داخل مجد نيوكاسل: رسالة شيرر، لافتة هاو، التكتيكات وعرض الشرائح
داخل مجد نيوكاسل: رسالة شيرر، لافتة هاو، التكتيكات وعرض الشرائح
اخبار مباشرة
جاكوب وايتهايد وكريس ووه- نيويورك تايمز
Tuesday, 18-Mar-2025 06:16
ليس خبراً أنّ إيدي هاو دقيق في التفاصيل. ربما من العدل أن نقول إنّه يتجاوز ذلك. فهو الأكثر هوَساً في مدينة مليئة بمَن هم مثله. بينما كان نيوكاسل يونايتد يحافظ على تقدّمه 1-0 في نهائي كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة، وعلى بُعد 45 دقيقة من كسر لعنة استمرّت 56 عاماً من دون ألقاب، لم يعتمد هاو على الكلمات وحدها في حديثه مع اللاعبين بين الشوطَين. لقد كان واثقاً من تحضيراته. لقد كان واثقاً من عرض الشرائح الخاص به.

عندما دخل اللاعبون إلى غرفة الملابس، بعد لحظات من تسجيل دان بيرن هدف التقدّم برأسه، كان هاو ينتظرهم بمعلومات تضمّنت الإحصائيات البدنية لمباريات نيوكاسل في الشهرَين الماضيَين، وأظهرت انخفاضاً ملحوظاً في الأداء عند بداية الشوط الثاني. فطلب من لاعبيه عدم تكرار ذلك في «ويمبلي».

 

بعد 53 دقيقة، اندفع نيوكاسل إلى الأمام من الجهة اليسرى، وسقطت تمريرة جايكوب ميرفي المرتدة عند أقدام ألكسندر إيزاك. كان المهاجم السويدي قد ألغيَ له هدف بسبب التسلّل قبل لحظات، لكن ليس هذه المرّة.

 

وجدت تسديدته الزاوية اليمنى لمرمى ليفربول، وباحتفاظه بالفوز 2-1، قفز هاو إلى مصافي أساطير نيوكاسل. إنّها قصة اليوم وخطة اللعب التي قادته إلى هناك.

قبل عامَين، غادر نيوكاسل «ويمبلي» بخيبة الخسارة 2-0 أمام مانشستر يونايتد. لم يكن ذلك اليوم يعكس أسلوبه - فقد كان باهتاً، خجولاً، ومفتقراً إلى العاطفة. لاحقاً، اعترف هاو بأنّه لم يكن في حالة ذهنية جيدة بعد المباراة.

لكنّ الخسارة كانت ذات مغزى، إذ جلبت الدروس والعزيمة. الشعار الذي انطلق من مركز تدريب نيوكاسل في بينتون كان بسيطاً لكنّه مؤثر: هذه المرّة، سيقوم بالأمور بشكل مختلف.

 

في رحلته الأخيرة إلى «ويمبلي»، كان اليوم طويلاً. أقام الفريق مقابل الملعب، وبدأ العد التنازلي للمباراة فور فتح الستائر. هذا العام، أبلغ هاو موظفي التخطيط اللوجستي للنادي بأهمية البقاء في مكان آخر - واختار فندقاً في هيرتفوردشاير، حيث يمكن قضاء صباح هادئ قبل التوجّه إلى الملعب بعد الظهر.

 

بالطبع، من المستحيل الهروب تماماً من مشاعر المدينة وتوقعاتها، خصوصاً عندما يُرسل أسطورة النادي والهدّاف التاريخي، آلان شيرر، رسالة نصّية إلى القائد برونو غيماريش، عشية المباراة. لم تكن رسالته عاطفية، بل كانت تعليمات واضحة: «أحضروا الكأس إلى الديار».

رُدِّدت هذه المشاعر من قِبل المشجعين، الذين أعادوا عرض لافتة من نصف نهائي أرسنال: «إنقضّوا عليهم»، التي أقرّ هاو شخصياً بأنّها لافتته المفضّلة، لأنّها تعكس المعايير الأساسية التي يُريد أن يلتزم بها فريقه.

 

حدّد مدربو نيوكاسل مبكراً أنّ ليفربول قد يكون ضعيفاً في الكرات الثابتة. لم تُحدَّد تشكيلته النهائية حتى بعد مباراة وست هام يوم الاثنين، لكن تدرّبوا على روتين الركلات الركنية طوال الأسبوعَين الماضيَين.

يشعر طاقم نيوكاسل بأنّ بيرن يجب أن يُسجّل المزيد من الأهداف من الكرات الثابتة نظراً لمميّزاته البدنية، وأكّدوا على أهمية توجيه الكرة إلى مناطق يكون فيها الأوفر حظاً للفوز بها.

بالتحرّك بعيداً من منطقة الـ6 ياردات، يُمكن لبيرن الاستفادة من دفاع ليفربول القائم على رقابة المنطقة. قد يكون تنفيذ الضربة الرأسية أصعب، لكنّه يضع بيرن في مواجهة لاعبين أصغر حجماً. في هذه الحالة، أليكسيس ماك أليستر - بدلاً من فيرجيل فان دايك أو إبراهيما كوناتي.

 

بعد 45 دقيقة، نجحت الخطة، إذ تخطّى بيرن ماك أليستر ليُسدّد برأسه بقوة في الشباك. كان أول هدف يُسجّله نيوكاسل في «ويمبلي» منذ 25 عاماً.

وأقرّ هاو لـ Sky Sports: «لو رأيتمونا في التدريبات، لظننتم أنّه ليس لدينا أي فرصة. دان سيكون أول مَن يعترف بأنّه لم يتدرّب بهذه الطريقة، لذا عندما سجّل، نظرنا أنا وجايسون (تيندال) إلى بعضنا البعض ولم نُصدِّق أنّه فعلها».

 

وضعها آرني سلوت بشكل أكثر صراحة: «لم أرَ في حياتي لاعباً يضرب الكرة برأسه، من هذه المسافة وبقوة كهذه، إلى الزاوية البعيدة. كل التقدير له. قلة من اللاعبين يمكنهم تسجيل هدف كهذا برأسهم من هذه المسافة».

إصابة لويس هول اعتُبرت ضربة كبيرة، لأنّه يشغل مركزاً فيه نقص بالخيارات بعد رحيل لويد كيلي إلى يوفنتوس. لكنّ المدربين العظماء هم مَن يتأقلمون عندما تفشل الخطة «أ»، فوجد هاو الإيجابيات في ما لديه.

 

عادةً، إشراك ظهير أيمن في مركز الظهير الأيسر لمواجهة محمد صلاح، الجناح الأيمن الأكثر تألقاً في العالم، سيكون قراراً خاطئاً تماماً.

مع ذلك، شعر الطاقم التدريبي لنيوكاسل بالتفاؤل بشأن تينو ليفرامنتو، الذي يُنظر إليه على أنّه مدافع فردي أفضل من هول، بفضل سرعته. بالإضافة إلى ذلك، شدّدوا على أنّ كونه يلعب بالقدم اليمنى قد يُشكّل ميزة. فإذا حاول صلاح الدخول إلى العمق، سيكون ليفرامنتو على قدمه اليمنى الأقوى للتصدّي له. وبمساعدة بيرن الذي كان مكلّفاً بالمساندة في الداخل، كان بإمكان ليفرامنتو إجبار صلاح على اللعب بعرض الملعب من دون خوف من العزل والانكشاف.

إعادة توظيف ليفرامنتو فتحت المجال أمام إدخال كيران تريبيير في مركز الظهير الأيمن، وهو يمتلك أفضل قدرة على تنفيذ الكرات الثابتة في الفريق. ومع استبعاد منفّذ الكرات المعتاد، أنطوني غوردون، بسبب الإيقاف، كان من المفهوم أنّ تريبيير كان سيشارك بغضّ النظر عن إصابة هول، نظراً لأهمية الكرات الثابتة لنيوكاسل. وبالفعل، صنعت عرضيّته هدف بيرن.

أمّا القرار الأساسي الآخر الذي واجهه هاو، فكان على الجناح الأيسر، إذ كان عليه تحديد بديل لغوردون. وبينما يتمتّع جو ويلوك بمعدّل عمل كبير عند فقدان الاستحواذ وقدرة خطيرة على حمل الكرة، قرّر هاو مبكراً أنّ خياره المفضّل هو هارفي بارنز.

كانت مباراة الاثنين ضدّ وست هام أول مشاركة أساسية للجناح منذ 3 أشهر، وأحبّ هاو ما رآه منه، إذ صنع بارنز الهدف الوحيد في اللقاء.

في الهجوم، كانت خطته تعتمد على الضغط على ظهيرَي ليفربول بدلاً من مواجهة قلبَي الدفاع ذوي المستوى العالي. كان إيزاك ينجرف إلى الجهة اليسرى، بينما يتحرّك بارنز إلى العمق. ما ترك الظهير الأيمن الموقت، جاريل كوانساه، في حيرة من أمره بشأن مَن يجب أن يراقبه، وزادت صعوبة مهمّته بتحرّكات داخلية أعمق من جولينتون وبرونو غيماريش، ممّا جعله معزولاً.

هذا بدوره أتاح الفرصة أمام ليفرامنتو للتقدّم بالكرة، وعلى رغم من كونه في الجهة الأضعف له، فقد كان لديه الوقت الكافي لاختيار عرضية صعبة بقدمه اليسرى، أسفرت عن الهدف الثاني لنيوكاسل، إذ تفوّق مورفي على الظهير الأيسر أندي روبرتسون، ليمهّد الكرة برأسه لإيزاك ليسجّل.

وعلى رغم من أنّها كانت اللمسات الإبداعية التي احتاجها نيوكاسل للتسجيل، فإنّها لم تكن السبب الأساسي وراء قدرته على المنافسة. يعود الفضل في ذلك إلى ثلاثي الوسط (ساندرو تونالي، غيماريش، وجولينتون). أمّا ليفربول، فلا بُدّ أنّهم شعروا أنّ قمصان نيوكاسل البيضاء والسوداء تشبه قضبان السجن.

قبل انطلاق المباراة، كان تونالي الوحيد في الفريقَين الذي أعاد سترته إلى عامل المعدّات مطوية بعناية. هذا التصرّف يُلخِّص لاعباً خرج من فوضى المباراة بتمريرات بسيطة جعلت نيوكاسل يتحرّك إلى الأمام بسلاسة.

أمّا غيماريش، فكرّس نفسه للفوز بالالتحامات في الوسط، حتى ضدّ اثنَين أو 3 لاعبين أحياناً، وبحلول صافرة النهاية، لم يكن لديه سوى دموعه ليقدّمها. لكنّ جولينتون كان القلب النابض لفوز نيوكاسل: لاعبٌ باتت مسيرته المهنية وتحوّله الكبير مرادفًا لهاو. إنّه أكبر نجاح فردي للمدرب.

بعد تعرّضه إلى إصابة في الركبة أوائل شباط، ممّا جعله يغيب عن إياب نصف النهائي، لم يُثبِت لياقته البدنية إلّا في هزيمة كأس الاتحاد أمام برايتون قبل أسبوعَين.

وعلى رغم من أنّ لياقته كانت متوقعة، لكن بقيَت هناك مخاوف. شعر طاقم نيوكاسل أنّ خطتهم لن تنجح إلّا إذا كان لاعب الوسط في كامل جاهزيّته. أراد هاو استغلال تفوّق خط وسطه البدني، فكان اللعب المباشر والقوة البدنية والتفوّق في الكرات الهوائية مطلباً أساسياً، وليس خياراً.

عندما أسقط جولينتون كوانساه عن الكرة في منتصف الشوط الأول، صارخاً نحو جماهير نيوكاسل، كان ذلك تجسيداً لطموح الفريق. تُحسم المباريات عبر سلسلة من الانتصارات الصغيرة التي تتراكم لتشكّل لحظات حاسمة، وهذه كانت مملكة جولينتون.

إحدى تلك اللحظات جاءت بعد دقيقة واحدة فقط من بداية الشوط الثاني، عندما كان نيوكاسل متقدماً بهدف واحد فقط، وديوغو جوتا على خط التماس يُمرّر كرة إلى الخلف. لكنّ جولينتون استمع إلى تعليمات هاو، إذا كان قد عاد من بدايته الكارثية في نيوكاسل، فهو قادر على الركض 40 ياردة في نهائي كأس، ليمنع تسديدة صلاح التي كانت في طريقها إلى المرمى.

 

وكانت هذه اللحظة الوحيدة التي شكّل فيها صلاح تهديداً حقيقياً. مع غياب ترينت ألكسندر-أرنولد، كان خيار ليفربول الأساسي لبناء اللعب، بعيداً من الكرات الطويلة العشوائية، هو تجاوز ضغط نيوكاسل الأولي واللعب عبر خط الوسط. لكنّهم لم يتمكنوا من ذلك أبداً؛ إذ عُزِل دومينيك سوبوسلاي تماماً تحت رقابة جولينتون، بينما حافظ هاو على تمركز جناحَيه بشكل ضيّق، ممّا سمح لغيماريش وتونالي بقراءة اللعب والفوز بالثنائيات بسهولة. فبقي صلاح مجرّد مطارد لكرات مرتدة بلا جدوى.

بحلول الوقت الذي شنّ فيه ليفربول محاولته الأخيرة، كان جولينتون راكعاً على الأرض، يُشير إلى السماء. أمّا غيماريش، فكان يبكي من دون توقف.

 

في المقصورة الملكية، كان مالك نيوكاسل ورئيس صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ياسر الرميان، يضرب على هاتفه لمدة 30 دقيقة بعد المباراة، يُرسل الرسائل الصوتية والمكتوبة. ينتظر نيوكاسل الموافقة السعودية على تطوير منشآته التدريبية وملعبه؛ والبطولة الفضية اللامعة تساعد في تسريع الأمور.

إذا كانت القرارات لا تزال تُدرس بشأن مستقبل نيوكاسل على المدى الطويل، فإنّ المدى القصير قد تحدّد بالفعل. سيتّجه اللاعبون إلى «بوكس بارك ويمبلي»، قبل أن يسافر أولئك الذين لم يلتحقوا بالمنتخب الإنكليزي، إلى دبي لمعسكر تدريب في الطقس الدافئ.

theme::common.loader_icon