كشف مراقب للحرب ومقاتلون معارضون، أنّ مقاتلي المعارضة اخترقوا ثلاثة أحياء في مدينة حلب. وقد شنّت الحكومة غارات جوية مكثفة على مناطق يُسيطر عليها المتمرّدون.
وصل مقاتلو المعارضة السورية إلى أطراف مدينة حلب الرئيسية أمس الجمعة، وفقاً لما أفاد به مقاتلون ومراقب للحرب، ممّا أثار مخاوف من أنّ الحرب الأهلية في البلاد تعود إلى الاشتعال بشدّة لم تشهدها منذ سنوات.
شنّت القوات الحكومية السورية وحلفاؤها الروس غارات جوية مكثفة على مدن وبلدات عدة تسيطر عليها المعارضة أمس الجمعة، بما في ذلك 23 غارة على مدينة إدلب، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مجموعة مراقبة مقرّها بريطانيا.
وشنّ المتمرّدون هجومهم هذا الأسبوع، في أكبر تحدٍّ يواجه الرئيس السوري بشار الأسد منذ سنوات. ويأتي ذلك في وقت ضعف فيه حلفاؤه العسكريّون في إيران و»حزب الله» بشكل كبير بسبب نزاعاتهم مع إسرائيل، بينما تركّز روسيا على حربها في أوكرانيا.
كانت الحرب الأهلية - التي هجّرت نحو نصف سكان البلاد وأجبرت ملايين اللاجئين على الفرار إلى دول مجاورة مثل تركيا ولبنان - قد شهدت فترة من الهدوء. لكن يوم الأربعاء، شنّ مقاتلو المعارضة، الذين ينتمون إلى مجموعة متنوّعة من الفصائل المسلّحة، هجوماً مفاجئاً على الحكومة في محافظة حلب الشمالية الغربية. ويُعدّ هذا التقدّم هو الأهم للمعارضة منذ سنوات، وفقاً للمرصد.
تمكّن مقاتلو المعارضة أمس من اختراق ثلاثة أحياء في أطراف حلب بعد تفجير سيارتَين مفخّختَين استهدفتا جنوداً حكوميّين، وفقاً لما ذكره المتمرّدون والمرصد. ولم يقدّم المرصد تفاصيل إضافية حول التفجيرَين، ولم يتضح على الفور ما إذا كانت هناك خسائر بشرية.
ونشر المتمرّدون خريطة على تطبيق المراسلة «تيليغرام» إلى جانب تحذيرات إخلاء للسكان في مدينة حلب، وحثوا الناس على الانتقال إلى الأحياء الشرقية «من أجل سلامتهم».
زعمت وسائل الإعلام الحكومية السورية أنّ القوات الحكومية أوقفت تقدّم المتمرّدين وألحقت خسائر فادحة بهم. ولم يردّ المتمرّدون فوراً على هذا الادّعاء، الذي لم يتمّ التحقق منه بشكل مستقل.
وأفادت منظمة «الخوذ البيضاء»، وهي منظمة إغاثة تعمل في مناطق المعارضة، عن مقتل وإصابة العديد من المدنيّين جراء الغارات الجوية الحكومية أمس.
يتألف المتمرّدون من مجموعة متنوّعة من الفصائل المسلحة، بما في ذلك «هيئة تحرير الشام»، التي كانت مرتبطة سابقاً بتنظيم القاعدة، لكنّها أعلنت فك ارتباطها به منذ سنوات. كما تشارك في الهجوم مجموعات متمرّدة مدعومة من تركيا.
أطلق مقاتلو المعارضة هجومهم يوم الأربعاء بهدف محاولة وقف الغارات الجوية التي تشنّها القوات الحكومية وحلفاؤها على المناطق التي تُسيطر عليها المعارضة.
وكشف المتمرّدون أنّهم كانوا يستعدّون لهذا الهجوم منذ أشهر. وفي بيان مصوّر أعلن فيه الهجوم، أعلن العقيد حسن عبد الغني، القائد العسكري لغرفة عمليات المعارضة، إنّ قرار شنّ الهجوم كان مفروضاً عليهم.
وأضاف: «لدفع نيرانهم عن شعبنا، هذه العملية ليست خياراً. إنّها واجب للدفاع عن شعبنا وأرضهم».
دعمت إيران الحكومة السورية طوال فترة الحرب، وأرسلت مستشارين وقادة من قوات الحرس الثوري الإيراني إلى القواعد وخطوط المواجهة، ودعمت ميليشيات تضمّ آلاف المقاتلين للدفاع عن الحكومة. وتدفّقت الأسلحة والأموال من إيران عبر الحدود السورية إلى «حزب الله» في لبنان، كجزء ممّا يسمّى بـ»محور المقاومة».
وأدّت ثلاثة أيام من الاشتباكات العنيفة إلى مقتل أكثر من 250 مقاتلاً من كلا الجانبَين، بما في ذلك أكثر من 140 من فصائل المعارضة و87 جندياً حكومياً ومقاتلين مدعومين من إيران، وفقاً للمرصد.