تحويل لبنان من مفعول به إلى فاعل
تحويل لبنان من مفعول به إلى فاعل
د. فؤاد زمكحل

رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ

Tuesday, 31-Dec-2024 06:38
انتقلنا في العام 2025 من كابوس الحرب إلى حقيقة التدمير وأنهينا السنة، في الحلم، وفرصة حقيقية لتحويل لبنان من مفعول به إلى فاعل حقيقي.

لبنان في العقود الأخيرة، كان لسوء الحظ يُشكّل «مفعولاً به» ولم يكن مسؤولاً مستقلاً عن مصيره وسياساته وأمنه وحتى عن رؤيته الإقتصادية والمالية والنقدية.

 

أمّا اليوم وبعد سقوط النظام السوري بعد نحو 54 عاماً من الحُكم الإستبدادي الصارم والديكتاتوري، هناك فرصة ذهبية لإستعادة استقلال لبنان الحقيقي، وتحويله من مفعول به إلى فاعل حقيقي وسيادي.

 

إنّ تغيير النظام في سوريا ستكون له تداعيات عدة على لبنان والمنطقة، سنُركّز على الشق الإقتصادي منه.

 

ليس سرّاً بأنّ التبادل التجاري الرسمي بين لبنان وسوريا كان ضئيلاً جداً، وكان أساس التبادل مبنياً على السوق الموازية، التهريب، الترويج وحتى الفساد وتمويل الإرهاب.

 

لقد حان الوقت لبناء تبادل تجاري شفاف ورسمي بين الدولتَين، لإنماء الإقتصاد الأبيض عوَضاً عن الإقتصاد الأسود، الذي كان جارياً.

 

فالأولوية ستكون لاحترام الحدود وإعادة بناء إقتصاد حُرّ رسمي وشفاف. وعلى البلدين تثبيت القرار لبناء إقتصاد مستقل في ظل رؤية واضحة.

 

أمّا حلمنا الثاني، الذي لم نكن لنتخيّله حتى لتحويل لبنان من مفعول به إلى فاعل، فهو نشر الجيش على كل الأراضي اللبنانية ليكون الحامي الوحيد للشعب والوطن والحدود، ومتفرّداً في حمل السلاح والدفاع عن الوطن.

 

لتحويل لبنان من مفعول به إلى فاعل، الأولوية القصوى، هي لاحترام الدستور والمواعيد الدستورية، وإعادة بناء دولة القانون والمؤسسات، دولة العدل والعدالة، والمساواة بين جميع أبناء الشعب في هذا الوطن.

 

لدينا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، في 9 كانون الثاني 2025، في ظل احترام الدستور والديموقراطية، ومن ثم البدء بالإستشارات لتسمية رئيس حكومة، ومن ثم وزراء مع مشروع ورؤية واضحة، لإعادة بناء الدولة وإعادة الثقة، وبناء إنماء حقيقي ومستدام.

 

لتحويل لبنان من مفعول به إلى فاعل، يجب أن يكون البيان الوزاري مبنياً على هذه الأسُس الواضحة، بعيداً من منطق الدوَيلات والسلاح.

 

إنّ لبنان اليوم على مفترق طرق، وأمامه الفرصة الذهبية الأخيرة، لبناء دولة حقيقية مستقلة وقوية، وإمّا الذهاب إلى الإنقسامات الكارثية والتي أوصلتنا إلى حيث نحن.

 

جزءٌ كبير من هذا الطريق الشائك قد نُفّذ، أمّا الجزء المتبقي فهو مسؤولية اللبنانيّين، للحفر بأياديهم وأظافرهم وأسنانهم، لما تبقّى من الطريق لإعادة بناء الدولة قبل الحجر المدمّر، والاتفاق على رؤية موحّدة واضحة ومستقلة، مع المصلحة الوطنية بعيداً من أي مصالح أخرى.

 

حينما كان لبنان مفعولاً به، دفع مرّات عدة ثمن حرب الآخرين على أرضه، لذا عليه اليوم أن يكون فاعلاً حقيقياً، لبناء السلام والاستقرار كحجر أساس للمرحلة المقبلة.

theme::common.loader_icon