الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل للتوصّل إلى اتفاق مع «حزب الله»، الميليشيا اللبنانية قبل عيد الشكر، على رغم من أنّ التفاصيل الرئيسية لا تزال غير محسومة، بحسب ما ذكر مسؤولون إسرائيليّون.
أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أنّه منفتح على وقف إطلاق النار في الصراع الذي استمر عاماً مع «حزب الله»، لكنّه يسعى إلى الحصول على ضمانات أوضح حول كيفية استئناف إسرائيل القتال إذا انتهك «حزب الله» الهدنة، وفقاً لما ذكره مسؤولان إسرائيليان مطّلعان على تفكيره.
يضغط المسؤولون الأميركيّون على إسرائيل لإنهاء الاتفاق قبل عيد الشكر، وفقاً لهذَين المسؤولَين الإسرائيليَّين واثنَين آخرَين، وجميعهم تحدّثوا بشرط عدم الكشف عن هويّتهم لمناقشة المفاوضات السرّية. وأفاد المسؤولون بأنّ الجانبَين حقّقا تقدّماً نحو وقف إطلاق النار خلال الأسبوع الماضي، وكان من المقرّر أن يجتمع نتنياهو مع حكومته هذا الأسبوع لاتخاذ قرار بشأن اقتراح مُعيّن.
يُنظر إلى الاقتراح الأخير باعتباره أفضل فرصة لإنهاء القتال الذي أودى بحياة الآلاف في لبنان وعشرات المدنيّين والجنود الإسرائيليّين، مع تهجير 60,000 شخص في إسرائيل وحوالى مليون في لبنان. لكنّ المفاوضات كانت تتوقف وتُستأنف على مدى أسابيع، وقد لا يتوصّل الجانبان إلى اتفاق. ورفض مكتب نتنياهو التعليق على نواياه.
بموجب الاقتراح، ستنسحب القوات الإسرائيلية من لبنان في غضون 60 يوماً، بينما سيتحرّك «حزب الله» شمالاً، بعيداً من الحدود الإسرائيلية، وفقاً للمسؤولين.
ومن المقرّر أن ينشر الجيش اللبناني قواته في جنوب لبنان لضمان بقاء «حزب الله» شمال نهر الليطاني، وفقاً للمسؤولين، ممّا يخلق فعلياً منطقةً عازلة على طول الحدود الإسرائيلية.
إذا وافق الطرفان، فسيكون هذا أول وقف لإطلاق النار في لبنان أو غزة منذ عام تقريباً. ففي تشرين الثاني الماضي، إلتزمت إسرائيل و»حماس» بهدنة استمرّت أسبوعاً في غزة، بينما تبادلتا بعض الرهائن والأسرى. كما توقفت إسرائيل و»حزب الله» الذي بدأ بإطلاق صواريخ على إسرائيل قبل أسابيع تضامناً مع «حماس»، عن إطلاق النار على بعضهما خلال ذلك الأسبوع، على رغم من أنّهما لم يتوصّلا إلى اتفاق رسمي.
بعد ذلك التوقف، تفجّر القتال على كلا الجبهتَين مرّة أخرى، وازداد حدّة في الأشهر الأخيرة. فمنذ بداية الحرب في غزة، التي اندلعت في تشرين الأول 2023 بعد هجوم «حماس» على إسرائيل والذي أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص، قُتل أكثر من 44,000 فلسطيني.
إحدى النقاط العالقة في المحادثات مع «حزب الله» هي كيفية وما إذا كانت القوات الإسرائيلية ستتمكن من إعادة الانتشار داخل لبنان إذا انهارت الهدنة.
وأوضح المسؤولون أنّ إسرائيل تسعى إلى الاحتفاظ بالقدرة على اتخاذ إجراءات عسكرية لدفع مقاتلي «حزب الله» إلى التراجع، إذا فشل الجيش اللبناني في إبقائهم بعيداً من الحدود. وذكر ثلاثة من المسؤولين، أنّ الاقتراح يُفهَم على الأقل بأنّه يعني أنّ الولايات المتحدة التي دعمت بشدة اقتراح وقف إطلاق النار، ستدعم مثل هذا الإجراء.
يبدو أنّ نتنياهو أكثر انفتاحاً على صفقة مع «حزب الله» في لبنان مقارنةً بـ»حماس» في غزة، ويرجع ذلك إلى حَدٍّ كبير إلى أنّه أكثر تصميماً على تدمير «حماس» بالكامل مقارنة بـ»حزب الله». ومع ذلك، فإنّ الفصائل المتشدّدة التي تُعتبر حاسمة لائتلافه السياسي عارضت أي وقف لإطلاق النار. ويوم أمس الاثنين، حثّ وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، نتنياهو علناً على رفض الاقتراح.
ويرى بن غفير بأنّ: «الاتفاق مع لبنان خطأ كبير. فرصة تاريخية ضائعة للقضاء على «حزب الله». كما حذّرتُ من قبل في غزة، أحذّر الآن أيضاً: سيد رئيس الوزراء، لم يَفُت الأوان بعد لوقف هذا الاتفاق! يجب أن نستمر حتى تحقيق النصر الكامل!».
الأسبوع الماضي، أرسلت إدارة بايدن مبعوثاً رفيع المستوى، آموس هوكشتاين، إلى إسرائيل ولبنان لدفع الطرفَين نحو اتفاق. وفي الوقت عينه، أطلقت إسرائيل و»حزب الله» بعضاً من أعنف الهجمات الجوية على بعضهما البعض منذ بدء القتال، في محاولة لكسب نفوذ في ما قد يكون المرحلة الأخيرة من المحادثات.
وأعلن مسؤولون إسرائيليون يوم الأحد أنّ «حزب الله» أطلق ما لا يقل عن 250 قذيفة، وهو مصطلح يُستخدم غالباً للإشارة إلى الصواريخ، على إسرائيل، بما في ذلك العديد باتجاه تل أبيب، ممّا أدّى إلى إصابة ما لا يقل عن 13 شخصاً.
في لبنان، أصدرت القوات الإسرائيلية سلسلة من أوامر الإخلاء الشاملة للمنطقة الواقعة جنوب بيروت ليلة الأحد، قبل أن تضرب ما وصفته بعشرات مراكز القيادة التابعة لـ»حزب الله». ولم ترِد تقارير فورية عن وقوع إصابات في تلك الضربات.
استمرّ تبادل إطلاق النار العنيف يوم الاثنين، ممّا تسبّب في إغلاق المدارس على جانبَي الحدود. وذكرت القوات الإسرائيلية أنّها استهدفت ما لا يقل عن 25 هدفاً لـ»حزب الله» في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك ما وصفته بأنّه مبانٍ تُستخدم من قِبل قيادة «حزب الله» وعملياته الاستخباراتية.
في الوقت عينه، في أجزاء من شمال إسرائيل، لجأ السكان إلى الملاجئ مع إعلان جولة جديدة من صفارات الإنذار عن إطلاق حوالى 30 قذيفة من لبنان. وأعلن مسؤولون إسرائيليّون أنّ بعض هذه القذائف اعتُرِضت بواسطة صواريخ إسرائيلية.
وأفادت وسائل الإعلام اللبنانية الرسمية أنّ 7 أشخاص على الأقل أصيبوا في ضربات إسرائيلية يوم الاثنين. وفي شمال إسرائيل، كشف مسؤولون أنّ رجلاً يبلغ من العمر 60 عاماً أصيب في هجوم من لبنان.
منذ بداية الحرب، قتلت الهجمات الإسرائيلية أكثر من 3,500 شخص في لبنان، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية. وأعلن المسؤولون الإسرائيليّون أنّ هجمات «حزب الله» قتلت 47 مدنياً، وكشف الجيش الإسرائيلي أنّ 46 جندياً لقوا حتفهم في القتال. ويُعتبر عدد القتلى أقل في إسرائيل جزئياً بسبب أنظمة الدفاع الجوي التي اعترضت معظم الصواريخ قبل أن تصيب المناطق المأهولة بالسكان.
إذا فشلت إسرائيل و»حزب الله» في الموافقة على وقف إطلاق النار المقترح بحلول يوم الخميس، يعتقد مسؤولان أنّه يمكن التوصّل إليه بحلول نهاية الأسبوع.