هوكشتاين في لبنان لإنقاذ "هيبة واشنطن" لا أكثر ولا أقل
هوكشتاين في لبنان لإنقاذ "هيبة واشنطن" لا أكثر ولا أقل
جورج شاهين
Tuesday, 31-Dec-2024 06:42

بوصول الوفد الوزاري الفرنسي بقبتيه العسكرية والديبلوماسية أمس إلى بيروت، والتحضيرات الجارية لاستقبال وفد سعودي رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية فيصل بن فرحان قبل نهاية الأسبوع للبحث في الاستحقاق الرئاسي وتبعاته الاقتصادية، ومع وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في السابع منه لحضور جلسة انتخاب الرئيس، ينتظر المراقبون تثبيت موعد وصول الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين لمعرفة نوعية مهمته، إن كانت مرتبطة بالملف الأمني أم أنّها أبعد منه. وإلى حينه هذه بعض المعطيات.

على وقع الزحمة الديبلوماسية المتوقعة في بيروت طوال هذه الفترة بالتزامن مع وداع سنة واستقبال أُخرى، ليس صعباً أن يقرأ المطلعون ما تهدف إليه هذه الزيارات ولو بعناوينها العريضة. الّا انّ النقاش كان دائراً في الساعات القليلة الماضية حول المهمّة التي يقوم بها هوكشتاين نظراً لتعدد المهمّات التي تجاوزت هذه الصفة التي نالها من الرئيس جو بايدن الذي يستعد لمغادرة البيت الأبيض بعد ثلاثة أسابيع. وهو نال صفة ثانية عندما سمّته قيادة المنطقة الأميركية الوسطى بـ «القائد السياسي المدني» إلى أن يجري تعيين «مسؤول مدني دائم» عند تسميتها الجنرال جاسبر جيفيرز ممثلاً لها، ليكون رئيساً للجنة الإشراف والمراقبة الخماسية على تنفيذ اتفاق 27 تشرين الثاني الماضي، إلى جانب مساعده الجنرال الفرنسي غيوم بونشان وبقية الأعضاء.

 

على هذه الخلفيات، توسّعت المراجع الديبلوماسية والعسكرية في قراءة التفسيرات التي تلاحق مهمّة هوكشتاين في بيروت متى تقرّر أن يزورها، في ظل مجموعة الاخبار والتسريبات غير الدقيقة التي تحدثت عن مواعيد عدة لمثل هذه الزيارة وقد سقطت تباعاً، عدا عن المعلومات المضلّلة التي رافقتها. وعليه، فقد كشفت مصادر قريبة منه كثيراً من التفاصيل التي تتحكّم بمهمته المقبلة. وقالت أن ليس هناك حتى اللحظة أي موعد محدّد، وانّ ربطها بزيارة أخرى لموفدين آخرين قد لا يكون دقيقاً، وخصوصاً تلك التي قالت إنّه يأتي مكمّلاً لمهمّة يقوم بها وفد سعودي رفيع المستوى سيزور بيروت قبل عطلة نهاية الأسبوع الجاري برئاسة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان وعضوية الأمير يزيد بن فرحان المسؤول المباشر عن الملف اللبناني في الخارجية السعودية، لاستكمال البحث في الاستحقاق الرئاسي.

 

وعليه، قالت هذه المصادر إنّ هوكشتاين لا يرغب المشاركة في اي مسعى يتصل بالاستحقاق الرئاسي، وإنّ كل ما قيل في هذا المجال لا يصح وفق المنطق الأميركي الذي يصرّ على عدم التدخّل مباشرة في تسمية اي مرشح، وهو امر يجب ان يفهمه من يراقب صمت مستشار الرئيس دونالد ترامب لشؤون الشرق الاوسط بولس مسعد في الفترة الاخيرة، بعد إساءة فهم البعض - عن سابق تصور وتصميم - لما قاله في هذا الشأن. وهو امر لا يعني انّ واشنطن غير مهتمة او معنية بها. لا بل على العكس فهي تشجع على اي خطوة سريعة لا متسرّعة لإتمام الاستحقاق بالمعايير الدستورية التي أسقطها كل من أعاق انتخاب رئيس الجمهورية على مدى 24 شهراً، بعد ان نجحت في تجاوز المهل الاخرى التي سبقت نهاية ولاية الرئيس ميشال عون بـ60 يوماً، تارة بالتحكّم بمواعيد الجلسات في أجواء متوترة، ومن ثم اللجوء إلى تطيير النصاب. وهو تصرف لا يمكن توصيفه سوى أنّه خارج الأطر القانونية والدستورية التي تحكّمت بالمراحل الطبيعية لانتقال السلطة لفترة عرفها لبنان منذ الاستقلال قبل ان تتدرّج عملية تعطيله من الأطراف عينها على مراحل تمتد من العام 2008 إلى الـ 2014 وحتى الأمس القريب.

 

واضافت هذه المصادر، انّ الاتصالات الأخيرة التي أُجريت مع هوكشتاين انتهت إلى تلمّس قلقه على مصير اتفاق تجميد العمليات العسكرية، وعلى مهلة الايام الـ60 التي أُعطيت للانتقال من مرحلة التجميد إلى وقف شامل ونهائي لإطلاق النار، بعد سحب جيش الاحتلال من الأراضي المحتلة وتسليم «حزب الله» سلاحه للجيش الذي سينتشر إلى جانب قوات «اليونيفيل» في منطقة جنوب الليطاني. ذلك انّ الاتفاق لم يعط اسرائيل اي حق في ما تقوم به حتى اليوم. وما كان مأمولاً ان تمهّد تلك الخطوات لتطبيق المراحل اللاحقة المتصلة بتسليم مخازن الاسلحة وإقفال مصانع انتاجها، وخصوصاً تلك التي تمّ الاعتراف بوجودها لتصنيع الصواريخ والألغام والعبوات الناسفة وتجميع الطائرات المسيّرة أينما وُجدت على الاراضي اللبنانية، وضبط الحدود البرية والبحرية والجوية بنحو يضمن سلطة الدولة اللبنانية وحدها، وينهي اي ظاهرة تتعلق بالسلاح غير الشرعي على الأراضي اللبنانية اياً كانت هويته من لبنانية او فلسطينية.

 

وإلى هذه الملاحظات، فإنّ هوكشتاين الذي كان يطّلع دورياً على التقارير التي تتحدث عن مئات الخروقات الاسرائيلية للاتفاق لم يوفّر جهداً يُبذل، ذلك انّ الجنرال جاسبر جيفيرز خير من يمثله في اللجنة، وقد وجّه ملاحظات قاسية للجانب الإسرائيلي اكثر من مرّة. وكانت آخر التجارب تلك التي رافقت سحب جيش الاحتلال من القرى التي دخلها في محيط وادي الحجير نظراً لحساسية الموقف ومنعاً لأي ردّ فعل محتمل مهما كان مستبعداً.

 

وعليه، تختم المصادر بالقول، انّ هناك كلاماً كثيراً يُقال في هذه المرحلة، وأنّ ما بقي من وقت قبل نهاية المهلة قد يكون كافياً لتحقيق ما تقرّر، وانّ هوكشتاين أبلغ إلى الجميع انّ «هيبة بلاده في الدق» فهي الضامنة للاتفاق، وانّ هناك دولاً اخرى تنتظر نجاحه في ترتيب الوضع في جنوب لبنان لئلا ينعكس دورها المستجد بقوة في المنطقة. وهو يدرك انّ عليه حماية الضمانات التي قدّمها للبنان وتدارك قلق دول الجوار على مصيرها، قبل الوصول إلى ما يمكن القيام به في سوريا ودول المنطقة.

theme::common.loader_icon