مانشيت "الجمهورية"- حراك رسمي وشعبي لانسحاب اسرائيل... البيت الأبيض: تمديد وقف النار حتى 18 شباط
مانشيت "الجمهورية"- حراك رسمي وشعبي لانسحاب اسرائيل... البيت الأبيض: تمديد وقف النار حتى 18 شباط
Monday, 27-Jan-2025 06:03

ما أن انبلج فجر أمس موعد انتهاء هدنة الـ60 يوماً للانسحاب الإسرائيلي من المنطقة الحدودية الجنوبية بموجب وقف إطلاق النار، وفي ظل تمنّع إسرائيل عن هذا الانسحاب، انطلق أبناء تلك المنطقة في زحف بشري للعودة إلى بلداتهم وقراهم بمؤازرة الجيش اللبناني وإجبار الإسرائيليين على الانسحاب منها، ووصل الزاحفون إلى المسافة صفر من المحتلين، وسقط في صفوفهم عشرات الشهداء والجرحى، بينهم عسكريون من الجيش، وذلك في مشهد أعاد إلى الأذهان ذلك الزحف البشري الذي شهدته تلك المناطق إثر اعلان وقف إطلاق النار وصدور القرار الدولي 1701 عام 2006. وقد أجمعت المراجع الرسمية والسياسية والدينية من كل الأطياف، على تأييد هذا الزحف والتنديد بالرفض الإسرائيلي للانسحاب، داعين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا الضامنتين لاتفاق وقف النار إلى تحمّل المسؤولية وإجبار إسرائيل على الانسحاب تنفيذاً لهذا الاتفاق.

وأعلن ​البيت الأبيض​ في بيان مساء امس، أنّ "اتفاق وقف إطلاق النّار بين ​لبنان​ وإسرائيل، الذي تراقبه الولايات المتّحدة الأميركيّة، سيبقى ساري المفعول حتى 18 شباط المقبل"، مشيرًا إلى أنّ "حكومات لبنان وإسرائيل والولايات المتّحدة ستبدأ أيضًا في مفاوضات في شأن عودة اللبنانيّين الذين تمّ أسرهم بعد 7 تشرين الأوّل 2023".

في غضون ذلك، طلب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "سحب قواته التي لا تزال منتشرة في لبنان"، وفق ما أفاد الإليزيه.

وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إنّ "رئيس الجمهورية شدّد أمام رئيس الوزراء على أهمية الّا يقوّض أي شيء جهود السلطات اللبنانية الجديدة لاستعادة سلطة الدولة على كامل أراضي بلادها".

وفي هذه الأثناء، قال المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي، إنّ "اليوم، سُحقت كلّ المعادلات السياسيّة والحسابات الماديّة أمام الشعب المؤمن والمخلص في جنوبي لبنان، الذي لم يَعْبَأ بالجيش الإسرائيلي الغاصب، وحمل روحه إلى الميدان بإيثار وثقة بالوعد الإلهي".

لا حسم مع ترامب

وقالت مصادر سياسية لـ"الجمهورية"، انّ في هذه المعمعة، يبدو مفصلياً موقف واشنطن. فهل ستستمر في تقديم الدعم غير المشروط لما تقوم به إسرائيل، كما كانت خلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن، علماً أنّ الرئيس دونالد ترامب كان قد أطلق تعهدات بدعم اتفاق وقف النار؟

وفي تقدير هذه المصادر السياسية، أنّ ترامب لم يحسم حتى الآن طريقة تعاطيه مع هذا الملف، وأنّه ربما يريد للولايات المتحدة الاميركية أن تتموضع في خانة المتفرج خلال هذه الفترة، لتختبر كيفية اتجاه التطورات على الأرض، فيتمكن من جسّ نبض الأطراف كافة. ومن هذا القبيل، هو أعلن عدم ممانعته لقرار نتنياهو البقاء في الجنوب اللبناني فترة إضافية، ولم يطالبه بالتزام الموعد المحدّد، أي مهلة الـ60 يوماً، بدقة.

وقالت المصادر نفسها، إنّ ترامب يتبلّغ بالتأكيد، وبشكل متتابع، تقارير وافية عن مسار اتفاق وقف النار من رئاسة لجنة المراقبة، بقيادتها الأميركية. وتالياً، هو يدرك أنّ الجيش اللبناني يقوم تماماً بكل ما يتوجب عليه، لجهة تسلّم المواقع من "حزب الله"، وأنّه قادر على الانتشار حتى الخط الأزرق، لو انسحب الجيش الإسرائيلي، لكن ذلك لم يحصل. ولذلك، تقول المصادر، إنّ الجهود اللبنانية الرسمية يجب أن تتركّز في المرحلة المقبلة على دفع الولايات المتحدة الاميركية إلى الضغط فعلياً على إسرائيل كي تسهّل تنفيذ الاتفاق.

دلالات

وإلى ذلك، قالت أوساط سياسية على صلة بالملف الجنوبي لـ"الجمهورية"، انّ التحرك الشعبي الواسع الذي حصل في المنطقة الحدودية أمس انطوى على الدلالات الآتية:

ـ الرفض القاطع لبقاء الاحتلال الإسرائيلي في اي بلدة جنوبية تحت أي ذريعة، ومهما كانت كلفة هذا الخيار، بعد انتهاء مهلة الـ60 يوماً.

ـ نجاح الجيش اللبناني في مواكبة العائدين والدخول معهم إلى عدد من البلدات المحتلة، حيث وقف جنوده وجهاً لوجه أمام قوات العدو في أكثر من مكان.

ـ وضع الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار والضامنة له تحت الضغط، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.

ـ إثبات جدوى المقاومة الشعبية وفعاليتها في مواجهة الاحتلال الذي واجهه الناس العائدون من المسافة صفر باللحم الحي.

ـ حضّ الدولة اللبنانية على استخدام كل وسائل الضغط الممكنة لإلزام الجيش الإسرائيلي باستكمال انسحابه، والبناء على زخم الإرادة الشعبية لتفعيل المعركة الديبلوماسية.

ـ تظهير موقف رسمي موحّد وحاضن لانتفاضة الناس من قبل رئيسي الجمهورية والنواب ورئيسي الحكومة المكلّف والمصرّف للأعمال.

ـ بروز نوع من الاحتضان الوطني الواسع للتحرك الجنوبي الشعبي ضدّ الاحتلال، ترجمته مواقف كثير من القوى والشخصيات السياسية، باستثناء قلة غرّدت خارج السرب.

ـ وجوب أن يشكّل ما حصل في الجنوب تحفيزاً للتعجيل في تشكيل الحكومة الجديدة وتجاوز العقبات امام ولادتها من أجل التفرّغ لمواجهة التحدّيات الداهمة.

يوم انتصار لبنان

وفي الوقت الذي تضامن لبنان من أقصاه إلى أقصاه مع العائدين الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم متحّدين القوات الاسرائيلية التي تحتلها وتمعن فيها تدميراً، توجّه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ببيان "إلى أهلنا الأعزاء في جنوب لبنان"، قال فيه: "هذا يوم انتصار للبنان واللبنانيين، انتصار للحق والسيادة والوحدة الوطنية. واني إذ أشارككم هذه الفرحة الكبيرة، أدعوكم إلى ضبط النفس والثقة بالقوات المسلحة اللبنانية، الحريصة على حماية سيادتنا وأمننا وتأمين عودتكم الآمنة إلى منازلكم وبلداتكم". واكّد "أنّ سيادة لبنان ووحدة أراضيه غير قابلة للمساومة، وأنا أتابع هذه القضية على أعلى المستويات لضمان حقوقكم وكرامتكم. الجيش اللبناني معكم دائماً، حيثما تكونون يكون، وسيظل ملتزماً بحمايتكم وصون أمنكم. معاً سنبقى أقوى، متحدين تحت راية لبنان".

وأوضح مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن "لا صحة للمعلومات التي تناقلتها وسائل إعلامية مساء اليوم (أمس) أنّ العدو الإسرائيلي أبلغ لبنان أنّه سيبقى في 5 نقاط حدودية لمدة 15 يوماً، وأنّ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أبلغ لجنة مراقبة وقف اطلاق النار رفضه لذلك". وأضاف أنّ "الصحيح أنّ الرئيس عون لا يزال يتابع اتصالاته الداخلية والخارجية مع الجهات المعنية باتفاق وقف النار، في سبيل استكمال الانسحاب الإسرائيلي ممّا تبقّى من القرى الجنوبية المحتلة".

"حزب الله"

وفي الوقت الذي يُنتظر أن يتواصل الزحف الشعبي إلى المنطقة الحدودية، وصف "حزب الله" في بيان يوم أمس بأنّه "يوم مجيد من أيام الله، ومشهد مهيب من مشاهد العز والكرامة التي يخطّها شعب المقاومة العظيم، الذي أثبت مرّة ‏أخرى أنّه الشعب المتجذّر في أرضه، المتشبث بكل حبة تراب فيه، الحارس الأمين لسيادة الوطن، والذي لا ينحني ‏أمام أي تهديد أو عدوان". وأضاف: "منذ عام 2000 وحتى اليوم، المشهد يتكرّر، حيث يثبت شعبنا أنّه القائد الحقيقي لمسار الانتصار، بمقاومته البطولية ‏يُجدّد دحر العدو، مؤكدّاً أن لا مكان لمحتل في هذه الأرض المباركة، التي رويت كل حبة تراب فيها بدماء الشهداء." وقال: "إنّ مشهد العائدين إلى قراهم، حاملين صور الشهداء ورايات المقاومة يُجسّد أسمى معاني الثبات والصمود والانتصار، ‏ويؤكّد أنّ هذا الشعب بإرادته التي لا تُقهر وثباته الذي لا يلين يُشكّل السلاح الأقوى للمقاومة، تلك القوة التي لطالما ‏وصفها شهيدنا وعزيزنا، سيد شهداء الأمة، سماحة السيد حسن نصرالله (رضوان الله عليه) بأنّها "نقطة القوة التي لا ‏يستطيع أن يهزمها أحد". لقد أثبت شعب المقاومة أنّه وفِيّ لدمائه الزكية، وأنّه مهما بلغ جبروت الغزاة، فإنّهم ‏عاجزون عن الصمود أمام هذا الطوفان الشعبي المبارك الذي رسم بخطواته واتجاهه طريقًا واحدًا، تحرير الأرض ‏ودحر المحتل نهائيًا"ً.

وأضاف: "إنّنا في "حزب الله"، إذ ننحني إجلالًا أمام عظمة شعب المقاومة، نؤكّد أنّ معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي تحمي ‏لبنان من غدر الأعداء ليست حبرًا على ورق، بل واقع يعيشه اللبنانيون يوميًا، ويجسدونه بصمودهم وتضحياتهم".

ودعا الحزب "جميع اللبنانيين إلى الوقوف صفًا واحدًا مع أهلهم في الجنوب، لنجدّد معًا معاني التضامن الوطني ولنبني ‏سيادة حقيقية عنوانها التحرير والانتصار. ونشدّد على أنّ المجتمع الدولي، وعلى رأسه الدول الراعية للاتفاق، مطالب ‏اليوم بتحمّل مسؤولياته أمام انتهاكات العدو الإسرائيلي وجرائمه وإلزامه بالانسحاب الكامل من أراضينا".

وعلّق مسؤول عسكري إسرائيلي على بيان وزارة الصحة الذي أعلن فيه عن استشهاد 15 شخصاً، بينهم عنصر في الجيش اللبناني، قائلًا: "علمت بهذه الأحداث، لكن يجري النظر في التفاصيل المتعلقة بالجندي اللبناني الذي قُتل على يد الجيش الإسرائيلي".

وفي السياق، أشار مسؤول عسكري إسرائيلي إلى أنّ "مئات اللبنانيين، ومن بينهم عناصر من حزب الله، حاولوا الوصول إلى قرى في جنوب لبنان اليوم، وقاموا بالاستفزازات". وقال: "إنّ الجيش الإسرائيلي استعد للمدنيين الذين يحاولون الوصول إلى القرى الحدودية اليوم نهاية الهدنة التي استمرت 60 يومًا، وفي ذلك الوقت كان من المفترض أن تنسحب إسرائيل من جنوب لبنان". وأضاف: "يواصل الجيش الإسرائيلي العمل، بتوجيهات من المستوى السياسي، في عدة مناطق في جنوب لبنان"، مشيراً إلى أنّه "بموجب الاتفاق، لا تحتاج إسرائيل إلى الانسحاب في اليوم الـ60 من وقف إطلاق النار، بل فقط عندما الجيش اللبناني ينتشر في جنوب لبنان و"حزب الله" ينسحب إلى شمال نهر الليطاني".

في هذه الأثناء ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيليّة أنّ "سكان جنوب لبنان عادوا إلى قراهم وبلداتهم، اليوم الأحد( أمس)، وذلك رغم وجودد الجيش الإسرائيلي فيها".

واشارت إلى "إنّ قوات الجيش الإسرائيلي تُطلق النار على الأشخاص الذين يحاولون العودة والوصول إلى قرى جنوب لبنان"، وأضافت: "بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، كان من المفترض أن تنسحب إسرائيل من الأراضي اللبنانية بحلول الساعة الرابعة من فجر اليوم (أمس). ومع ذلك، قرّر مجلس الوزراء الأمني في نهاية الأسبوع عدم الانسحاب في الوقت الحالي، لأنّ الجيش اللبناني لم ينتشر في جنوب لبنان كما وعد".

وقالت تقارير إسرائيلية أخرى إنَّ "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو مشاهدة اللبنانيين يقتربون لمسافة صفر من دبابة إسرائيلية مثلما حصل في بلدة مارون الراس".

بيان

صدر عن المكتب التربوي المركزي في حركة "أمل" والتعبئة التربوية في "حزب الله"، بيانٌ جاء فيه، "اليوم تجدّد التاريخ ووشم على جبينه النصر وأعلن أنّ صناعة المجد يحفر في تاريخ لبنان الحديث ومن جديد ينتصر الوطن العصي على الاحتلال الصهيوني؛ لأنّ شعبه يأبى الضيم ولا يعيش تحت نير الإحتلال والاستبداد".

وأضاف: "أعراس التحرير تعود إلى جنوب لبنان بإرادة شعب مقاوم ينتصر ويثبت من جديد معادلة الجيش والشعب والمقاومة ليتشكّل الأنموذج اللبناني الفريد في هذا العالم كونه قدوة ومنارة للأجيال الصاعدة وتربية وطنية فعلية معمّدة بالدم والشهادة والفداء".

وتابع: "انطلاقًا ممّا ذكر، إنّنا في المكتب التربوي لحركة "أمل" والتعبئة التربوية في "حزب الله" نوجّه تحية إكبار وتقدير لعطاءات الشهداء وللجرحى ولأهلنا وشعبنا الذي أذهل العالم في تضحياته وشجاعته وإقدامه وثباته ومقاومته، وندعو لاعتبار يوم غد الاثنين هو يوم وطني تربوي بامتياز، يكتب تاريخ لبنان المحرّر من جديد بسواعد أصحاب الأرض، وتُعلّق فيه الدروس في المعاهد والمدارس والجامعات، إفساحًا في المجال لمشاركة المعلمين والأساتذة والطلاب في أعراس التحرير وتطبيق الدروس الوطنية ميدانيًا على ساحات التضحية والشرف والمجد والانتصار".

وفي وقتٍ سابق، أعلن وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال عباس الحلبي، أنّه "إلحاقاً ببيانه السابق حول تأكيد التدريس يوم غد الاثنين، وبعد التواصل مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، فإنّه يترك لمديري المدارس والمؤسسات التربوية الرسمية والخاصة على تنوعها في محافظتي الجنوب والنبطية فقط تقدير الوضع واتخاذ القرار لجهة إقفال مدارسهم غداً او إبقائها مفتوحة".

وأضاف: "أما المحافظات الباقية فإنّ التدريس فيها عادي".

وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أنّ اعتداءات العدو الإسرائيلي خلال محاولة مواطنين الدخول إلى بلداتهم التي لا تزال محتلة، أدّت حتى الساعة إلى ارتفاع عدد الشهداء إلى 22 ، من بينهم 6 سيدات، والجرحى إلى 124 من بينهم 12 سيدة ومسعف من كشافة الرسالة في خلال قيامه بواجبه الانقاذي الانساني.

theme::common.loader_icon