نحتاج للحديث عن الأخطاء
نحتاج للحديث عن الأخطاء
مارك كاري- نيويورك تايمز
Monday, 20-Jan-2025 06:14

منذ ظهور دور مدرّبي الكرات الثابتة بشكل بارز في كرة القدم، أصبحنا معتادين على تحليل الأوضاع الناتجة من الكرات الثابتة بدقة متناهية.

قد تشعر فرق الرقص الاحترافية بالفخر إذا تمكنت من تنفيذ بعض الحركات المخطّطة التي تُطبّقها أندية الدوري الإنكليزي الممتاز، لكن من وجهة نظر الفريق المدافع، تكون هذه المواقف غالباً قابلة للتجنّب تماماً.

قد يكون التسبّب في ركلة ركنية نتيجة لهيمنة الفريق المنافس، الذي يجبر الدفاع على إخراج الكرة خلف المرمى في محاولة لإعادة تنظيم صفوفه. ومع ذلك، فإنّ ارتكاب خطأ يؤدّي إلى ركلة حرّة في الثلث الدفاعي غالباً ما يكون نتيجة لسوء انضباط، أو إرهاق، أو تصرّف متهوّر ناتج من اندفاع.

هذه التدخّلات البسيطة أو الساذجة يمكن أن تكلّف الفريق نقاطاً، كما رأينا هذا الأسبوع خلال مباراة بورنموث ضدّ تشلسي. فقد ارتكب رايان كريستي تدخّلاً متسرّعاً على البرتغالي جواو فيليكس على مشارف منطقة الجزاء في الوقت المحتسب بدل الضائع من الشوط الثاني، ما منح ريس جيمس فرصة لتنفيذ الركلة الحرّة، التي أسفرت عن هدف التعادل بنتيجة 2-2.

السؤال هو: ما هي الفرق التي كانت الأكثر ارتكاباً للأخطاء هذا الموسم؟ هل يجب أن ننتقد اللاعبين الذين يفقدون أعصابهم الدفاعية في اللحظات الحرجة، أم نُثني على المهاجمين الأذكياء الذين يُظهرون مهارة في «كسب» الأخطاء؟

دعونا نتحدّث عن الأخطاء

أولاً، تحليل مواقع الأخطاء التي ارتكبتها الفرق هذا الموسم (جميع الإحصائيات المذكورة في هذا المقال محدّثة حتى منتصف الجولة الأخيرة) يقدّم مؤشراً جيداً إلى نهجها الدفاعي.

على رغم من أنّ نقاط ضعف مانشستر سيتي في التحوّلات ظهرت بشكل أكثر وضوحاً هذا الموسم، لا يزال فريق المدرب الإسباني بيب غوارديولا يحاول تنفيذ أسلوب اللعب العدواني القائم على الضغط العكسي، وذلك جنباً إلى جنب مع فرق مثل برايتون، تشلسي، ونيوكاسل يونايتد.

على النقيض، يُلاحظ العدد المرتفع للأخطاء التي ارتكبتها فرق مانشستر يونايتد، ليستر سيتي، ساوثهمبتون، وولفرهامبتون في مناطقها الدفاعية. قد يعكس هذا نوعاً من اليأس الذي لعبت به هذه الفرق في مراحل معيّنة من الموسم، إذ أدّى ضعف التنظيم الدفاعي إلى تغيير المدرّبين لجميع هذه الفرق قبل منتصف الموسم.

هذا المَيل إلى الاندفاع في التدخّلات يؤكّده عدد الأخطاء المرتكبة في الثلث الدفاعي لكل فريق مقابل كل 1000 لمسة للمنافس. حتى مع الأخذ في الاعتبار الفرص المتاحة للتدخّل، تحتل هذه الفرق الـ 4 المراتب العليا في الأخطاء المرتكبة وفقاً لهذا المقياس. وبينما قد يكون بعضها ضرورياً لإيقاف هجوم خطير، فإنّ العديد منها يبدو تصرّفاً طفولياً أو يمكن تجنّبه.

ليس من المفاجئ أنّ ولفرهامبتون ومانشستر يونايتد قد عانيا بشكل كبير أيضاً في الدفاع عن الكرات الثابتة هذا الموسم. فهما ليسا فقط سريعي الغضب في استدعاء الضغط على أنفسهم من خلال الأخطاء في الثلث الدفاعي، بل إنّهما أيضاً يملكان أسوأ سجلَّين في التعامل مع المواقف الناتجة من الكرات الثابتة.

أثر الكرات الثابتة

بأخذ الفرص للدفاع في الحسبان، فإنّ معدّل استقبال ولفرهامبتون للأهداف من الكرات الثابتة يبلغ 8,3 أهداف لكل 100 كرة ثابتة، وهو الأعلى في الدوري الإنكليزي الممتاز، يليه مانشستر يونايتد بمعدّل 7,3. يشير هذا إلى عنصر من الفوضى في الثلث الدفاعي، وهو الأمر الذي كُلّف المدربان الجديدان، فيتور بيريرا وروبن أموريم، بمعالجته.

ليس من المستغرب أنّ الفرق التي ترتكب المزيد من الأخطاء في الثلث الدفاعي تستقبل المزيد من الأهداف الناتجة من الكرات الثابتة. إذا لم تكن الفرق قوية في الدفاع عن هذه المواقف، فالرسالة واضحة: لا تدعها تحدث من الأساس.

التوازن الدفاعي

على الجانب الآخر، فرق ليفربول، برينتفورد، برايتون، ومانشستر سيتي أقل ميلاً إلى الاندفاع داخل الثلث الدفاعي الخاص بها، ممّا يُتيح غالباً للحركة أن تنتهي بشكل طبيعي. قد يُفسَّر هذا النهج بأنّه سلبي، لكنّه في الحقيقة مجرّد تطبيق لحسابات رياضية بسيطة.

يمتلك متوسط فريق في الدوري الإنكليزي الممتاز 57 تسلسلاً يبدأ في النصف الهجومي خلال المباراة الواحدة. أقل من 2% من هذه التسلسلات تنتهي بتسجيل هدف. فارتكاب خطأ في منطقة خطيرة يَزيد بشكل كبير من فرصة استقبال تسديدة خطيرة من الركلة الحرة الناتجة. لذلك، تعتمد بعض الفرق على الأرقام لتجنّب تقديم هذه الفرص للمنافسين.

أمثلة من الدفاع المنضبط

على رغم من مشاكل مانشستر سيتي الدفاعية هذا الموسم، فإنّها كانت غالباً في مناطق أبعد عن المرمى. مثال جيد على ذلك كان في مباراة الشهر الماضي ضدّ إيفرتون، حين تبع المدافع الهولندي ناثان آكي حركة دومينيك كالفيرت-لوين في القناة اليمنى من دون تهوّر، وأبعده عن منطقة الخطر قبل إحباط المحاولة تماماً.

نهجٌ مشابه يمكن رؤيته من الهولندي يان بول فان هيك، مدافع برايتون، الذي يتميّز بأسلوب دفاعي منظّم يجعله يتعامل بشكل ذكي مع الخصوم من دون التهوّر. في مباراة برايتون ضدّ برينتفورد الشهر الماضي، تتبّع فان هيك حركة كيفن شايد إلى الزاوية، وحافظ على تركيزه، وأبعده نحو الخط الجانبي قبل التدخّل لقطع الكرة وإخراجها.

theme::common.loader_icon