إرث توخيل مع إنكلترا: قاعدة مواهب أوسع، معضلة صانع الألعاب، وما بعد كاين؟
إرث توخيل مع إنكلترا: قاعدة مواهب أوسع، معضلة صانع الألعاب، وما بعد كاين؟
جاك بيت-بروك - نيويورك تايمز
Tuesday, 19-Nov-2024 06:11

تحوّلت الرحلة الأخيرة لسفينة «كارزبول» (Carsball) بمعظمها إلى أكثر الانتصارات عدداً على الإطلاق. وحقّق المنتخب الإنكليزي فوزاً ساحقاً بنتيجة 5-0 على أيرلندا مساء الأحد، ممّا ضمن له تصدّر مجموعته في دوري الأمم الأوروبية، واستكمال المهمّة الأولى التي حدّدها لي كارزلي عندما تولّى تدريب الفريق في آب.

عند صافرة النهاية في «ويمبلي»، ظهرت على الشاشات الكبيرة صورة لكارزلي مع عبارة «شكراً لكَ»، وبينما كان يعانق لاعبيه والجهاز الفني على أرض الملعب، كان بإمكانه التفكير في مهمة أُنجزت بنجاح.

 

لم يقتصر دور كارزلي على قيادة إنكلترا لتجاوز المجموعة فقط، بل حاول أيضاً إدخال تغييرات على التشكيلة وأسلوب اللعب لمساعدة خليفته، توماس توخيل، الذي سيتولّى المهمّة في كانون الثاني.

 

لم تنجح كل محاولاته، لكنّه لم يكن يخشى المحاولة أبداً. في بعض النقاط، أصبحت إنكلترا في وضع أفضل ممّا كانت عليه قبل 3 أشهر. وفي نقاط أخرى، لا تزال تبحث في الظلام. لكن عندما يقدّم كارزلي تقريره عن عمله خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أولاً إلى جون مكدرموت ثم إلى توخيل نفسه، سيُسلّم فريقاً أعمق وأصغر عمراً ممّا تسلّمه.

 

هذا هو الإرث الذي ورثه توخيل؛ ما الذي سيحققه منه يبقى سؤالاً لعام 2025.

 

قاعدة أوسع من اللاعبين

في الأيام الأخيرة من ولايته، بدأ كارزلي يتحدّث علناً عن أحد أهدافه الاستراتيجية خلال فترة الـ6 مباريات التي قضاها: توسيع قاعدة لاعبي إنكلترا.

 

كان هذا هاجساً داخل الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم لسنوات. مع انخفاض نسبة اللاعبين المؤهلين لتمثيل المنتخب في الدوري الإنكليزي الممتاز، أصبح لدى مدرب المنتخب خيارات أقل للاختيار منها. واعتاد غاريث ساوثغيت الحديث عن هذا كثيراً.

 

لكنّ كارزلي أدخل المزيد من اللاعبين إلى أجواء المنتخب، ممّا يعني أنّه عندما يتولّى توخيل المهمّة، سيكون هناك عدد أكبر من اللاعبين الدوليِّين الذين مُنِحوا فرصة اللعب.

 

ربما كان من الأسهل على كارزلي الاعتماد فقط على اللاعبين المخضرمين خلال المباريات الـ6. كان ذلك سيزيد من فرص إنكلترا في الفوز ويقلّل من المخاطر على سمعته. ولم يكن أحد لينتقده لو اختار النهج الآمن.

 

لكن بدلاً من ذلك، منح كارزلي فرصة المشاركة لأول مرّة لـ8 لاعبين: مورغان غيبس-وايت، أنخيل غوميز، نوني مادويكي، مورغان روجرز، لويس هول، كورتيس جونز، تينو ليفرامنتو، وتايلور هارود-بيليس. كما اعتمد على العديد من الشبان الذين منحهم ساوثغيت الفرصة للمرّة الأولى، مثل ريكو لويس، ليفي كولويل، أنطوني غوردون، وكوبي ماينو. وكان كارزلي محبطاً لأنّه لم يتمكن من منح الفرصة لهارفي إيليوت وجاكوب رامزي أيضاً.

 

والنتيجة أنّ المنتخب الإنكليزي بات لديه طابع مختلف تماماً، ليس فقط بفضل جيل جود بيلينغهام، بل بفضل جيل جديد تماماً أصغر سناً. حتى أنّ هاري كاين تحدّث عن الحاجة إلى الحفاظ على ثقافة الفريق القديمة لأنّ تدفّق الشباب الجدد كان كبيراً للغاية.

 

هل ستستمر مجموعة كارزلي وأسلوبها؟

ما يوحّد العديد من هؤلاء الشباب الجدد هو أنّهم لعبوا تحت قيادة كارزلي وآشلي كول مع منتخب إنكلترا تحت 21 عاماً. العديد منهم فازوا ببطولة أوروبا معه الصيف الماضي. إنّهم يشعرون بولاء شخصي لكارزلي ويستمتعون باللعب بأسلوبه الأكثر انفتاحاً والقائم على الاستحواذ.

 

السؤال الكبير بالنسبة إلى توخيل هو ما إذا كان يريد بالفعل استخدامهم أو اللعب بهذه الطريقة. الحوافز التي يملكها توخيل مختلفة تماماً عن تلك التي كانت لدى كارزلي. لديه عقد لمدة 18 شهراً يركّز بشكل أساسي على كأس العالم. وطريق اللاعبين الشباب من الفئات العمرية إلى الفريق الأول ليس من أولوياته. لم يأتِ لتحويل كرة القدم الإنكليزية، بل وظيفته هي تدريب فريق واحد لمدة تزيد قليلاً على عام.

 

مع كل ذلك، لا يبدو من المرجّح أنّه سيرغب في بناء فريقه حول مجموعة كارزلي. لماذا يفعل ذلك؟ قد يكون من المرجّح أن يعتمد على اللاعبين المخضرمين الذين لم يأخذهم ساوثغيت حتى إلى بطولة أوروبا الأخيرة، مثل جاك غريليش وهاري ماغواير، اللذَين عادا إلى الفريق تحت قيادة كارزلي؛ أو ماركوس راشفورد ومايسون ماونت إذا استعادا مستواهما؛ أو بن تشيلويل وريس جيمس إذا تعافَيا ولعبا؛ أو حتى إيريك داير، الذي تعاقد معه توخيل في بايرن ميونيخ الألماني.

 

عند تقديم توخيل الشهر الماضي، أوضح إنّه يُريد اللعب «بأسلوب هجومي»، وإنّ إنكلترا «يجب أن تحاول إبراز الجانب البدني من لعبها، لأنّ هذا ما يُميّز كرة القدم الإنكليزية». لم يبدُ كرجل متمرّس في تفاصيل أسلوب «كارزبول». فما الذي يعنيه ذلك بالنسبة إلى أنخيل غوميز أو كورتيس جونز في وسط الملعب؟

 

معضلة هاري كاين

قد ينظر كثيرون إلى كارزلي على أنّه مجرّد «شخص لطيف»، خيار آمن، رجل مؤسسات، لكنّه يستحق الثناء على شجاعته أيضاً. فهو يستحق الإشادة لمواجهته قضية هاري كاين. باختصار: هل من الصحيح دائماً اختيار أعظم لاعب في إنكلترا الحديث؟

 

هذه كانت مسألة لم يجرؤ ساوثغيت على لمسها. كان كاين دائماً يشارك في المباريات الكبيرة، حتى في نهائي يورو 2024، حين استُبدل بعد ساعة من اللعب فقط.

 

لكنّ كارزلي أدرك أنّ مهاجمين آخرين يحتاجون إلى المشاركة في المباريات الكبرى أيضاً. اختار كارزلي بيلينغهام في مركز الهجوم عندما خسرت إنكلترا أمام اليونان في تشرين الأول، عندما لم يكن كين في كامل لياقته. وفي أثينا الأسبوع الماضي، فاجأ الجميع - بما في ذلك كاين نفسه - باختيار أولي واتكينز. كانت واحدة من أجرأ اختيارات التشكيل في تاريخ إنكلترا الحديث ونجحت.

 

الأحد، أظهر كاين أنّه يستطيع القيام بأشياء لا يمكن لأي لاعب آخر فعلها، مثل تغيير المباراة بتمريرة قطرية رائعة إلى بيلينغهام، أدّت إلى ركلة الجزاء التي سجّلها لاحقاً. إبداعه، وقدرته على التهديف، وقيادته كلها مزايا هائلة. لكن هناك عيوباً أيضاً، من حيث الضغط والجري الذي لا يقوم به. توخيل يعلم كل هذا، بعد أن درّب كاين في بايرن العام الماضي. إنّه يُحبّ كاين وبالتأكيد سيستمر في اختياره، لكن إذا قرّر السَير في اتجاه مختلف، فسيكون ذلك أسهل ممّا كان عليه بسبب تجربة كارزلي.

 

كثرة اللاعبين في مركز رقم 10

لم يكن كاين القضية الوحيدة غير المحلولة التي أثّرت على فترة ساوثغيت. كانت هناك أيضاً مشكلة رغبة أفضل لاعبي إنكلترا جميعاً في اللعب كصانع ألعاب رقم 10.

 

في اليورو، لم يعثر ساوثغيت على طريقة لجعل فيل فودين وبيلينغهام يلعبان بشكل جيد معاً، ولم يَكد يُدخل كول بالمر إلى أرض الملعب. قدّمت هذه الفترة القصيرة لكارزلي فرصة لإيجاد حل لهذه المشكلة، لإيجاد طريق للتعامل مع معضلة وجود عدد كبير من اللاعبين الموهوبين في نفس المركز. لكن هذا لم يحدث. لم تساعد الظروف كثيراً، إذ لم يكن هؤلاء اللاعبون متاحين دائماً في الوقت عينه. بالمر بدأ مباراتَين فقط تحت قيادة كارزلي، وفودين واحدة فقط. والمباراة الوحيدة التي حاول فيها إشراكهم جميعاً معاً - أمام اليونان - كانت أسوأ أداء لإنكلترا تحت قيادته، والهزيمة الوحيدة.

 

مع ذلك، كانت هناك لمحات من النجاح. في المباراة الأولى لكارزلي في دبلن في أيلول، لعب غريليش في مركز صانع الألعاب وكان رائعاً. بدا وكأنّه تحرّر من خلال تحمّل المسؤولية الإبداعية من دون أن يحاول الآخرون التدخّل.

 

عندما فازت إنكلترا 3-0 في أثينا الأسبوع الماضي، قدّم بيلينغهام أفضل مباراة له تحت قيادة كارزلي، وقاد الفريق إلى الأمام كصانع الألعاب الوحيد. ليس من قبيل الصدفة أنّ غريليش وفودين وبالمر كانوا جميعاً مصابين.

 

لكن بينما تظل هذه المشكلة بلا حل، عزّز كارزلي خيارات إنكلترا في الأجنحة، فمنح غوردون ومادويكي فرصة اللعب بشكل منتظم على الأطراف، ممّا أضاف عرضيات مستمرة للعب. ومن المؤكّد أنّ كلاهما سيكونان جزءاً من خطط توخيل.

theme::common.loader_icon