أخصائية تغذية


في السنوات الأخيرة، أصبح من الواضح أن التغذية لا تقتصر فقط على توفير الطاقة والفيتامينات للجسم، بل يمكن أن تحتوي بعض الأطعمة على مركّبات نشطة تؤثر على المناعة وحتى على الفيروسات. في هذا السياق، نُشرت دراسة جديدة في مجلة Molecular Therapy (2025) قد تفتح بابًا غير تقليدي في هذا المجال: استخدام علكة مصنوعة من بروتين نباتي للحد من العدوى الفيروسية في الفم.
الفكرة باختصار هي أن العلماء استخدموا بروتينًا طبيعيًا يُستخرج من نوع من البقوليات يُعرف باسم الفاصولياء البنفسجية، وتمت إضافته إلى علكة مصنوعة بمواصفات طبية. هذا البروتين يُعرف باسم FRIL، وله قدرة على "اصطياد" الفيروسات، أي الالتصاق بها وتكتيلها مع بعضها، مما يمنعها من إصابة خلايا الجسم.
الدراسة أظهرت أن هذه العلكة استطاعت أن تقلّل من وجود فيروس الهربس البسيط (النوعين 1 و2) وفيروسات الإنفلونزا (H1N1 و H3N2) بشكل ملحوظ، بنسبة وصلت إلى أكثر من 90% في بعض الحالات. والأهم أن البروتين ظل فعّالًا لأكثر من عامين داخل العلكة دون أن يتأثر بدرجة الحرارة أو الرطوبة، كما أطلق كميته المفيدة خلال 15 دقيقة فقط من المضغ.
ما علاقة ذلك بالتغذية؟
هذا النوع من البحث يُظهر كيف يمكن لبعض المكوّنات الغذائية أن تتحول من مجرد "غذاء" إلى "أداة صحية". الفاصولياء البنفسجية، مثلها مثل باقي البقوليات كالفاصولياء البيضاء، والعدس، والحمص، تحتوي على بروتينات معقدة ليست فقط غنية بالعناصر الغذائية، بل قد يكون لها تأثيرات بيولوجية مثل مقاومة الفيروسات أو دعم المناعة.
في عالم التغذية، هناك مصطلح يُعرف بـ"الأغذية الوظيفية"، أي الأطعمة التي تقدم فوائد إضافية تتجاوز القيمة الغذائية التقليدية. ومن أمثلتها: اللبن المدعّم بالبروبيوتيك لتحسين الهضم، أو الشاي الأخضر الغني بمضادات الأكسدة، أو حتى الثوم المعروف بدوره في دعم المناعة. والآن، يبدو أن الفاصولياء البنفسجية قد تنضم إلى هذه القائمة.
كيف يمكن أن يؤثر ذلك على حياتنا اليومية؟
الفكرة ليست في استبدال الأدوية بعلكة، بل في توسيع دائرة التفكير حول كيف يمكن للغذاء أن يساهم في الوقاية، خصوصًا في الأماكن التي يصعب فيها الوصول إلى اللقاحات أو العلاجات. مثلًا، إذا ثبُتت فعالية هذه العلكة في دراسات بشرية، فقد تصبح خيارًا وقائيًا بسيطًا يُستخدم في الأماكن العامة أو خلال فترات انتشار الإنفلونزا الموسمية.
كما أن هذا النوع من الأبحاث يشجع على العودة إلى المصادر الطبيعية مثل النباتات والبقول، ليس فقط لتقليل السعرات أو دعم القلب، بل أيضًا كوسيلة محتملة للمساهمة في الحد من العدوى.
ختامًا
الدراسة لا تزال في مراحلها الأولى، لكنّها تفتح آفاقًا جديدة للتفكير في دور البروتينات النباتية داخل التغذية العلاجية أو الوقائية. وهي تذكّرنا بأن المكونات البسيطة الموجودة في أطعمتنا، مثل البقوليات، قد تحمل في طياتها قدرات غير متوقعة، لا تتوقف عند تغذية الجسم، بل ربما تساعده على مقاومة الفيروسات أيضًا.








