عاد ريال مدريد، بطل أوروبا وإسبانيا، من بعيد وحقّق «ريمونتادا» الفوز على ضيفه بوروسيا دورتموند الألماني، وصيف «القارة العجوز»، 5-2 مرّة جديدة في الجولة الثالثة من دوري أبطال أوروبا، بعد فوز فريق العاصمة الإسباني في نهائي العام الماضي.
في ملعب «سانتياغو برنابيو»، لم تكن «مباراة العودة» اختباراً ثأرياً للنادي الألماني أو محاولة تعويض التعثر في الجولة الثانية للنادي اللمكي فحسب، بل كانت أيضاً فرصة لدورتموند للبقاء بين أندية القمة في المجموعة الموحّدة في البطولة القارية.
دخل المدرب الألماني نوري شاهين المباراة بتشكيلة هجومية، بإشراك المهاجم الغيني سيرهو غيراسي بين الجناحَين الإنكليزي جيمي غيتينز والهولندي دونييل مالين، وصانع الألعاب يوليان براندت. كما اعتمد على قطبَي دفاع ذي خبرة، وسط ظهيرَين عاليا السرعة.
بدوره، بدأ المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي المباراة برسم تكتيكي 4-3-3، معتمداً على صانع الألعاب الكرواتي لوكا مودريش (39 عاماً)، جنب الإنكليزي جود بلينغهام والأوروغوياني فيديريكو فالفيردي.
في الشوط الأول، هيمنت تشكيلة شاهين على وسط الملعب، وكسرت الخطوط الثلاث بتمريرات بينية مباشرة، بعد ضياع الكرة من مهاجمي أو لاعبي وسط أصحاب الأرض، ممّا أسفر عن هدفَين أولَين للزوار.
وكان مالين العنصر الأساس في تحويل اللمسة الأخيرة أو ما قبل الأخيرة إلى هدف وصناعة توالياً، بعد تلقّي الكرات العرضية الأرضية من الأطراف لتحويلها في الثلث الأخير من الملعب، بعد التفوّق في المواجهات المباشرة أمام فالفيردي ومودريتش. وقاد دورتموند هجماته بشكل رئيس على الجهة اليمنى، مستغلين وجود لوكاس فاسكيز بدلاً من القائد داني كارفاخال المصاب، قبل توجيه الكرات العرضية إلى منطقة وجود مودريتش إلى جانب الظهير الأيسر الفرنسي فيرلان مندي.
غير أنّ أنشيلوتي، حوّل طريقة اللعب مطلع الشوط الثاني عبر الدفع بمودريتش للتقّدم أكثر للمساندة الهجومية، فأسفرت هجمتَان مرتدتَان سريعتَان عن هدفَي التقليص والتعادل.
وكانت نقطة التحوّل بدخول لاعبَي الوسط الفرنسيَّين إدواردو كامافينغا وأوريليان تشاومني لتطويق صانع الألعاب الألماني باسكال غروس، وانتقال بيلينغهام إلى قلب منطقة الجزاء مع خروج مودريتش والجناح البرازيلي رودريغو، لتسريع مجريات اللعب وزيادة الكثافة العددية في وسط الملعب بالانتقال إلى تشكيلة 4-2-3-1، فكوفئ أنشيلوتي على تغييراته التكتيكية مستغلاً سرعة التحرّك على الجناحَين، لتسجيل هدف التحوّل الرئيسي من خارج المنطقة، ممّا كشف دورتموند دفاعياً في الثلث الأخير من اللقاء.
مع التبديلات الدفاعية والهجومية لدورتموند، تبيّن عدم قدرة الفريق على استكمال المباراة بالتكتيكات عينها، تبعاً لاستعادة سيطرة أصحاب الأرض على الكرة، إذ ركّزوا على اللعب وافتكاك الكرة في منطقة الخصم، وتقلّصات أعداد العرضيات فاستبدلوها بالتمريرات القصيرة التي صعّبت من مهمّة القيام بالهجمات المرتدة الألمانية.
فن تحت أضواء «سان سيرو»
على ملعب «سان سيرو» في ميلانو، خطف ميلان الإيطالي الفوز من كلوب بروج البلجيكي 1-3، محققاً أول 3 نقاط له بعد 3 جولات في النسخة الجديدة من البطولة القارية، فيما لا يزال بروج يقبع في قاع الترتيب. إعتمد المدرب البرتغالي باولو فونسيكا كعادته على دفاعي رباعي وهجوم ثلاثي كما وسط ملعبه، وبشكل أساسي للاستحواذ على الكرة (62% بالمجمل مع أكثر من 600 تمريرة). أمّا بروج فكانت تشيكلة مدربه نيكي هاين هجوميةً بامتياز، ومرتكزة على المهاجم الإسباني فيران خوتغلا كرأس حربة مع تكثيف لاعبي الوسط (5) ومن خلفهم رباعي دفاعي، لكسر منطقة بناء الهجمات في وسط الملعب، ومنع أصحاب الأرض من فرض هيمنة تامة على الملعب (لعب بروج أكثر من 400 تمريرة معظمها في الشوط الأول).
نجحت خطة فونسيكا بالسيطرة وخلق الفرص بالقرب من مرمى الضيوف، وأثمرت هدفاً أول للمهاجم الأميركي كريستيان بوليسيك من ركلة ركنية. بيد أنّ نقطة التحوّل في المباراة كانت في الدقيقة 40، إثر طرد لاعب الوسط النيجيري رافائيل أونيديكا، ما اضطرّ بروج لإكمال المباراة بـ10 لاعبين. إلّا أنّ هاين قرّر فتح الملعب والمخاطرة الهجومية، مستغلاً بطء هجمات ميلان، فانتزع هدف تعادل مباغت عبر كيرياني سابي.
بعد هدف التعادل، دفع هاين ثمن مجازفته الهجومية وانكشاف خطوطه الخلفية أمام الهجمات المرتدة، إذ عاقبه دفع لاعب الوسط الهولندي تيخاني رايندرز بهدفَين قاتلَين.
بشكل عام، كان بروج بلا حيلة بسبب النقص العديد وتأخّره بهدف باكر، ممّا دفعه إلى المجازفة لوقت أكثر ممّا كان يجب عليه، فيما كان فونسيكا متريّثاً باندفاعاته الهجومية وخاطر بالتفريط بنقطتَين والخروج متعادلاً، لو لم تسعفه الأخطاء الدفاعية البلجيكية في الثلث ساعة الأخير، مع تنويع التسديدات والهجمات من الأطراف الثلاثة لمنطقة الجزاء.
واللافت في المباراة، كان البديل المراهق الإيطالي فراسيسكو كاماردا (16 عاماً) الذي كاد يدخل التاريخ بتسجيله هدفاً جميلاً، تبيّن لاحقاً أنّه كان متسلّلاً، فألغيَ الهدف، راسماً علامة استفهام عن مخاطرة فونسيكا بإدخال اللاعبين الصغار في المباريات القارية وليس فقط في الدوري والكأس المحليَّين.