تغيير مثير للجدل: المشرّعون الإسرائيليّون لاختيار القضاة
تغيير مثير للجدل: المشرّعون الإسرائيليّون لاختيار القضاة
اخبار مباشرة
آرون بوكسرمان- نيويورك تايمز
Friday, 28-Mar-2025 05:34

أقرّت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أمس، تشريعاً يمنح السياسيِّين مزيداً من السيطرة على اختيار القضاة، في إطار جهود مثيرة للجدل لإعادة هيكلة السلطة القضائية الإسرائيلية، التي سبّبت اضطرابات في البلاد قبل الحرب مع «حماس».

صوّت البرلمان الإسرائيلي، المؤلف من 120 مقعداً، على تمرير قانونَين بعد نقاش استمر طوال الليل، وسط مقاطعة واسعة من المعارضة. ويُعيد التشريع تشكيل اللجنة التي تختار القضاة، بمَن فيهم قضاة المحكمة العليا، بطريقة يرى منتقدوها أنّها ستؤدّي إلى تسييس القضاء.

 

يمثل هذا القانون استئنافاً لجهود استمرّت عامَين من قِبل حكومة نتنياهو لتوسيع سيطرتها على الفروع الأخرى من الحكومة. قبل أن تشنّ «حماس» هجومها في تشرين الأول 2023، ما أدّى إلى اندلاع الحرب في غزة، كان نتنياهو قد حاول تمرير تشريعات مماثلة وسط احتجاجات جماهيرية واسعة، لكنّه أوقف هذه المحاولة حفاظاً على وحدة البلاد خلال زمن الحرب.

 

الآن، عاد نتنياهو إلى مشروع الإصلاح القضائي، إلى جانب جهود متزامنة لإضعاف هيئات رقابية أخرى في الدولة، بما في ذلك محاولاته لإقالة كل من المستشار القضائي للحكومة ورئيس جهاز الأمن الداخلي.

 

وعلى رغم من أنّ القانونَين اللذين أُقرِّا كانا أقل شمولاً من المقترحات الأصلية المطروحة من الحكومة، فإنّها لا تزال تُهدّد بإشعال موجة الغضب التي اجتاحت البلاد قبل الحرب، حتى في الوقت الذي تشهد فيه إسرائيل و«حماس» جولة جديدة من القتال في غزة.

 

الأربعاء، تجمّع حشود من المتظاهرين خارج مبنى البرلمان في القدس للاحتجاج على التشريع، ولوّحوا بالأعلام الإسرائيلية. لكن في إشارة إلى كيفية تقسيم الحرب لأولويات معارضي نتنياهو، حمل العديد منهم لافتات تطالب بإبرام صفقة فورية مع «حماس» للإفراج عن الرهائن المتبقين في غزة.

 

داخل مبنى البرلمان، ألقى نتنياهو خطاباً نارياً زعم فيه أنّ سياسات حكومته ستُشكّل تصحيحاً ضرورياً طال انتظاره لمواجهة ما وصفه بـ«الدولة العميقة» غير المنتخبة، مستخدماً خطاباً مشابهاً لما يردّده الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتوجّه نتنياهو للنواب بالقول: «الديمقراطية ليست في خطر. ما هو في خطر هو حكم البيروقراطيِّين. الدولة العميقة في خطر».

 

وعلى عكس الولايات المتحدة، في إسرائيل، تتمتع لجنة واحدة مكوّنة من 9 أعضاء بسلطة قانونية لتعيين القضاة، بمَن فيهم قضاة المحكمة العليا. ولضمان استقلالية القضاء، كان 5 من هؤلاء الأعضاء إمّا قضاة حاليِّين في المحكمة العليا أو محامين خبراء من نقابة المحامين الإسرائيلية، بينما كان الأعضاء الـ4 الباقون من السياسيِّين الذين يمثلون الائتلاف الحاكم والمعارضة.

 

لكنّ ائتلاف نتنياهو سعى منذ فترة طويلة إلى منح نفسه مزيداً من النفوذ داخل اللجنة، ممّا سيُمكّنه من تشكيل الجيل القادم من القضاة. وكان وزير العدل ياريف ليفين، الذي خطّط لإصلاح النظام القضائي، قد اقترح في البداية قانوناً يمنح الائتلاف سيطرة شبه كاملة على اللجنة. ويرى المعارضون أنّ منح الائتلاف الحاكم نفوذاً أكبر في اختيار القضاة الذين يراجعون تشريعاته، سيُزيل أحد القيود القليلة المفروضة على السلطة التنفيذية في إسرائيل، وهي دولة مركزية للغاية ولا تمتلك دستوراً رسمياً. وقد قدّم ليفين القانون باعتباره حلاً وسطاً لا يصل إلى المستوى الذي كان يخشاه منتقدو الحكومة في البداية. فوفقاً للنظام الجديد، سيُستبدَل الخبيران القانونيَّان من نقابة المحامين الإسرائيلية بعضوَين سياسيَّين - أحدهما من الائتلاف الحاكم والآخر من المعارضة.

 

علاوة على ذلك، بينما كان اختيار قاضٍ جديد للمحكمة العليا يتطلّب سابقاً أغلبية ساحقة من 7 أعضاء، فإنّ التشريع الجديد يسمح بالاختيار عبر أغلبية بسيطة فقط، ممّا يمنح السياسيِّين ومندوبيهم مساحة أكبر للمناورة.

 

واعتبر يديديا شتيرن، أستاذ القانون الذي سعى إلى التوسط في حل وسطي بشأن الإصلاح القضائي، إنّ هذه التغييرات لا تزال تؤدّي إلى تسييس عملية اختيار القضاة، ممّا قد يُشجّع على تعيين قضاة أكثر تطرّفاً في المحكمة العليا. وأضاف، أنّ السياسيِّين ومندوبيهم سيمتلكون الآن 6 مقاعد من أصل 9 في اللجنة، ممّا يعني أنّ اختيار القضاة سيُصبح على الأرجح مسألة مساومات سياسية. وأشار شتيرن إلى أنّ حكومة نتنياهو، من خلال تنفيذ عدة تحرّكات مثيرة للجدل في وقت واحد، تسعى إلى إرهاق الجمهور الإسرائيلي المشتت بالفعل بسبب الحرب، بهدف منع أي ردّ فعل فعّال.

 

الأسبوع الماضي، أقال نتنياهو رونين بار، رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، قائلاً إنّه لم يَعُد يَثق به. وقاد تحقيقاً في التدخّل القطري المحتمل في عملية صنع القرار الإسرائيلي، بما في ذلك داخل مكتب نتنياهو نفسه.

theme::common.loader_icon