ميلان: فريق وُلد من جديد وكل ما احتاجه الأمر فوزين، كأس وسيجار كبير
ميلان: فريق وُلد من جديد وكل ما احتاجه الأمر فوزين، كأس وسيجار كبير
جيمس هورنكاسل - نيويورك تايمز
Wednesday, 08-Jan-2025 06:31

كرة القدم لا تتوقف. هناك الكثير منها، أليس كذلك؟ أليس اللاعبون على وشك الانهيار، والنقابات تهدّد باتخاذ إجراءات قانونية؟ أليس مستوى اللعبة نفسه يعاني؟ تسير الأحداث بسرعة فائقة لدرجة أنّ الأسبوع الماضي يمكن أن يبدو وكأنّه العام الماضي. وأحياناً يكون ذلك للأفضل. إنّه أشبه بآلية نسيان غير واعية مرحّب بها. إنّه اندفاع، وعندما يأتي ويقلب كل شيء رأساً على عقب، وكما قال المغني «Notorious B.I.G» بطريقة معدّلة: «تنتقل من السلبية إلى الإيجابية، وكل شيء يصبح جيداً، فهذا أفضل شعور في العالم، مهما كان قصير الأمد».

هذا ما يشعر به ميلان الآن. غادر إيطاليا قبل أسبوع وهو يعاني من الجراح مذلولاً، وتحت الأضواء القاسية بعد تعادل 1-1 مع روما ترك الفريق في المركز الثامن في الدوري الإيطالي، مع دفع المدرب البرتغالي باولو فونسيكا ثمن ذلك بإقالته. لكنّ ميلان عاد إلى إيطاليا وكأنّه بدا جديداً تماماً؛ كأس في يَد، وسيجار في الأخرى. أمّا المنافسَون الرئيسيَّون، يوفنتوس وإنتر ميلان، فأصبحا مجرّد دخان.

 

ما هي العبارة الشهيرة من فيلم «المشتبه فيهم المعتادون»؟ «أعظم خدعة قام بها الشيطان كانت إقناع العالم بأنّه غير موجود». إنّها خدعة قديمة، ولا يملّ ميلان – المعروف بلقب «ديافولو» (الشيطان) – من تكرارها.

 

كان الفريق متأخّراً 1-0 أمام يوفنتوس الذي لم يُهزم في المسابقات الإيطالية، ثم متأخّراً 2-0 أمام إنتر في كأس السوبر في الرياض. لا أحد يتذكّر الخاسرين في هذه المباريات. لا أحد سوى الألتراس الذين يرسمون شعارات لاذعة على الأغطية ليحملوها إلى «سان سيرو» في المباراة المقبلة ضدّ كالياري.

 

مع ذلك، عاد ميلان، ليس مرّة واحدة بل لمرّتَين، أمام الفريقَين اللذين يعني لهما الفوز أكثر من غيرهما. فجأةً، أصبح وجود «ديافولو» محسوساً مرّة أخرى، وأنعش موسمه بطريقة غير متوقعة خلال أسبوع في السعودية، وأصبح منتشياً بإحساس الفوز المراوغ بدلاً من الكحول.

 

مباراتان فقط عيّنة صغيرة للحُكم على مدرب، لكن بديل فونسيكا، سيرجيو كونسيساو، شعر أثناء مشاهدته الشوط الأول من نصف النهائي ضدّ يوفنتوس وكأنّ شيئاً لم يتغيّر. وأقرّ كونسيساو لقناة النادي التلفزيونية: «شعرتُ وكأنّه ميلان الأسابيع القليلة الماضية. توقيت الضغط لدينا كان خاطئاً. بالكرة، كنّا نمرّر ببطء شديد. بالكاد اخترقنا الدفاع. ألفارو (موراتا) استمرّ في التراجع. أجنحتنا لم تصل أبداً إلى خط التماس، وكان الوسط... كيف أقول؟ ثقيلاً للغاية».

 

اللحظة الحاسمة في نصف النهائي، ركلة جزاء فاز بها الأميركي كريستيان بوليشيتش (د71)، جاءت من العدم. مدرب يوفنتوس، تياغو موتا، بدا مصدوماً في تصريحاته بعد المباراة: «أعتقد أنّ ميلان صنع فرصة واحدة فقط، والتي أهدرها ثيو هيرنانديز، وكانت سهلة للغاية». ثم جاء بوليشيتش واستغلّ الفرصة التي قدّمها له مانويل لوكاتيلي، وسحب يوفنتوس إلى الأسفل.

 

استغل ميلان المفاجأة التي أحدثها هدف التعادل وواصل تقدّمه إلى النهائي. لم يهمّه أنّه فعل ذلك بركلة جزاء وهدف عكسي. ما أرضى كونسيساو أكثر كان الجوع والرغبة التي أظهرها فريقه للفوز بالمباراة عندما أتيحت له الفرصة.

 

أكّد في حفل تقديمه أنّه ليس مَلِكاً للفلسفة. كونسيساو لا ينحدر من شجرة تدريب ميلان التي تشمل أريغو ساكي. بالنسبة إلى ساكي، كانت طريقة الفوز مهمّة. أمّا بالنسبة إلى كونسيساو، فالفوز هو كل ما يهمّ.

 

وأوضح كونسيساو: «كرة القدم بالنسبة لي بسيطة. هناك مرمى نسجّل فيه وآخر نمنع الخصم من التسجيل فيه. إذا أردتم الحديث عن كرة القدم بالاستحواذ أو الـ›تيكي-تاكا›، فإنّ «تيكي-تاكا» خاصّتي هي إدخال الكرة في الشباك».

 

المستشار الخاص لمجلس إدارة ميلان من «ريد بيرد كابيتال»، زلاتان إبراهيموفيتش، أومأ برأسه موافقاً.

 

اتسمت طريقة كونسيساو بالتواصل المباشر، الذي كان أكثر وضوحاً وطلاقة في اللغة الإيطالية مقارنةً بسلفه، واندمجت بشكل مثالي مع أسلوب لعبه المباشر. إنّه يَظهر كشخص صلب، وتلك الصلابة تجلّت، ولو للحظات، في أداء ميلان أكثر من أي تكتيك آخر.

 

كان من المتوقع، لكن ليس مضموناً، أن يعود بوليشيتش من الإصابة ليشارك في مباراة يوفنتوس، لكنّه أراد الفوز بأول بطولة له مع النادي. وبالمثل، لم يكن متوقعاً أن يشارك البرتغالي رافايل لياو في النهائي ضدّ إنتر بعد غيابه عن نصف النهائي. لكنّه دخل في آخر 40 دقيقة من المباراة وغيّر مجراها تماماً. لقد شدّد اللاعبون على أنفسهم وأظهروا التزاماً كان فونسيكا يشعر أنّه مفقود بشدة أثناء فترة توليه تدريب الفريق.

 

مع قلّة الوقت المتاح للعمل على المبادئ التكتيكية، ترك كونسيساو التخطيطات لوقت لاحق وركّز على التأثير في لاعبيه عاطفياً ونفسياً. استمع فقط إلى لياو: «لم أكن أعرفه شخصياً. عندما كنتُ مع المنتخب الوطني، كان لاعبو بورتو دائماً يتحدّثون عنه بشكل إيجابي ويقولون إنّه شخصية قوية. ما فعله في غضون أيام قليلة كان مذهلاً. شعرتُ بطاقة منذ اللحظة الأولى التي رأيته فيها».

 

بالنسبة إلى ميلان، كان تبديل المدرب أشبه بتغيير مزوّد الكهرباء. فجأةً، أضاءت الأضواء، وأصبح اندفاع ميلان في الشوط الثاني يثير القشعريرة.

 

واعتبر لياو أنّ «في أوقات يمكن أن تخطئ فيها، يمكنك أن تمرّر بشكل سيئ أو تفشل في تجاوز المدافع. لكن لا يمكنك اللعب من دون الرغبة الصحيحة. الرغبة هي أمر أساسي. لا أحد يمكنه أن يكون واثقاً تماماً من مكانه في الفريق. لا يمكنك أن تشعر بالراحة في ميلان».

 

الأفعال عادةً ما تكون أكثر أهمية من الكلمات، ودور لياو في انتفاضة ميلان ضدّ إنتر كان تذكيراً بقدراته الاستثنائية. لقد أطلق هيرنانديز على الجهة اليسرى ليصنع هدف التعادل لبوليشيتش، وخلق فرصة سهلة للهولندي تياجاني ريجندرز الذي أضاعها، ثم، في الوقت المحتسب بدل الضائع، مرّر كرة حاسمة فوق مدافع لإنهاء المباراة لصالح البلجيكي تامي أبراهام.

 

لكن هناك نقطة جديرة بالاهتمام: بينما ليست هذه هي المرّة الأولى التي يظهر فيها الجناح البرتغالي بهذا المستوى، إلّا أنّها المرّة الأولى التي يتحدّث فيها ويعترف بشكل دقيق بما يُعتقد أنّه يحتاجه ليصبح لاعباً يُدرج في قائمة الكرة الذهبية.

theme::common.loader_icon