

إحدى أولى الكلمات التي استخدمها مورغان روجرز لوصف المدرب الألماني توماس توخيل كانت «الهالة». لم يلتقِ روجرز بتوخيل شخصياً إلّا لأول مرّة في سانت جورج بارك يوم الاثنين. كان لاعب وسط أستون فيلا الهجومي قد أجرى مكالمة فيديو مع المدرب الجديد لإنكلترا، منذ أن تولّى الأخير منصبه في الأول من كانون الثاني، يوم قدّم المدرب الألماني نفسه كما فعل مع عشرات اللاعبين الإنكليز الآخرين.
لكن لم يكن روجرز (22 عاماً)، الذي خاض أول مباراة دولية له مع المنتخب الأول في تشرين الثاني تحت قيادة المدرب الموقت لي كارزلي، قد وصل إلى معسكر تدريب إنكلترا حتى أتيحت له الفرصة لقضاء الوقت مع الفريق التدريبي الجديد. وتأثر بطريقة توخيل في التعامل، وكيف كان يشعّ ثقة هادئة، ويُلهم الاحترام بشكل طبيعي.
وأكّد روجرز محاولاً التفسير: «الحضور مختلف بعض الشيء. المدربون المختلفون لديهم طرق مختلفة. هالته شيء لم أختبره من قبل». تلك «الهالة» ضرورة مطلقة في حقبة توخيل.
لن يتمكن المشروع من الإقلاع إلّا إذا تبنّى اللاعبون مباشرةً ما يقدّمه قائدهم الجديد. مع اقتراب كأس العالم 2026، لا يوجد وقت للتعرّف التدريجي إلى بعضهم البعض، أو لاتخاذ خطوات أولية حذرة، أو لمواجهة صعوبات البداية أو فترات التعلّم. الالتزام يجب أن يكون عميقاً، لا لِبسَ فيه، وفوق كل شيء، فورياً.
إنّها الطريقة الوحيدة التي ستُمكِّن إنكلترا من الوصول إلى الهدف الذي حدّده توخيل. لم يشعر بأي إحراج أو غموض بشأن طموحه في وظيفته الجديدة: رفع كأس العالم بعد الفوز بالمباراة النهائية يوم 19 تموز 2026. يُريد إضافة نجمة ثانية فوق شعار منتخب إنكلترا.
استوعب اللاعبون الرسالة قبل مباريات التصفيات الأولى في دور المجموعات، كلتاهما في «ويمبلي»، ضدّ ألبانيا ولاتفيا. كانت الرسالة هي الخلاصة الرئيسة لاجتماع توخيل معهم. ومع تحديد هذا الهدف كنجمهم الهادئ، فإنّ كل شيء آخر يتعلق بكيفية تحقيقه.
واعتبر روجرز أنّ الفوز بكأس العالم: «هو الهدف الوحيد. كان واضحاً جداً وشفافاً بشأن ما يُريد القيام به، كيف يُريد القيام به، كيف يعتزم تحقيقه، ما يَراه فينا، وما نحتاج إلى تحسينه. كان الأمر مباشراً تماماً. هذا هو أسلوبه».
لم تبدأ الأمور بعد، لكن هذه الحملة الإنكليزية تبدو فعلاً مختلفة. عادةً ما يكون هناك أشهر من النقاش قبل كل بطولة حول ما إذا كانت إنكلترا قادرة على الفوز بها، وما إذا كان اللاعبون يعتقدون أنّهم يستطيعون الفوز، وكيف يمكنهم تحقيق التوازن بين الثقة والغرور. إنّه نقاش إنكليزي بامتياز، مثل الجدل حول ما إذا كان مقرّ إقامة الفريق خلال البطولة بعيداً جداً، مركزياً جداً، مملاً جداً، أو ممتعاً أكثر ممّا ينبغي. لكنّ توخيل (51 عاماً) قطع هذا الجدل تماماً منذ اليوم الأول.
يعلم المدرب السابق لبوروسيا دورتموند، تشلسي، باريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ، كم أنّ الوقت المتاح له للعمل على الأشياء المهمّة قليل. أحد المواضيع الرئيسة خلال الأيام الأولى مع اللاعبين هو مدى قصر الفترة التي سيُمضيها معهم، أي 60 يوماً فقط بين الآن، وبافتراض التأهل بحلول آذار 2026، وبداية الحملة في كأس العالم بعد 15 شهراً. وبالنظر إلى الالتزام بخوض المباريات والسفر، فهذا يعني أنّ هناك 24 يوماً تدريبياً فقط حتى أول مباراة لهم في الولايات المتحدة أو كندا أو المكسيك. إنّه العامل الحاسم في حقبة توخيل.
لطالما كان تدريب المنتخبات الوطنية متعلّقاً بكَيفية تحقيق أقصى استفادة من وقت التواصل المحدود مع اللاعبين. فهي ليست مشكلة يواجهها توخيل وحده. ماوريسيو بوتشيتينو، الذي تولّى تدريب الولايات المتحدة في تشرين الأول، في فترة زمنية مماثلة لتوخيل، شرح الأمر: «لدينا عَيبٌ واحد وميزة واحدة. العيب هو أنّه ليس لدينا وقت. الميزة هي أنّ اللاعبين يكونون في قمة تركيزهم. يختلف الأمر تماماً عن الأندية، من حيث التركيز والانضباط والطاقة التي يُكرِّسونها عندما ينضمّون».
التحدّي بالنسبة إلى توخيل هو استغلال التركيز المكثف خلال فترته المحدودة مع اللاعبين، والاستفادة من كل دقيقة لتشكيلهم في «أخوية» جديدة تهدف للوصول إلى نهائي كأس العالم، وتعليمهم أسلوب لعب جديداً عدوانياً بدنياً لتحقيق ذلك. ويرى روجرز أنّ «كل لحظة مهمّة، كل حصة تدريبية مهمّة».
ربما يكون أكثر ما كشفه توخيل منذ تولّيه المنصب هو أنّه سيُعطي اللاعبين «دورة مكثّفة» في أسلوبه في كرة القدم. كان هذا أكثر تصريح بدا وكأنّه نقيض لأسلوب غاريث ساوثغيت. كانت حقبة ساوثغيت تدور حول التغيير الثقافي الدقيق، وبناء هوية وأسلوب جديدَين بطريقة منهجية. كان هذا هدفه الأساسي، وحتى من دون تحقيق لقب، عندما استقال في تموز. بعد نحو 8 سنوات، كانت مهمّته لا تزال ذات مغزى وناجحة ومهمّة للغاية.
أكّد توخيل أنّ هذه حقبة جديدة بالكامل من خلال بعض التعليقات الصريحة جداً حول معاناة إنكلترا في يورو 2024. كان من السهل عليه أن يمدح أداءهم ويمضي قدماً، لكنّه بدلاً من ذلك شرح بالتفصيل كيف شعر بـ»التوتر والضغط» داخل معسكر إنكلترا حتى أثناء مشاهدتهم على التلفاز. استنتاجه - أنّ إنكلترا كانت «أكثر خَوفاً من الخسارة ممّا كانت متحمّسة للفوز» - كان بمثابة إدانة واضحة.
من الواضح أنّ توخيل ليس ساوثغيت. لم يقضِ سنوات داخل الاتحاد الإنكليزي، يعمل في تطوير النخبة ثم يدرب منتخباً تحت 21 عاماً قبل أن يتولّى المنصب الأعلى. ليس لديه التزام مدى الحياة بجعل اللاعبين الإنكليز فائزين وتغيير صورتهم حول العالم. ليس لديه تاريخ شخصي مع المنتخب الإنكليزي، ولا يسعى إلى الخلاص الشخصي في النهاية. بالنسبة إلى توخيل، هذه ليست رسالة، إنّها مجرّد وظيفة، وتستمر لمدة 18 شهراً فقط.
لذلك، سيتعيّن على توخيل التحرّك بسرعة. لا أحد سيُطالبه بإبداء رأيه في القضايا الاجتماعية البعيدة عن عمله اليومي. لا أحد يتوقع منه أن يكون متحدّثاً باسم روح كرة القدم الوطنية. كل ما عليه فعله هو جعل اللاعبين الذين يختارهم ينسجمون معاً، ويؤمنون ببعضهم البعض. أن يجعلهم يؤمنون به. هذه هي مهمّة مدرب النخبة.
قد تنتهي هذه الرحلة حتى في ملعب «ميتلايف» في نيو جيرسي الصيف المقبل، مع تحوّل توخيل إلى الشخصية الأهم في تاريخ كرة القدم الإنكليزية. لكن إذا أراد أن يقترب من ذلك الهدف في يوم تموز المرتقب، فعليه أن يُنفِّذ كل شيء بسرعة خاطفة.






.jpg?w=260&h=190&fit=crop)

