في مقالنا الأخير لعام 2024، نودّع عاماً كان مليئاً بالأزمات الاقتصادية والأمنية والتحدّيات الاجتماعية والإنتاجية، لنستقبل عاماً جديداً يتطلّع إليه اللبنانيّون لرؤية بلدهم يزدهر وتتغيّر فيه العقليات المتحكّمة بمفاصل الاقتصاد والشأن العام للاستفادة الحقيقية من مقوّمات لبنان العديدة.
وعلى رغم من وصول البلد إلى التعتير، والكوارث المتلاحقة، وسرقة ودائع وجنى عمر الناس، ما زال هناك تجاهل غير مسبوق لمطلب الشفافية في لبنان، والتي نعتبرها علاجاً أساسياً لمعظم المشاكل والحرص على عدم تكرار الأزمات.
فلنجعل سنة 2025 سنة الشفافية بامتياز، فلنجرّب هذا العلاج ونراقب اللنتائج. أمّا لماذا الشفافية هي العلاج، فلأسباب عديدة:
ولماذا نصرّ على مطلب الشفافية؟
- لن نتمكن من استعادة الثقة من دون شفافية مطلقة. حين تتحقق الشفافية المطلقة ستصبح كل أعمال الحكومة على الإنترنت، وسيعرف المواطن، المستثمر، المغترب، إلخ... كل التفاصيل.
- سيصبح في إمكان المواطن أن يتابع القرش الضريبي كيف يُحصَّل ومن أين، وكيف يُصرف وعلى ماذا. وهذا سيعرقل بمقدار كبير عمليات النهب والهدر.
- لو وُجدت الشفافية لكانت تقارير المصرف المركزي حكماً منشورة بحسب الأصول، ولَتمكّن كثيرون مِمّن يملكون الخبرات من التقصّي، ولم يكن الحاكم ليتفرّد بقرارات أوصلت البلاد إلى التعتير.
- الشفافية تُعيد الثقة بين أركان الحكومة نفسها. فالاتهامات المتبادلة اليوم حول العقود والصفقات والقرارات، تجعلنا نتأكّد أنّ الشفافية هي علاج أساسي لخلق ثقة بين مكوّنات المجتمع نفسه.
- الشفافية ستضبط المناقصات المتفلتة من أية رقابة وتمنع تفصيل مناقصات على قياس أشخاص، وتخلق العدالة للجميع في حق المشاركة فيها. فلا تبقى رهينة السلطة وشركائهم، بل يصبح باستطاعة أي لبناني مقيم أو مغترب في أقاصي الأرض أن يكون شريكاً فيها.
- الشفافية تربط المغترب ببلاده، وتجعله شريكاً في معرفة القرارات والخطط والمشاريع، وهذا حق وواجب. لقد أثبت المغترب في الأزمة الأخيرة أنّه خشبة الخلاص. فحقهم علينا أن نشركهم بسياساتنا، وقراراتنا. وهذا لن يتحقق من دون الشفافية.
- الشفافية تعيد ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية وتسهّل عملية الاستثمار الأجنبي في لبنان.
- الشفافية تسمح بمراقبة ومعرفة النواب المسؤولين عن إقرار قوانين خاطئة ومؤذية للاستثمار في لبنان.
عسى أن يحمل العام الجديد الخير والبحبوحة للجميع، لكنّ التمنّيات لا تتحقق من دون الأفعال الصحيحة، لذلك نكرّر: «فلنجعل العام الجديد عام الشفافية بامتياز».