من النادر أن يتفوّق جزء ثانٍ على الفيلم الأصلي، ولا يوجد مثال أسرع حضوراً إلى الذهن من Paddington، سلسلة الأفلام الحية التي تدور حول دُبّ أخرق لكنّه مهذب من البيرو ونشأ في لندن.
استناداً إلى كتب مايكل بوند، تبرز النسخة الأصلية، ولا سيما الجزء الثاني، بجاذبيّتها التي تخاطب جميع الأعمار - من الأطفال الذين تستهدفهم الأفلام إلى العدد الكبير من البالغين الذين يستمتعون بصدقها وإنسانيّتها وأناقتها.
يُعدّ فيلم Paddington in Peru، وهو محاولة ودودة لمواصلة هذا الاتجاه، انتقالاً لبطلنا إلى نوع أفلام المغامرات والحركة. ويجد الفيلم بادينغتون (بصوت بن ويشاو) في رحلة سفاري عبر غابة الأمازون التي شهدت طفولته، في مهمّة لإنقاذ عمّته لوسي (إميليدا ستونتون)، التي اختفت بطريقة غامضة من دار التقاعد.
إذا كان Paddington قائماً على الزلّات، وPaddington 2 على التهذيب المتواصل، فإنّ الجزء الثالث يُقدِّم رحلةً أكثر خصوصية لاكتشاف الذات. إنّها تجربة مألوفة نوعاً ما في البحث عن الروح، ويعاني السيناريو من قلة الدقة (في أحد المشاهد، يقول أحد الشخصيات بشكل صريح: «لقد وجدت نفسك»). ومع ذلك، لا تزال هذه التجربة ذات قيمة لبطلنا الفروي. أخيراً، ينتقل بادينغتون من كونه مصدر إزعاج إلى مستكشف طريق، ومن مجرّد محاولة التأقلم إلى تشكيل هويته الخاصة.
يبدأ الفيلم بإطلاعنا على مستجدات حياة عائلة براون في منزلهم اللندني الخلاب. أصبح الأطفال - الذين صاروا الآن في سنّ المراهقة - أكثر استقلالية، والسيدة براون (إميلي مورتيمر، التي تحل محل سالي هوكينز) تفتقد الأيام التي كانت فيها العائلة تقضي الوقت معاً. لذا، عندما يعلم بادينغتون أنّ لوسي في ورطة، تنتهز السيدة براون الفرصة لقضاء إجازة عائلية وتدفع بأسرتها إلى مهمّة إنقاذ في بيرو.
في أول تجربة إخراجية طويلة له، يوجّه المخرج دوغال ويلسون تحية للبالغين في القاعة من خلال تقديم قصة مباشرة محشوّة بالإشارات السينمائية.
في وقت مبكر من الفيلم، هناك مشهد غنائي تؤدي فيه الأم الرئيسة لدار التقاعد (أوليفيا كولمان) أغنية بمرح في تلميح واضح إلى The Sound of Music.
لاحقاً، تستوحي مشاهد الحركة أفكاراً من باستر كيتون وإنديانا جونز. ومن بين الشخصيات، يُجسّد أنطونيو بانديراس دور هانتر كابوت، وهو مرشد محلي للأنهار، تتسمّ مساعدته لعائلة براون بدوافع خفية.
أثناء متابعة حبكات هانتر تتكشف، يمكن للمشاهدين تقدير التحدّي الأساسي الذي يواجهه Paddington in Peru. كيف يمكنه مجاراة Paddington 2، في حين أنّ جزءاً كبيراً من سحر الأخير كان بفضل هيو غرانت، الذي لا أثر له هنا؟ وبدلاً من ذلك، يعتمد صُنّاع الفيلم على كولمان وبانديراس لسَدّ الفجوة، وعلى رغم من التزامهما بالحماس الجنوني، فإنّ عبثهما لا يمكنه استحضار ما سبق. فكما هو الحال مع الفروسية التي يتسمّ بها الدب الودود، من الصعب أن ترقى إلى مستوى التوقعات.
The Gorge
مايلز تيلر وأنيا تايلور-جوي لا يلتقيان بطريقة لطيفة تماماً في هذا الفيلم الحركي، لكنّهما يجدان الرومانسية إلى جانب الرعب.
في مكان ما في دول البلطيق، يُكلّف ليفي، الجندي الأميركي السابق في مشاة البحرية ويؤدّي دوره مايلز تيلر بلحية صغيرة، بحراسة مضيق. يُوضَع في برج مراقبة فاخر مرتفع، مزوَّد بوسائل معيشة مريحة، الكثير من الطعام، ورفوف كتب مليئة بالمؤلفات. وقد ترك السكان السابقون على الجدران اقتباسات مكتوبة بالطباشير من شخصيات مثل جان بول سارتر، وتي. إس. إليوت، وسيريل كونولي.
على الجانب الآخر من المضيق، يوجد برج مطابق. في هذا البرج تقيم دراسا (أنيا تايلور-جوي)، وهي عميلة ليتوانية ذات شعر داكن. نراها لأول مرّة أثناء زيارتها لوالدها عازف الأكوردِيون، بينما نرى ليفي يتعامل بلطف مع كلبه على الشاطئ، ممّا يوضح لنا أنهما شخصان طيبان. وعلى رغم من أنّ رؤساءهما في الاستخبارات يطلبون منهما أن يشكّا في بعضهما البعض، فإنّهما سرعان ما يجدان وسيلة للاقتراب جسدياً.
يأخذ فيلم The Gorge، الذي أخرجه سكوت ديريكسون وسيناريو زاك دين، فرضيّته غير المعقولة بالفعل ثم يقذف بها خارج نطاق التجسّس إلى عالم الخيال العلمي والرعب.
في قاع هذا المضيق، توجد مخلوقات تُعرف باسم «الرجال الجوف» (اقتباس آخر من إليوت!)، وتهاجم هذه الكائنات المخيفة بعد أن تبثّ دراسا موسيقى فرقة رامونز عبر الفجوة.
في هذه الأثناء، تكون قائدة ليفي، التي تلعب دورها سيغورني ويفر، تخطّط لأمر شرير، وتأمر بالقضاء على عميل سابق في المضيق. لكن على رغم من كل الأسلحة المعقّدة، وتصميم الإنتاج، والإثارة المحمومة التي تظهر في وقت لاحق، فإنّ الفيلم يتألّق أكثر عندما يتحوّل إلى ثنائية حيوية بين تايلور-جوي وتيلر، اللذين يأخذان مادتهما بجدّية تستحق الثناء، بغضّ النظر عن مدى سخافتها.