أيهذا الاستقلال، حقنا الطبيعي أنت،
لكنّنا فقدناك يوم هتَك الجحيم طراوتك وخُدعنا بغواية العيش على الأكاذيب التي سكنت القلب والعقل معاً، فكان الانهيار الكبير.
فقدناك يوم تراجعت القيم الإنسانية وأُهملت التربية الوطنية، وأقفلت المؤسسات التعليمية أبوابها في وجه العلم والمعرفة.
فقدناك يوم نُهبت الدولة، وانتشر الفساد، وانهارت العملة الوطنية، وأصبح المواطن في عوز دائم.
فقدناك يوم غابت الإنسانية عن ضمائر الحكّام ورجال الدين، وتقاعس القضاء عن أداء دوره.
فقدناك يوم أضحى بلدنا بلا دولة والناس فيه بلا وجه وبتنا نفتش عن الإنسان عندنا.
فقدناك يوم انقسمنا بين شرق وغرب، وتاهت عقولنا في متاهات التحليلات السياسية التي لم تُفضِ إلى بناء دولة مستقلة.
فقدناك يوم زُجّ بنا منفردين في حرب تدميرية، لا قِبَل لنا بمواجهتها، تحمّلنا خلالها أوزار القصف الجهنمي الذي طال المدن والأحياء والبساتين. صارت حقولنا محروقة، ومدننا خراباً ودماراً، وأصبح النازحون إمّا مُهجَّرين أو مُهاجرين، والسيادة في مهبّ الريح.
وبعد، ماذا تبقّى لنا من طراوة الوجود وابتسامات الأطفال؟
ماذا تبقّى من مواسم الزيتون والسلام؟
نعم، الاستقلال حق، لكن ماذا يعني استقلال لا نستطيع الدفاع عنه؟
قيمة الاستقلال بالقِيَم التي تدعمه وتحرّره من العبودية. فلا استقلال حقيقياً في غياب الحرّية والحكمة والتعقّل.
حاجتنا ماسّة إلى التعقّل وهذا حق الاستقلال علينا.
ولكن أنّى لنا بالعقل يستنير بالفكر الناضج؟
هل يسطع النور في تمزّقاتنا وانقساماتنا؟
حبّذا يهبط وحي العقل علينا ويضيء طريقنا، إذذاك نصبح بلداً مستقلاً بحق.
