رعاية، الاستشارة ولا عيد ميلاد: في القسم الطبي للأندية الكروية
رعاية، الاستشارة ولا عيد ميلاد: في القسم الطبي للأندية الكروية
توم باروز- نيويورك تايمز
Tuesday, 24-Dec-2024 06:21

«ما يتعيّن عليك فعله هو موازنة المخاطر طوال الوقت، هذه هي طبيعة الوظيفة»، يوضّح روبين شاكرافيرتي، طبيب المنتخب الإنكليزي للرجال بين عامَي 2016 و2020 ورئيس الأداء والطب السابق في ولفرهامبتون الإنكليزي، وهو يُناقش ما شعر بأنّه كان أصعب جزء من العمل في القسم الطبي لنادي كرة القدم.

نادراً ما يتمّ التعرّف إلى الأطباء أو معرفة أسمائهم حتى من قِبل أكثر المشجّعين حماسةً، ومع ذلك فهُم من بَين أهمّ الأشخاص في النادي - والأكثر تعرّضاً للضغط. يمكن أن تُشكّل قراراتهم صحة اللاعب، مستقبل المدرب، وموسم النادي. إنّهم ملتزمون بواجب الرعاية تجاه مرضاهم، لكنّهم أيضاً مدركون أنّ كل يوم يَقضيه اللاعب بعيداً من الملعب هو - من منظور النادي - يومٌ ضائع.

مع ذلك، وعلى رغم من المتطلّبات الملقاة على عاتقهم، يمكن أن يكون العمل في هذا المجال مهنةً ثريةً ومُجزِيةً بشكل كبير.

تغيّرت كرة القدم بشكل لا يُمكن التعرّف عليه خلال السنوات الـ25 الماضية، ولم تكن الأقسام الطبية استثناءً. وذكرت صحيفة «غارديان» أنّه عندما فاز مانشستر يونايتد بالثلاثية عام 1999، كان لديه فقط معالجان فيزيائيّان ومُدلّك. أمّا الآن، فيصل عدد العاملين في القسم الطبي في أحد أندية الدوري الإنكليزي الممتاز إلى 25 شخصاً، يشمل ذلك الأطباء، المعالجين الفيزيائيّين، المُدلّكين، مدربي القوة والتكيّف، مدربي الأداء البدني، مدربي اللياقة البدنية لإعادة التأهيل، وأخصائيّي التغذية.

«أنتَ لستَ في عالم مثالي حيث يمكن للجميع اللعب من دون ألم أو من دون مخاطر. إذا كان هدفك هو عدم التعرّض إلى الإصابة على الإطلاق، فإنّ هذا هدف شبه مستحيل. لا أحد يُحبّ الإصابات، لكن عندما تكون جزءاً من فريق طبّي، فإنّك تعيش تلك الإصابة مع اللاعب طوال الوقت - إنّها تُهَيمن تماماً على عقلك»، يضيف شاكرافيرتي، الذي عمل أيضاً كمسؤول طبي رئيسي لألعاب القوى البريطانية.

يوضّح كيف يُحكَم على الأقسام الطبية بشكل عام بناءً على توفّر الفريق وعدد الإصابات التي تعرّضوا إليها خلال الموسم والعودة إلى اللعب - سواء كان ذلك بسرعة أو ببطء.

ويُضيف شاكرافيرتي: «أقسى ناقد لك هو نفسك دائماً. لا أحد يريد أن يكون مسؤولاً عن إصابة، لكنّك أيضاً لا تُريد أن تكون الشخص الذي يَستبعِد اللاعبين من الفريق عندما يكون بالكاد هناك أي شخص قادر على اللعب أو التدريب».

يرى شاكرافيرتي أنّ الوضع المثالي هو أن يكون الجميع في النادي متوافقين، بدلاً من السحب في اتجاهات مختلفة، وأنّ التواصل الواضح أمر ضروري، فـ»الجميع يريد النقاط، ما يجعل الوظيفة مثيرة هو محاولة التوفيق بين الأهداف المتعارضة غالباً، مثل تحقيق أداء جيد للاعب أو الفريق مقابل إدارة مخاطر الإصابة. هذا التحدّي الذي يواجهه الجميع - وهو ممتع لأنّه ليس سهلاً».

وأضاف: «ستكون هناك مواقف تعلم فيها أنّه إذا حدثت إصابة، فسيُلقى اللوم عليكَ. عليك أن تتعايَش مع ذلك قليلاً. الشيء الرئيسي هو تقديم المعلومات لاتخاذ القرارات».

يتفق معه آندي رينشو، الذي أدار القسم الطبي للفريق الأول في ليفربول من صيف 2016 إلى تشرين الثاني 2017 (وهي فترة شملت الموسم الأول للألماني يورغن كلوب كمدرب)، إذ يرى أنّ التحدّي يَكمُن دائماً في محاولة إيجاد أرضية مشتركة عندما تكون هناك خلافات في الرأي، «هناك قدر كبير من السياسة عند التعامل مع فريق مكوّن من 30 شخصاً. إذا عاد اللاعب بسرعة، يحصل عليه المدرب بسرعة ويستعيد النادي أصوله بسرعة. لكن بعض الأشخاص لديهم تفضيلاتهم الخاصة حَول كيفية سَير الأمور بإعادة التأهيل، وعلينا إدارة التوقعات وفقاً لذلك أحياناً».

ويشرح رينشو أنّ «الصعوبة تكمن في إيجاد التوازن بين اللاعبين والموظّفين، ومحاولة إدارة الشخصيات وإبقاء الجميع سعداء. قد يكون ذلك صعباً جداً في بعض الأحيان. من تجربتي، لا أتذكّر أبداً الشعور بأي ضغط من المدرب لدفع اللاعب للعودة مبكراً. لم يكن يورغن كذلك أبداً. كان الأمر ببساطة: عندما يكون جاهزاً، يكون جاهزاً؛ فقط أخبرني. لم يكن هناك أي ضغط من هذا الجانب».

ذكرت صحيفة The Athletic كيف أصبحت العمليات الطبية معقّدة في ليفربول، مع تصادم الأقسام المختلفة حول أفضل نهج وطرق أندرياس كورنماير، رئيس اللياقة البدنية والتكيّف. ومع ذلك، يؤكّد رينشو إنّه تجنّب الكثير من المحادثات المُحرِجة مع كلوب: فقد كان أداء ليفربول جيداً بشكل عام من حيث الإصابات خلال موسم 2016-2017.

ويوضّح رينشو «ليورغن شخصية قوية جداً، لم يكن يخشى التعبير عن رأيه في بعض الأحيان. كان دائماً، إذا شعر أنّه مبرّر، يطرح السؤال قائلاً: لماذا فعلت ذلك بهذه الطريقة، أو ماذا عن هذا؟ كانت لديه آراؤه الخاصة حول بعض الأمور، لكنّنا لم نكن نختلف أبداً».

جيف سكوت هو طبيب آخر ذو خبرة واسعة في الـ»بريميرليغ». غادر توتنهام الصيف الماضي بعد فترة استمرّت 20 عاماً في شمال لندن، حيث ارتقى في المناصب ليصبح رئيساً للقسم الطبي، ويصف دوره بأنّه «الجلوس عند تقاطع صحة اللاعب واحتياجات الفريق».

يُشدّد سكوت على الحاجة إلى التفكير المشترك عبر النادي. وأوضح كيف يُبلَّغ المسؤولون التنفيذيّون دائماً بإصابات اللاعبين في حال احتاجوا إلى البحث عن بدائل في نافذة الانتقالات.

ويُضيف سكوت: «المدرب لديه ضغط قصير الأجل أكثر. من جانبه، المباراة التالية هي الأهم. ثم لديك اللاعبون - يُريدون اللعب، لكن غالباً ما يتعرّضون إلى إصابات لا يكون من الحِكمة اللعب فيها ويمكن لمباراة واحدة أن تُعرّضهم إلى خطر أكبر لفترة غياب أطول. لذا، الأمر يتعلّق بالتوازن وهذه المقايَضات بين ما يُريده مختلف الأشخاص وهو دائماً أصعب شيء».

theme::common.loader_icon