لعبٌ على حافة الهاوية
لعبٌ على حافة الهاوية
اخبار مباشرة
عماد مرمل
Tuesday, 25-Mar-2025 05:57

ما بين ولادة اتفاق وقف إطلاق النار والمراحل التطبيقية المتعثرة له، يمرّ لبنان في مرحلة انتقالية صعبة ودقيقة، تتطلّب أعلى درجات الحكمة والحنكة في التعامل معها لعبورها بسلام إلى ضفة تثبيت الإستقرار.

تشتد الضغوط السياسية والعسكرية على الدولة اللبنانية لدفعها إلى اعتماد مسارات محفوفة بالمخاطر، خصوصاً على مستويَي محاولة استدراجها إلى ترتيبات معيّنة مع الكيان الإسرائيلي تقترب من حدود التطبيع، ودفعها إلى معالجة ملف سلاح «حزب الله» تحت ضغط التهويل بتجديد الحرب الواسعة، وسط انقسام داخلي حاد عكسته مواقف بعض القوى السياسية.

 

وضمن هذا السياق، رفع عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب غسان حاصباني سقف الخطاب السياسي لـ«القوات اللبنانية»، عبر دعوته صراحةً الجيش إلى نزع سلاح «حزب الله» بالتراضي أو بالقوة، حتى لو أدّى ذلك إلى وقوع مواجهة بينه وبين الحزب، «وإلّا ستُلزَّم هذه العملية للإسرائيلي جنوباً والسوري شرقاً».

 

ومن الواضح أنّ الخطاب المشار إليه يذهب في مخاطرة اللعب على حافة الهاوية إلى الحدود القصوى، مفترضاً أنّ اللحظة الحالية تنطوي على الفرصة الأنسب لفرض وقائع جديدة وتغيير موازين القوى الداخلية مع الحزب، في ظل زخم خارجي كبير، خصوصاً أميركي، يحظى به هذا المشروع.

 

وقد أبلغ مصدر رسمي إلى «الجمهورية» استغرابه موقف «القوات» الذي عكسه حاصباني، لافتاً إلى أنّه «إذا كانت الخصومة السياسية مشروعة ومفهومة على وقع الخلاف الحاد حول مصير السلاح، إلّا أنّها يجب أن تبقى محكومة بضوابط، ولا ينبغي أن تصل مفاعيلها إلى حيث وصل النائب «القواتي» في طرحه».

 

ويُحذِّر المصدر من أنّ مطالبة الجيش بمواجهة «حزب الله» عسكرياً هي ليست سوى دعوة إلى حرب أهلية، ووصفة نموذجية لفتنة داخلية من شأنها أن تُدخِل لبنان في نفق المجهول، لا في ممرّ الحلول.

 

ويلفت المصدر إلى أنّ ما تطلبه «القوات» من الجيش يفوق طاقته على التحمّل، معتبراً أنّ حضّه على نزع سلاح الحزب ولو باستخدام القوة العسكرية هو طرح لا يأخذ في الحسبان حساسية تركيبته ربطاً بخصوصية الواقع اللبناني المستند إلى توازنات مرهفة، تنعكس على مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة العسكرية.

 

بناءً عليه، يُنبِّه المصدر إلى أنّ مَن يدفع الجيش في اتجاه التقاتل مع أحد المكوّنات اللبنانية إنّما يُغامر بتهديد وحدته وتعريضه إلى الإنقسام، بمعزل عمّا إذا كانت هذه المغامرة غير المحسوبة ستؤدّي أصلاً إلى نزع السلاح أم لا.

 

ويُشير المصدر إلى أنّ «القوات» التي خاضت تجربة القتال بينها وبين الجيش، واختبرت تداعياتها على المجتمع المسيحي والمؤسسة العسكرية، يُفترض أن تكون آخر مَن يمكن أن يدعو إلى استنساخ تلك التجربة في مقاربة إشكالية داخلية راهنة، وذلك استناداً إلى الدروس والعِبَر المستخرجة منها.

 

وينقل المصدر عن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون تحذيره، عندما كان قائداً للجيش، من أنّ أي مواجهة مسلّحة مع «حزب الله» ستؤدّي إلى حرب أهلية، ما يُبيِّن تحسّسه بمحاذير الإنزلاق إلى مثل هذا الأمر.

 

ويؤكّد المصدر أنّ المستفيد الوحيد من أي معركة يخوضها الجيش ضدّ «حزب الله» هو حصراً الكيان الإسرائيلي الذي ما انفكّ يحاول منذ وقت طويل، وبكل الوسائل التحريضية الممكنة، جرّ الطرفَين إلى مثل هذا الصدام، «ذلك أنّ ليس هناك أفضل بالنسبة إلى تل أبيب من أن يتولّى الجيش تأدية المهمّة التي لم تستطع هي تنفيذها خلال الحروب المتلاحقة التي خاضتها ضدّ لبنان على رغم من كل الترسانة العسكرية التي تملكها».

 

وتبعاً للمصدر الرسمي نفسه، فإنّ لدى الجيش والحزب من الحكمة ما يكفي لتفادي الإنزلاق إلى أي نزاع مسلّح، مهما اشتدّ الضغط عليهما، «وهما على تنسيق تام في منطقة جنوب الليطاني تطبيقاً لاتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701».

 

ويُشير المصدر إلى أنّ هناك قراراً واضحاً لدى قيادة الحزب بدعم دور الجيش، سواء على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة أو على الحدود الشرقية مع سوريا، وأي سوء تفاهم طارئ قد يحصل على الأرض يُحاصر ويُعالَج في حينه من دون السماح بأن يترك آثاراً سلبية على جوهر العلاقة التي تربط الطرفَين.

 

ويعتبر المصدر، أنّ الضغوط الأميركية والإسرائيلية على لبنان، مهما اشتدّت، تبقى أقل وطأة وكلفة من فاتورة الحرب الداخلية وتداعياتها.

 

ووفق المصدر، ينبغي أن يُناقش مستقبل السلاح ضمن إطار الحوار على الاستراتيجية الدفاعية وفي سياق متطلبات الأجندة اللبنانية بعيداً من أي أجندة خارجية.

theme::common.loader_icon