أرملةٌ هندية تُصبح ضابطة شرطة في هذه الدراما الجنائية التي تقدّم نقداً اجتماعياً لاذعاً.
عند مشاهدة الكثير من السينما العالمية، تظهر اهتمامات معيّنة تتجاوز الحدود الثقافية. هذا العام، شاهدتُ العديد من الأفلام التي تتناول الطرق الدقيقة التي تحبس بها المجتمعات نساءها.
أحياناً تكون هناك قوانين ذكورية صارخة. لكنّ السرد القصصي القائم على الشخصيات، الذي تتقنه الأفلام، يُبرِز طرقاً أقل وضوحاً للخضوع، بما في ذلك المحرّمات الاجتماعية غير المعلنة، التهديدات المحيطة بالعنف، ولا مبالاة الرجال عندما تواجه النساء الظلم.
لقد رأيتُ هذا الموضوع في أفلام من إيران (بذرة التين المقدّس)، اليابان (يوميات الصندوق الأسود)، باكستان (في اللهب)، ماليزيا (خطوط النمر)، النرويج (أرماند)، أيرلندا (أشياء صغيرة مثل هذه)، وبالطبع الولايات المتحدة (جيد واحد، المادة، امرأة الساعة) - على سبيل المثال لا الحصر.
وفيلم «سانتوش»، الذي كتبته وأخرجته سانديا سوري، يندرج ضمن هذا السياق. تدور أحداثه في ريف شمال الهند، وهو من الناحية التقنية دراما جنائية تحقّق فيها ضابطة شرطة في جريمة قتل. لكنّه يتجاوز ذلك: يتناول «سانتوش» أيضاً الطرق التي يبقى فيها الفقراء والمضطهدون في أماكنهم، وما يعنيه أن تكون امرأة بين رجال غير مهتمين على الإطلاق بمشاركة سلطتهم.
لم تكن الضابطة المحوَرية في هذه القصة تخطّط لأن تكون وحيدة. بعد زواج دام عامَين، تفقد سانتوش سايني (شاهانا غوسوامي) زوجها المحبوب، وهو شرطي. محطّمة القلب ومتروكةً إلى حَدٍّ كبير من قِبل أهل زوجها، ترث وظيفته، وهو تطوّر غير مألوف لكنّه ليس سيئاً. تنضمّ إلى القوة، مرتدية زي الكاكي، وتعمل إلى جانب عدد قليل من النساء ومجموعة من الرجال الفظين.
في أحد الأيام، تسمع والداً يتحدّث عن ابنته المراهقة المفقودة. وعندما يُعثر على جثتها، يتضح أنّها تعرّضت إلى الاغتصاب والقتل. لكنّ عائلتها تنتمي إلى طبقة الداليت، وهي الأدنى في التسلسل الهرمي الطبقي، ولا يَميل المسؤولون إلى الاهتمام بموتها حتى يصبح صبياً مسلماً مشتبهاً فيه، ممّا يُثير الإسلاموفوبيا في المجتمع.
تُعيَّن غيتا شارما (سونيتا راجوار)، وهي ضابطة بارزة، لقيادة التحقيق، وتجنّد سانتوش كمساعدتها ومرشدتها الفعلية. إنّه اختيار مناسب: سانتوش، القلقة بشأن عائلة الفتاة والمروعة ممّا حدث، مصمِّمة على معرفة ما يجري.
لكن بينما يوفّر اللغز الإطار السردي، فإنّه ليس محوَر الفيلم. بدلاً من ذلك، يمنحنا الأداء العاطفي لغوسوامي نافذة على الإدراكات المتنامية ببطء لدى سانتوش بشأن الشرطة وعملياتها. تراقبهم وهم يُجبِرون المتهمين على الاعتراف بوسائل عنيفة، يأخذون الرشاوى، ويثبتون أنّهم قساة أو غير أكفاء.
في النهاية، تُجبر على مواجهة مكانتها في هذا النظام القضائي. ينتقد فيلم «سانتوش» قوات الشرطة في بلدها، واللاإنسانية الناتجة من تحيّزات المجتمع الأوسع، بحدّة بالغة. في إحدى اللحظات، تضحك سانتوش أثناء مشاهدتها مقطع فيديو على هاتفها يمزج بين لقطات سينمائية لشرطة أنيقة في دول أخرى ولقطات ساخرة لضباط هنود.
لكنّ الفيلم أيضاً صعب المشاهدة. العنف القاسي جزء من عمل سانتوش، ومع تأقلمها معه، نرى المزيد منه أيضاً: الضرب والتعذيب لاستخراج الاعترافات، حتى لو كانت زائفة. يتمّ التلاعب بالحقيقة والإنصاف عندما يكون لإنفاذ القانون أهدافه الخاصة.
الطبقة الاجتماعية والدين والطبقية والجنس كلها جزء من هذا النظام، وهذا هو النقد الأوسع في «سانتوش»، الذي يصبح غاضباً تماماً في نهايته. تبدأ في رؤية كيف يُظهر كل عنصر في القصة تكدُّس الأوراق ضدّ شخص ما: مجتمع الداليت، الصبي المسلم، الفتاة التي قُتلت، والضابطات الإناث.
بالطبع، سانتوش نفسها، التي باعتبارها امرأة وأرملة لا تؤخَذ على محمل الجدّ من قِبل الرجال الذين يملكون السلطة في المجتمع. في التسلسلات الهرمية المتراكبة في «سانتوش»، يحاول الجميع التسلّق للأعلى بالدَوس على الشخص الذي تحته.
يمكنك سرد هذه القصة من منظور العديد من الشخصيات، كل منها سيمنح لمحة عن شكل مختلف من أشكال القمع بناءً على انقسام ثقافي معيّن. وبما أنّها تضيء على سانتوش، فإنّ التركيز هو على الطرق العديدة التي يتمّ بها تجاهل النساء من قِبل الرجال الأغنياء والأقوياء، وفي الوقت عينه، كيف يمكن أن تصبح النساء متواطئات في المشكلة. ولا أحتاج إلى أن أخبركَ أنّ هذه المشكلة تمتد إلى ما هو أبعد من حدود بلد واحد.