
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، أمين سر البطريرك الأب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان_حريصا الأب فادي تابت، الأب جورج يرق، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات،وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان: "إنّ ابني هذا كان ميتًا فعاش، وضالًّا فوُجد"، قال خلالها: "إنّ فحوى إنجيل هذا الأحد هو وحدة العائلة التي انكسرت بانفصال الإبن الأصغر عنها مع حصّته من ميراث أبيه، وعادت فتألّفت بعودته إلى البيت الوالديّ. وجلست معًا تتنعّم وتغتبط حول مائدة الفرح. هذا المثل الإنجيليّ يُطبّق على العائلة الدمويّة، والعائلة الوطنيّة. هذا ما عبّر عنه فخامة رئيس الجمهوريّة في كلمته الوجدانيّة على مائدة الإفطار في القصر الجمهوريّ منذ ثلاثة أيّام (الخميس 20 آذار 2025)، انطلاقًا من عبارتين: الأولى من مقدّمة الدستور: "لا شرعية لأيِ سلطةٍ تناقضُ ميثاقَ العيشِ المشترك" (ي)، والثانية من المادّة 95: "رئيسُ الجمهورية هو رئيسُ الدولة ورمزُ وحدةِ الوطن". واستنتج فخامته من مقدّمة الدستور " أنّ شرعيةَ أيِ سلطةٍ في لبنانَ الكيانِ والوطنِ والدولة، هي في أن نكونَ معًا ... أن نُصلّي معًا... أن نقاومَ معًا.... وأن نفرحَ معًا ونحزنَ معًا". واستنتج من المادّة 95: " أن يكونَ رئيسُ الجمهورية رمزَ وحدةِ الوطن" يعني أن يكون هو والجميع تحت سقف دولتِنا ووطنِنا وميثاقِنا. وحدتنا هي أغلى ما نملكُ ... وهي قوتُنا ... وسلاحُنا الأمضى، وثروتُنا الأغنى وخيرُنا الأبقى.... بوحدتنا – يقول فخامته. نُعيدُ بناءَ ما تدمّر...، ونزرعُ الفرحَ في عيونِ أبنائنا والأملَ في نفوسِهم".
ولفت إلى أن "كلمة فخامة الرئيس جديرة بأن تكون في يد كلّ مواطن وكلّ مسؤول في الدولة، لأنّها تقدّم التفسير الأفضل والأوضح والوجدانيّ لهاتين المادّتين من الدستور. إنّهما بمثابة دعوة لتنقية الذاكرة من رواسب الماضي المؤلم والجارح في آن. تمامًا كما دعانا القدّيس البابا يوحنّا بولس الثاني في إرشاده الرسوليّ: "رجاء جديد للبنان"، حيث كتب: "بعد سنين من الآلام وفترة الحرب الطويلة التي عرفها لبنان، يُدعى شعبه وسلطاته الحاكمة إلى القيام بمبادرات شجاعة ونبويّة في سبيل الغفران وتنقية الذاكرة. من المؤكَّد أنه يجب إبقاء ذكرى ما حدث حيّة، كي لا يتكرّر ذلك أبداً. ولئلا يتسلط، بعد الآن البغض والظلم على أمم بأسرها ويدفعان بها إلى أعمال تبرّرها وتنظّمها أيديولوجيات ترتكز على ذاتها أكثر منها على حقيقة الإنسان. لا يمكن إعادة بناء مجتمع، ما لم يسعَ كلّ من أفراده، وعائلاته ومختلف الجماعات التي تؤلّفه، إلى الخروج من العلاقات النزاعيّة التي وصمت زمن العنف، وإلى إخماد كل رغبةٍ في الانتقام." (الفقرة 114). لقد آن الأوان لنبدأ معًا في تنقية الذاكرة عبر الحوار الصادق الصريح والعمل على التقارب وتعزيز المشاركة المتوازنة في الحكم والإدارة، بهدف خلاص لبنان وإعادة بنائه وطن الرسالة. وهذا يقتضي العمل معًا "في الأمور الجوهريّة بالوحدة، وفي العوارض بالحريّة، في جميع الأمور "بالمحبّة" (القدّيس أوغسطينوس). إنّ تنقية الذاكرة أمرٌ شجاع ومتجرّد في آن. لكنّها ضروريّة للجميع لأنّها المدخل الوحيد إلى الوحدة الوطنيّة والاستقرار النفسيّ والأمنيّ والاجتماعيّ".







