ربع نهائي «الأبطال»: تحليل قمّتَين في السباق على الجائزة الكبرى
ربع نهائي «الأبطال»: تحليل قمّتَين في السباق على الجائزة الكبرى
اخبار مباشرة
مارك كاري، توم هاريس، وليام ثارم- نيويورك تايمز
Tuesday, 08-Apr-2025 07:07
مباريات دوري أبطال أوروبا في نيسان لا تعني سوى شيء واحد: نحن نقترب من المرحلة الحاسمة من أعلى مسابقة كروية في أوروبا لموسم جديد. وعلى رغم من أنّ الشكل الموسع شهد تنافس 36 نادياً عبر مرحلة دوري أوسع، إلّا أنّ عنصر الألفة قد عاد خلال مراحل خروج المغلوب، إذ وصلت 6 من فرق الثمانية الكبار في الموسم الماضي إلى ربع النهائي مرّة أخرى. أستون فيلا وإنتر هما التغييران الوحيدان، بدلاً من مانشستر سيتي وأتلتيكو مدريد.

وفقاً لنموذج التوقعات الخاص بـOpta، فإنّ برشلونة يُعتبر المرشح بنسبة 20% للفوز بالكأس في ميونيخ على ملعب «أليانز أرينا» في أيار، إذ يتفوّق فريق هانسي فليك على أرسنال - بفارق طفيف للغاية - باعتباره «أقوى» فريق متبقٍ في البطولة، وفقاً لتصنيفات القوة من Opta، التي تُقيِّم أكثر من 13,000 نادٍ في العالم بناءً على النتائج، ويمثل الصفر أسوأ تقييم و100 أفضلها.

 

بايرن ميونيخ ضدّ إنتر

تاريخ أوروبي حقيقي، وتكرار لنهائي 2010، عندما فاز إنتر 2-0 وحقق ثلاثية تاريخية تحت قيادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو في موسمه الأخير مع «نيراتزوري».

إنتر يسير على خطى تكرار هذا الإنجاز. فعلى رغم من التعادل المُخيِّب 2-2 مع بارما نهاية الأسبوع، لا يزال رجال سيموني إنزاغي في صدارة الدوري، وتعادل في ذهاب نصف نهائي كأس إيطاليا أمام الجار ميلان المتكافئ بنتيجة 1-1، إلى جانب بلوغه ربع النهائي الأوروبي.

قد لا يعتبر البعض إنتر مرشحاً للتأهل إلى نصف النهائي أو الفوز بالبطولة، لكن من المفيد تسليط الضوء على مدى صلابته قارياً: استقبل هدفاً واحداً فقط خلال 8 مباريات في الدور الأول، وهو الرقم الأقل بين جميع الفرق، و5 مباريات بشباك نظيفة متتالية في بداية مشواره تُمثل أطول سلسلة نظافة شباك في تاريخه القاري منذ أوائل الستينات.

تشكيلة إنزاغي 3-5-2 مليئة بالتناوب السلس في جميع أنحاء الملعب، لا سيما بين قلوب الدفاع العريضة، الذين يُمنحون الحرّية للتقدّم إلى الأمام عندما تسنح الفرصة. هذه التناوبات مبنية على أسلوب يسعى إلى تمديد دفاع الخصم على طول وعرض الملعب، مع اعتبار الظهيرَين فيديريكو دي ماركو ودينزل دمفريس من الأسلحة الهجومية الأساسية.

 

يسعى إنتر إلى تمرير الكرة إلى القنوات الواسعة عند دخول الثلث الأخير - ما يجبر خط دفاع الخصم على التمدّد - قبل إعادة تمرير الكرة إلى منطقة المهاجم الدائم التهديد، لاوتارو مارتينيز.

 

مرونة إنتر في الاستحواذ قد تكون مفيدة تحديداً عند محاولة تجاوز ضغط بايرن العنيف. إذ لم يُسجِّل أي فريق في دوري الأبطال متوسط ضغط عالي الكثافة في الثلث الأخير أكثر من بايرن، بـ121,8 ضغطة لكل مباراة، إذ يعتمد عادةً على الجودة الفردية لتطبيق رقابة لصيقة.

 

ومع ذلك، كانت الاستراتيجية قابلة للكسر قارياً، إذ خسر بايرن 4-1 ضدّ مضيفه برشلونة في تشرين الأول، يوم فُكِّك فريق المدرب الجديد فينسان كومباني مع هروب خصومه من ضغط الرقابة الفردية. في الحقيقة، تعثر بايرن في الدور الأول، فأجبرته الخسائر أمام أستون فيلا، برشلونة، وفينورد على خوض ملحق ضدّ سلتيك للوصول إلى دور الـ16.

 

ومع ذلك، فإنّ بايرن يملك أحد أقوى الدفاعات في أوروبا، إذ يبلغ معدّل الأهداف المتوقعة ضدّه من دون ركلات جزاء 0,65 لكل 90 دقيقة (الأفضل في الدوريات الأوروبية الـ4 الكبرى). فذلك، لا يعتمد فقط على منع الخصم من التسديد، بل أيضاً من دخول الثلث الهجومي من الأساس.

 

هجومياً، يأتي التهديد الواضح من هاري كين، الذي يُعدّ أخطر مهاجم في أوروبا. أهدافه العشرة ضعف ما سجّله أقرب زملائه (مايكل أوليزي، 5) في دوري الأبطال، لكن من المفيد ملاحظة كيف يُفضّل بايرن إدخال الكرة إلى منطقة الخطر. لم يحاول أي فريق في البطولة لعب عرضيات من اللعب المفتوح أكثر من بايرن (192)، كما أنّه أكثر مَن سجّل رأسيات (7).

 

وغالبًا ما تأتي العرضيات من تحرّكات أوليزي إلى الداخل باستخدام قدمه اليسرى القوية أو من تمريرات مائلة من جوشوا كيميش من نصف المساحة.

 

مع تصدّر كل من بايرن وإنتر لدورياتهما المحلية، فإنّ الفارق في الجودة بين الفريقَين ضئيل للغاية. كلاهما يملك حجة قوية للوصول إلى نصف النهائي، مع الكثير من التكتيكات التي من المتوقع أن تتكشف.

 

أرسنال ضدّ ريال مدريد

تصفّح سريع لكتب التاريخ يُظهر أنّ أرسنال لم يُهزَم أمام ريال مدريد (بطل أوروبا 15 مرّة) في المباريات الرسمية. لكنّ الشرط هنا أنّ الفريقَين التقيا مرّة واحدة فقط من قبل: في ثمن نهائي موسم 2005-06، حين فاز أرسنال 1-0 في مجموع المباراتَين قبل أن يخسر النهائي أمام برشلونة.

 

من المحتمل أن يكون المدرب ميكيل أرتيتا أكثر سعادة بمواجهة ريال بدلاً من الجار أتلتيكو، بعد أن تجاوز فريق كارلو أنشيلوتي «روخيبلانكوس» بركلات الترجيح في ظروف مثيرة للجدل. وكان من الممكن أن تكون كتلة أتلتيكو الدفاعية الصلبة أكثر إحباطاً لأرسنال، بالنظر إلى صعوبة الفريق في اختراق الدفاعات.

 

اللعب ضدّ ريال في مباراة أكثر انفتاحاً قد يناسب أرسنال، حتى لو شُكِّك في حدّة هجومه في الـ»بريميرليغ». ومع الإصابات في الخط الأمامي، لا تزال مساهمة لاعب الوسط ميكيل ميرينو كمهاجم وهمي، بعيدة من المثالية. لكن هناك تراجعاً ملحوظاً في قدرة أرسنال على صناعة الفرص.

كان لدى أرسنال معدّل 43% من استحواذاته تنتهي بتسديدة الموسم الماضي، لكنّه انخفض إلى 36%. ومن الإنصاف القول إنّ تسجيل الأهداف لم يكن مشكلة كبيرة قارياً، إذ سحق سبورتينغ لشبونة وأيندهوفن 5-1 و7-1 توالياً، بالإضافة إلى انتصارَين 3-0 على ضيفَيه موناكو ودينامو زغرب، ما يدل إلى قدرته على التألق تحت الأضواء.

 

القلق يكمن في أحدث إصابة عضلية ضربت صفوفه، فاستُبعِد غابرييل مغلهاييساس لبقية الموسم، ما أدّى إلى تفكّك شراكته القوية مع ويليام صليبا في قلب الدفاع. الخبر السار لجماهير أرسنال هو عودة بوكايو ساكا بعد غياب طويل بسبب إصابة في العضلة الخلفية. ومع عودة الظهير الأيمن بن وايت أيضاً، ومشاركته ضدّ إيفرتون، فقد نشهد عودة مثلث الجانب الأيمن المفضّل لأرتيتا إذا شارك ساكا وأوديغارد معه.

 

هذا الثلاثي كان من أكثر الشبكات استقراراً في الـ»بريميرليغ»، لكنّ عدد المباريات التي بدأ فيها الثلاثة معاً انخفض بشكل حاد مقارنةً بالموسمَين السابقَين.

دفاعياً، أرسنال قوي كأي فريق في القارة، ويبلغ معدّل الأهداف المتوقعة ضدّه من دون ركلات جزاء 0,79 لكل 90 دقيقة، وهو ثالث أفضل معدّل في الدوريات الأوروبية الـ4 الكبرى.

 

ومع ذلك، فإنّ أسلوب ريال مدريد الهجومي غير المتوقع، والعفوي أحياناً، قد منحهم زخماً لا يمكن إيقافه في عدة مناسبات. يمكنه تمزيق أي دفاع بفضل السرعة والمراوغة في الخط الأمامي، وقوة بيلينغهام وفالفيردي في الوسط.

 

نهج أنشيلوتي أقل ارتباطاً بالهياكل الصارمة وأكثر اعتماداً على منح مهاجميه النجوم الحرّية للتبادل، مع ثقته في قدرة لاعبيه على اتخاذ القرارات في البناء وصناعة التفوّق العددي في المناطق الخطرة.

في مواجهة مانشستر سيتي في ملحق ثمن النهائي، عندما وصلت الكرة إلى فيرلاند ميندي من ركلة مرمى قصيرة، اندفع لاعبو الوسط الثلاثة إلى جهة واحدة. هذه التحرّكات الجذرية عادةً ما تساعد في تجميع أفضل اللاعبين في المبارزات الفردية، والمراوغين، وصانعي اللعب في جانب واحد، فيمكنهم التمرير بسرعة، وغالباً ما ينجحون في الهروب من الزحام والتوجّه نحو المرمى.

 

زعزع ذلك استقرار سيتي، وتفوّق لاعبي ريال عددياً في معركة الاستحواذ قبل أن تصل الكرة إلى فينيسيوس جونيور. وبحركة حادة، تخلّص البرازيلي من روبن دياز، قبل أن يمرّر كرة غريزية إلى مبابي ورودريغو في الجانب المقابل.

 

بعد الارتجال في البناء، تؤدّي حرية الحركة إلى امتصاص ضغط سيتي، قبل أن ينتقل ريال بسرعة إلى المساحة على الجانب الآخر. مع تفضيل مبابي وفينيسيوس جونيور للجناح الأيسر، فليس من المفاجئ رؤية معظم دخول ريال إلى منطقة الجزاء يأتي من هذا الجانب. بيلينغهام أيضاً سعيد بالنزول إلى نصف المساحة اليسرى، حيث يمكنه إرسال عرضيات إلى القائم البعيد أو تمريرات بينية داخل المنطقة لزملائه. كما أنّه يمثل خطورة عند التسلّل داخل منطقة الـ6 ياردات.

 

على رغم من كل هذه الجودة والتفرّد الهجومي، فإنّ ريال يعاني في المناطق الخلفية. تعادله 4-4 ضدّ ريال سوسيداد (أحد أضعف الفرق تهديفاً في «لاليغا») في كأس الملك، يُلخّص موسماً شهد لحظات تألق غطّت على مشكلات بنيوية صارخة في فريق مائل هجومياً.

قلّل وصول مبابي من فعالية ضغط ريال، إذ اعتمد أنشيلوتي على رسم 4-4-2 الذي يمكن اختراقه بسهولة، فمُزِّق بوحشية 4-0 و5-2 ضدّ برشلونة، الذي تمكن باستمرار من إيجاد لاعب خلف خط الوسط الرباعي.

هناك نقاط ضعف يمكن لأرسنال استغلالها في هذه المواجهة (لا سيما من الكرات الثابتة)، لكنّ المفتاح سيكون في منع الفوضى المفتوحة من طرف إلى طرف التي يفضّلها ريال، خصوصاً ضد دفاع أرتيتا المتهالك.

theme::common.loader_icon