أساليب التعامل مع القلق "الكارثي"
أساليب التعامل مع القلق "الكارثي"
د. أنطوان الشرتوني
Tuesday, 10-Dec-2024 06:20
الكثير من الأشخاص يَميلون بشكل مُفرَط إلى التفكير بطريقة سلبية عندما يواجهون أزمة ما. فتتركّب في عقولهم سيناريوهات «مخيفة» وتتحوّل إلى حقيقة يعيشونها كل يوم. ولا يكتفون بذلك بل ينتقلون من احتمال إلى احتمال آخر و»رعب آخر». ويتميّز هذا النوع من التفكير السلبي بالتركيز على أسوأ المواقف التي يخترعها الإنسان ويعايشها وكأنّها حقيقية. هذا ما نسمّيه بـ»القلق الكارثي» أو Catastrophising.

كلّنا نشعر بقلق ما وهذا أمر طبيعي إذا كان هذا القلق لا يؤثر تأثيراً مباشراً على الإنسان.

كما أنّنا جميعاً نرتكب أخطاء في حياتنا، فلا أحد معصوم عنها. فعندما نرتكب خطأ ما، نشعر بقلق «مناسب». ويكفي التفكير بهذا الخطأ وتصحيحه باعتذار أو تفسير، للشعور بالراحة.

لكنّ البعض يَرَون في الهفوة سيناريو «عدوانياً»، إذ ينغمسون في دوّامة من «التفكير السلبي».

فالقفز إلى استنتاجات خاطئة والاستجابة لها، ومعاقبة النفس على المواقف لا تستدعي كل هذا التفكير السلبي، وغير ذلك يؤدّي إلى مشاكل نفسية وصحية عند الإنسان لأنّه سيعاني من أنماط التفكير غير العقلانية ومنها: اضطراب الهلع، القلق الاجتماعي واضطراب الوسواس القهري.

كما أنّ الأطفال الذين تعرّضوا إلى مواقف من التوتر أو مرّوا بحدث صادم أو فترة من الحزن هم أكثر عرضةً للتشاؤم خصوصاً قلق المستقبل.

كيف يستجيب الجسم للتفكير السلبي أوالقلق «الكارثي»؟

إنّ القلق بمستوى «مناسب»، أمر طبيعي، فالكثير من الأشخاص يمرّون بقلق في مرحلة ما من حياتهم. لكنّ القلق يُصبح مشكلة عندما يؤثّر على الحياة اليومية.

وتشمل علامات القلق الشعور بالإرهاق، وعدم القدرة على المضي قدماً، والحديث السلبي مع النفس، والتفكير التشاؤمي على موقف ما، وطلب الطمأنينة من الآخرين.

عندما يتعرّض الإنسان إلى كمية كبيرة من «القلق الكارثي» والخوف، سيشعر بالإرهاق. ويستجيب الجسم للأزمات الخارجية التي تؤثّر مباشرةً على العقل والجسد.

جسدياً، يبدأ القلب بالخفقان بشكل متسارع كما يشعر الإنسان بالدوار وترتفع حرارته ويمكن أن يصاب بالصداع أو آلام في جسمه.

أمّا نفسياً، وإذا تكرّر هذا النوع من التفكير السلبي، فتظهر مع الاضطرابات الجسدية تأثيرات على صحته العقلية.

فذلك يؤدّي إلى زيادة مستويات التوتر والقلق وصولاً إلى الاكتئاب. وتظهر هذه التأثيرات في كل الفئات العمرية، عند الأطفال، المراهقين، راشدين ومسنّين، كما تظهر بطرق مختلفة، إمّا من خلال التركيز على موقف ما وتضخيمه بشكل سلبي، أو من خلال القلق الشديد حول المستقبل.

استراتيجيات المواجهة

«للقلق الكارثي»

إذا كان «القلق الكاريثي» يؤثر تأثيراً كبيراً على الصحة النفسية للإنسان، لذا يتوجّب تدخّل الاختصاصي النفسي في إعادة تدريب الدماغ على التعامل مع الأفكار السلبية وإعادة صياغة طريقة تفكيرك مع معرفة وتحليل الأسباب التي أدّت إلى «القلق الكارثي».

كما يمكن أن تساعدك العلاجات مثل العلاج التحليلي، السلوكي المعرفي، والمعرفي في تعلّم كيفية تحديد أنماط التفكير السلبية والتحكّم فيها وإعادة صياغتها.

كما هناك بعض الخطوات التي يمكن اتباعها للمساعدة في التغلّب على «القلق الكارثي» ومنها:

- التفكير في القلق الكارثي من خلال طرح السؤال التالي على الذات: «ماذا لَو؟» الذي سيُخفّف من الخوف وسيستبدل المواقف السلبية بمواقف طبيعي.

مثال: عدم الخروج من البيت خوفاً من السقوط أرضاً. لذا يسأل نفسه الشخص: ماذا لو سقطتُ أرضاً؟

ويجيب نفسه بموقف طبيعي: سيأتي أحد ما ويساعدني في النهوض.

- ممارسة التأمّل تساعد في الاسترخاء.

- يأتي «القلق الكارثي» من التركيز فقط على النتائج السلبية والشعور بعدم السيطرة. فلحل هذه المشكلة من المستحسن التركيز على حَلّ المشكلات وإيجاد الحلول، ممّا يساعد في الشعور بمزيد من السيطرة.

- تدوين الأفكار السلبية للمساعدة.

- اللجوء إلى الفنون ومنها الرسم والتلوين، فهي من أكثر النساطات استرخاءً ومتعة.

- ممارسة نشاط الزراعة.

- رعاية الذات، الاهتمام بالاحتياجات الأساسية، النوم، ممارسة الرياضة، تنشّق الهواء النقي، الماء، اتباع نظام غذائي صحي، وغيرها من السلوكيات المناسبة والمتوازنة لحياة الإنسان.

theme::common.loader_icon