رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ
لا شك في أنّ إعادة الإعمار يجب أن تكون من أولوية فريق الحاكم الجديد، لكنّ الحجر الأساس لإعادة الإعمار يجب أولاً أن يبدأ من إعادة بناء الدولة، دولة القانون والمؤسسات، دولة العدل والعدالة، دولة مكافحة الفساد وتبييض الأموال، دولة محاربة التهريب والترويج، خلافاً لذلك، سنكون مرّة أخرى نعيد البناء على أساس من القطن والسحابات الخيالية.
إنّ الحرب التدميرية والإجرامية الأخيرة على لبنان، كانت كلفتها باهظة، ولا سيما حيال الخسائر بالأرواح، الدماء، الجرحى، المصابين والمعوّقين، فضلاً عن تدمير الممتلكات، المباني السكنية، المؤسسات والأراضي الزراعية.
بحسب المرصد الحكومي، إنّ كلفة إعادة الإعمار تتخطّى الـ15 مليار دولار، لكن علينا ألّا ننسى ولا نتناسى، أنّ هناك حرباً تدميرية داخلية نواجهها منذ سنوات، تهدف إلى تدمير ركائز الدولة ومؤسساتها وسلطتها، فيما كلفتها الباهظة تفوق التدمير جرّاء الخسائر الفادحة حيال التهريب وتبييض الأموال والترويج وقطع العلاقات الخارجية، وضرب الإقتصاد الأبيض على حساب الإقتصاد الأسود النامي، وهدر ما تبقّى من الثقة الداخلية والخارجية وسرقة أموال المودعين وهدر أموال الدولة.
علينا إعادة الإعمار ليس فقط ما دُمّر في هذه الحرب العدوانية الأخيرة، لكن خصوصاً ما دُمّر منذ سنوات وعقود من دولتنا ومؤسساتها المهترئة.
إنّ إعادة الإعمار تبدأ بإعادة بناء الثقة الدولية، وخصوصاً علاقاتنا الأخوية مع دول الخليج العربية، كما مع كل الدول الأخرى، بأنّ لبنان منصة الحضارات والتبادل التجاري.
إعادة الإعمار تبدأ ببناء خطة وإستراتيجية شفّافة لإعادة تصنيف لبنان، بعد إفلاسه المبطّن الذي أوصلنا إلى RD - Restricted default وبناء إستراتيجية واضحة لإخراج لبنان من القائمة الرمادية، مع مخاطر إدراجه على القائمة السوداء وفصله عن العالم.
إنّ إعادة الإعمار تبدأ بنشر الجيش اللبناني على كل الأراضي اللبنانية والمعابر والحدود، ليصبح الحامي الوحيد للأرض والشعب والإقتصاد، ويَحمل بيَده سلاحاً موحّداً.
إعادة البناء تبدأ بإعادة بناء دولة العدل والعدالة، وتنفيذ القرارات الدولية والأحكام والمحاسبة، والتحقيقات وفصل القضاء عن وُحول السياسة.
إعادة البناء تبدأ بإعادة ثقة المستثمر والمبتكر والريادي، لأنّ استثماراته وإنماءه ستفوق أي مساعدات مالية نتسوّلها، فالإنماء وحده يُعيد الإعمار.
إنّ الحجر الأساس لإعادة الإعمار هو إعادة بناء الثقة، الثقة بين الشعب ودولته، الثقة بين الدولة والمجتمع الدولي، بتنفيذ الإصلاحات المرجوّة منذ عقود.
إعادة البناء تبدأ بإعادة بناء قطاع مصرفي شفاف ومتين، يُعيد الثقة المتدحرجة، ويُنهي إقتصاد الكاش ويُعيدنا إلى المنصات المالية الدولية، بمراقبة وتدقيق شفّاف.
في المحصّلة، قبل إعادة بناء الحجر، علينا إعادة بناء القلوب والأذهان والإنسان والشعب، علينا إعادة بناء الإحترام والقبول بالدولة الوحيدة بعيداً من الدويلات، قبل إعادة بناء الحجر علينا إعادة بناء الثقة، لأنّ الثقة هي التي ستكون الحجر الأساس لإعادة البناء على أسس ثابتة. لذا نتمنّى أن تكون أولوية فريق الحاكم الجديد أولاً وأخيراً، إعادة بناء دولة حقيقية وقوية ومستقلّة، مع أولوية واحدة وهي المصلحة الداخلية فقط ولا غير، بعيداً من أي تجاذبات وأجندات مخفية بمصالح غامضة.