كيف نضج أرسنال في ليلة قد تغيّر كل شيء؟
كيف نضج أرسنال في ليلة قد تغيّر كل شيء؟
اخبار مباشرة
إيمي لورانس- نيويورك تايمز
Thursday, 10-Apr-2025 06:06

على إحدى المنصّات خارج ملعب «الإمارات»، قُربَ الساعة الشهيرة القديمة، زُيِّن عمل فني ضخم يُظهر مجموعة من الشبان الطموحين يَسيرون نحو علم كُتِبَ عليه «الفرصة»، ثم يعودون وقد نضجوا تحت علم كُتب عليه «العظمة». سكب لاعبو أرسنال قلوبهم وأرواحهم لصنع ليلة تجسّد روح العصر: عندما كانت الفرصة في متناول أيديهم، حوّلوها إلى عظمة. بالنسبة إلى الفريق، كانت لحظة نضج حقيقية.

الموضوع الرئيسي في مواجهة ريال مدريد، في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا والفوز 3-0، الذي غرسه المدرب الإسباني ميكيل أرتيتا في لاعبيه، هو اغتنام اللحظة. «اجعلوها تحدُث. لحظات سحرية».

 

يتطلّب الأمر الكثير من مجموعة لاعبين يتوقون إلى الفوز بلقب كبير، لا يملكون بعد تلك التجربة المشتركة، ويواجهون خصماً مرعباً مع غياب لاعبين أساسيِّين في تشكيلتهم، ليكون لديهم الشجاعة وليس فقط الرغبة، بل الفعل أيضاً.

 

هذا ما كان على المحك حين انطلق بوكايو ساكا نحو الداخل ليفوز بركلة حرّة وتبادل حديثاً سريعاً مع ديكلان رايس، بينما كانا يَحومان فوق الكرة. في هذا العصر الذي تُدار فيه كرة القدم بأدق التفاصيل وبالتحضير المُسبَق، قرّر لاعبو أرسنال أن يأخذوا زمام المبادرة بأنفسهم. جعلوها تحدث. لحظات سحرية. هل كانت تلك الكلمات تدور في أذهانهم؟

 

أشار نيكو غوفر، المتخصِّص في الكرات الثابتة في أرسنال، إلى تنفيذ عرضية، فكشف روى رايس لـ«أمازون برايم»: «بوكايو قال: إذا شعرت بها. وقد شعر بها تماماً. الشجاعة غلبت التعليمات. الغريزة أزاحت قوانين الاحتمالات جانباً. وبضربة من قدمه، غيّر رايس، بأسلوب مدهش، مسار مباراة كانت على المحك.

 

كما يمكن لأي شخص عانى من محاولات أرسنال غير الفعّالة في تنفيذ الركلات الحرّة المباشرة خلال السنوات الماضية أن يشهد - أقرّ أرتيتا بعد المباراة إنّه أول هدف للفريق من هذا النوع منذ أيلول 2021 - فقد بدا النجاح كأنّه ضربٌ من السحر فعلاً. فماذا يمكن أن يكون أكثر تأثيراً من تكرار تلك الضربة السحرية مرّة أخرى للتأكيد؟ الهدف الثاني لرايس جاء بتنفيذ أنيق لدرجة أنّ حارس المرمى العملاق تيبو كورتوا لم يستطع الاقتراب منه.

 

فجأة، بدا أنّ أرسنال أصبح يتمتع بثقة جديدة. تحرّر من بعض التحفظ الذي طغى على الشوط الأول. وأمطَر مرمى ريال بالتسديدات - بعضها تصدّى له الحارس، وبعضها أُبعِد من على الخط - ثم ختم النتيجة بلمسة نهائية رائعة لميكيل ميرينو.

 

في كل أرجاء الملعب، بدا أنّ لاعبي أرسنال يَنمُون أمام أعيُن الجماهير المبتهجة، وأكّد أرتيتا: «عندما تلعب بهذه الطريقة وتُقدِّم هذا الأداء، فأنت بحاجة لأفراد في أعلى مستوى، وجميعهم ارتقوا بالمباراة إلى مستوى مختلف».

 

القصص الخلفية لبعض هذه الأداءات جعلت ما حدث أكثر إثارة للدهشة. خذ مثلاً ياكوب كِيوِيُور، الذي كان تحت الضغط لتعويض غياب غابرييل مغلهاييساس المؤثر. كِيوِيُور جلس على مقاعد البدلاء من دون أن يلعب لمدة 3 أشهر طويلة في الدوري الإنكليزي، لكنّه كان يقظاً وقدّم تدخّلات مهمّة.

 

يورين تيمبر، الذي انضمّ إلى أرسنال وتعرّض سريعاً إلى إصابة في الرباط الصليبي الأمامي كلّفته تقريباً موسماً كاملاً، كان في أفضل حالاته القتالية، مستمتعاً بالمسؤولية.

 

مايلز لويس-سكالي (18 عاماً)، الذي كان محطّ الأنظار منذ ظهوره، أظهر جرأة وشجاعة دفعتا فريقه طوال المباراة. مساهمته كانت هائلة.

 

أمّا ميرينو، الذي بدأ مسيرته في أرسنال بشكل معقّد، فأعاد ابتكار نفسه من خلال استعداده للتعلّم، وأضاف تهديداً هجومياً إلى أخلاقياته في العمل. ساكا، على رغم من أنّه لم يكن في كامل لياقته بعد جراحة في أوتار الركبة، ألحق الأذى بمدريد وقاد فريقه بمثالية.

 

حتى كيران تييرني، الذي بدا فائضاً عن الحاجة هذا الموسم، دخل كبديل في الجهة اليسرى وقدّم أداءً حماسياً استمتع به.

 

استلهم الفريق بأكمله من روح جماعية سمحت له بصنع ما يمكن اعتباره أكثر ليلة إثارة للإعجاب على ملعب «الإمارات»، منذ أن انتقل إليه أرسنال قبل نحو 20 عاماً.

 

بين الحين والآخر، تمرّ الفرق بتجارب مِحوَرية تُغيِّر نظام معتقداتها بالكامل. مهما حدث على ملعب «سانتياغو برنابيو» في مدريد الأسبوع المقبل، فإنّ أرسنال قد قفز قفزة نوعية في تطوّره. لم يمضِ وقت طويل منذ أن كان خارج المسابقات الأوروبية تماماً. ثم جاء عصر الدوري الأوروبي. بعدها، شقّ طريقه مجدّداً نحو دوري الأبطال، في البداية بتردّد، ثم شيئاً فشيئاً، حاول التقدّم أكثر في البطولة.

 

بشكل عام، كان موسم 2024-2025 مليئاً بالمشكلات، شائباً بعدد من الإصابات المُزَعزِعة وقرارات تحكيمية غريبة أثّرت على مجريات المباريات، ممّا حال دون إيجاد الفريق لإيقاعه الطبيعي أو الزخم الذي يمكن أن يبني عليه تحدّياً مقنعاً في الـ«بريميرليغ».

 

في بعض الأوقات، ربما شعر مشجّعو أرسنال ولاعبوه وجهازه الفني بأنّهم يُريدون إيقاف الموسم والخروج منه. دوري الأبطال منحهم لحظات مشرقة، وكانت هذه أبرزها.

 

الأسابيع القليلة المقبلة ستكشف المزيد عن تأثير هذا الفوز بالتحديد، وتحدّث أرتيتا بكل الكلمات المناسبة عن كون هذه المواجهة ما زالت في شوطها الأول، وقد تحمل تقلّبات قادمة. لكن أياً كانت النتائج، فإنّ أرسنال قد حدّد لنفسه معياراً جديداً لما هو ممكن: الفوز 3-0 على بطل أوروبا الأكثر تتويجاً، ليس نتيجة تحدث كثيراً.

 

حاول أرتيتا وضع الأمور في سياقها بعد المباراة: «أعرف كَم من العمل وكَم من القرارات اتُخِذت من قِبل الكثير من الأشخاص في هذا النادي لنعيش الليلة التي عشناها. قلتُ لهم: شكراً جزيلاً. الآن علينا الذهاب إلى «برنابيو» والقيام بذلك هناك، وسيكون ذلك خطوة أخرى. لا يزال هناك الكثير لنفعله هنا».

theme::common.loader_icon