الراعي: آن الأوان للقيام بالإصلاحات الضروريّة المنتظرة
الراعي: آن الأوان للقيام بالإصلاحات الضروريّة المنتظرة
Sunday, 26-Jan-2025 11:46

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي "كابيلا القيامة" عاونه فيه المطارنة حنا علوان، الياس سليمان، بيتر كرم، ومشاركة عدد من المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والراهبات، في حضور رئيس الرابطة المارونية السفير الدكتور خليل كرم، نقيب الصيادلة الدكتور جو سلوم، قائد منطقة جبل لبنان في قوى الأمن الداخلي العميد جوزيف مسلم،قنصل جمهورية موريتانيا إيلي نصار، باتريك نجل الشهيدين صبحي ونديمة الفخري، رابطة الأخويات في لبنان برئاسة ريمون خوري والمرشد العام الأب جوني حاصباني،وحشد من الفعاليات والمؤمنين.

 

وقال الراعي في عظته: "حدّث الربّ يسوع نيقوديمس رئيس اليهود الذي أتاه ليلًا، بعيدًا عن الأنظار، عن سرّ المعموديّة الذي سمّاه الولادة الثانية من الماء والروح. وهي ولادة ضروريّة للخلاص، على ما قال الربّ يسوع لتلاميذه قبيل صعوده إلى السماء: "انطلقوا إلى العالم كلّه، ونادوا بإنجيلي في الخليقة كلّها. فمن يؤمن ويعتمد يخلص" (مر 16: 15-16). الإيمان أساس المعموديّة. لذلك الطفل يعمَّد على إيمان والديه وعرّابيه. وثمّت معموديّة الشوق القائمة على الإيمان، ولا يوجد كاهن يعمّد، أو لظروف قاهرة لا يستطيع المؤمن قبول السرّ، كما هي حال نيقوديمس الذي عبّر عن إيمانه بيسوع عندما حيّاه: "يا معلّم، نحن نعلم أنّك أُرسلت من الله معلّمًا، لأنّه ما من أحد يستطيع أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعملها، إلّا من كان الله معه" (يو 3: 2). وبسبب هذا الإيمان حدّثه الربّ يسوع عن سرّ الولادة الجديدة الثانية من الماء والروح التي يصبح بها المعمّد أو المعمّدة ابنًا وابنةً لله، ويتحرّر من الخطيئة الأصليّة والخطايا الشخصيّة، ويمتلئ من الحياة الإلهيّة، ويصبح عضوًا في جسد المسيح، الذي هو الكنيسة، ويصير هيكلًا للروح القدس، ويغدو شريكًا في كهنوت المسيح ورسالة الكنيسة (التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، 1279؛ عرض مختصر الإيمان الكاثوليكيّ، 110)".

 

أضاف: "يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا للإحتفال بهذه الليتورجيا الإلهيّة، مع ترحيب خاصّ برابطة الأخويّات في لبنان بشخص رئيسها عزيزنا ريمون الخوري، ومرشدها العام الأب جوني الحاصباني الأنطونيّ، وجميع المرشدين المحليين، وسيادة أخينا المطران الياس سليمان المشرف عليها باسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان. أمّا المناسبة فهي إنهاء خمسين عضوًا من الرابطة بنجاح دورة حماية الطفل مع الجامعة الحبريّة الغريغوريّة في روما، التي استمرّت سبعة أشهر، وإنعقاد المجلس الإداريّ في الرابطة الذي يشكّل السلطة التشريعيّة الأعلى في الرابطة. فنحيّي هذا المجلس والرابطة والمتخرّجين وأهلهم وأصدقائهم. بعد إنجاز الرابطة شرعة حماية الطفل، وكانت السبّاقة في إنجازه في الكنيسة، أبرمت اتفاقيّة مع الجامعة الحبريّة الغريغوريّة في روما لتدريب فريق عملها والمدرّبين في الرابطة حول حماية الطفل. يتضمّن البرنامج المفاهيم النفسيّة والإجتماعيّة والروحيّة واللاهوتيّة والقانونيّة، ووسائل الإبلاغ ومتابعة الضحايا والمعتدين مع الآليّات المناسبة".

 

وتابع: "تحتفل الكنيسة اليوم "بأحد كلمة الله" وطيلة الأسبوع الطالع ابتداء من بعد ظهر اليوم "بأسبوع الكتاب المقدّس"، والاثنان متكاملان. فأرحّب بالمشاركين، مع تحيّة خاصّة إلى الرابطة الكتابيّة في لبنان والشرق الأوسط. "أحد كلمة الله" يتخّذ مضمونه من إنجيل اليوم الذي يكلّمنا فيه الربّ يسوع عن سرّ المعموديّة الذي به "لبسنا المسيح" بحسب قول القدّيس بولس الرسول: "أنتم الذين اعتمدتم بالمسيح، قد لبستم المسيح" (غل 3: 27). أن نلبس المسيح يعني أوّلًا التشبّه به، وأن نجعله حاضرًا ومنظورًا في أعمالنا وتصرّفاتنا. فبقراءة كلمة الله في الإنجيل، نحن لا نتعلّم من هو يسوع، بل نلتقي بيسوع لأنّه حاضر في كلامه. ويعني ثانيًا الخدمة. فمن يلبس المسيح يجب عليه أن يخدم ويلتقي الآخرين، أيًّا يكن وضعهم ولونهم وثقافتهم وطائفتهم. أمّا "أسبوع الكتاب المقدّس" فموضوعه كلمة بولس الرسول التي اختارها قداسة البابا فرنسيس لسنة اليوبيل الكبير والسنة المقدسة 2025 الذي افتتحه قداسته في بازيليك القدّيس بطرس، ليلة عيد الميلاد، بفتح الباب المقدّس. "الرجاء لا يخيّب" (روم 5: 5)".

 

وقال: "ما من أحد يدخل ملكوت الله ما لم يولد ثانية" (يو 3: 5). ملكوت الله هو في نصّ هذا الإنجيل ذو بُعدين: بعدٍ عاموديّ هو الإتحاد بالله، وبعدٍ أفقيّ هو الوحدة بين جميع الناس. وقد تحقّق بامتياز بشخص يسوع المسيح، فهو اتحاد بالله بفضل ألوهيّته، ووحدة الجنس البشريّ بفضل إنسانيّته. ولهذا نقول ملكوت المسيح. هذا الملكوت يبتدئ مع الكنيسة المجاهدة على الأرض وينتهي في السماء مع الكنيسة الممجّدة، ويكتمل في نهاية الأزمنة. أمّا ملكوت الله في المطلق فهو اعتلان تصميم الله الخلاصيّ وتحقيقه بكامله. هذا التصميم الخلاصيّ أصبح حاضرًا في الزمن، ولا يتحقّق بشكله النهائيّ والكامل إلّا في نهاية التاريخ واكتماله (مجمع عقيدة الإيمان، إعلان الربّ يسوع، 18-19)".

 

أضاف: "إنّ الشعب اللبنانيّ وضع آماله وثقته بشخص رئيس الجمهوريّة العماد جوزف عون، ورئيس الحكومة المكلّف القاضي نوّاف سلام. وبخاصّة في ما قاله فخامة الرئيس في خطاب القسم "بأنّه يقوم مع المجلس النيابي ومجلس الوزراء بالمداورة في وظائف الفئة الأولى في الادارات والمؤسسات العامة"، وما قاله دولة الرئيس بأنّه يؤلّف الحكومة وفقًا لنصّ الدستور والطائف، حيث لا يوجد أي تكريس لوزارة باسم أيّ طائفة من الطوائف. فنحن نأمل أن يتمّ تجاوز هذه المسألة وفقًا للنصوص وروحها. ونأمل أن يتمّ فصل مسألة الميثاقيّة عن المحاصصة. فنقول نعم للميثاقيّة القائمة على المساواة بين المسلمين والمسيحيّين في العيش المشترك ووظائف الفئة الأولى، وبذات الروح قدر الإمكان في ما دونها؛ ونقول: لا للمحاصصة بين الأحزاب والتكتّلات النيابيّة لأنّها تفتح الباب واسعًا أمام تدخّل السياسة بالإدارة، وتخلق برلمانًا مصّغرًا تنتفي معه المساءلة والمحاسبة من قبل مجلس النواب، وتُنتهك القاعدة الدستوريّة بفصل السلطات. لقد آن الأوان لنثق بعضنا ببعض، ونعمل معًا على إصلاح الخلل في البلاد، والقيام بالإصلاحات الضروريّة المنتظرة".

 

وختم: "فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل العيش بمقتضيات سرّ المعموديّة الذي أصبحنا به أبناء وبنات الله، وإخوة بعضنا لبعض".

theme::common.loader_icon