومي الأميركي. وقد استخدم الرئيس هذه الصلاحية القانونية لفرض رسوم على الفولاذ والألمنيوم والسيارات المستوردة. وتستخدم الإدارة هذا التفويض أيضاً لإجراء تحقيقات في واردات الأخشاب والنحاس، ومن المتوقع أن تبدأ قريباً تحقيقاً يتعلق بالأدوية.
واعتبر كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض، إنّ رسوم الرقائق ضرورية من أجل الأمن القومي: «المثال الذي أحب أن أستخدمه هو: إذا كان لديك مدفع، لكنّك تحصل على القذائف من خصم لك، فلو وقع أي نزاع، قد تنفد منك القذائف. لذلك، يمكنك فرض رسوم على القذائف». وقد جادل ترامب بأنّ فرض رسوم على الرقائق سيدفع الشركات إلى نقل مصانعها إلى الولايات المتحدة. لكن بعض المنتقدين شكّكوا في مدى جدوى هذه الرسوم لدعم الصناعة الأميركية، خصوصاً في ظل تهديد إدارة ترامب بسحب المنح المقدّمة لمصانع الرقائق بموجب إدارة بايدن. كما أنّ حكومات أجنبية مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، جميعها تدعم صناعة أشباه الموصلات بشكل كبير من خلال أدوات مثل المنح والإعفاءات الضريبية.
على الصعيد العالمي، من المقرّر افتتاح 105 مصانع جديدة للرقائق، أو ما يُعرف بـ«فابس»، بحلول عام 2028، وفقاً لبيانات جمعتها منظمة SEMI، وهي جمعية لموردي أشباه الموصلات العالميِّين. ومن بين هذه المصانع، هناك 15 مصنعاً مخططاً لها في الولايات المتحدة، بينما يتمركز الباقي في آسيا.








