يتواصل العدوان الإسرائيلي الواسع على لبنان بأشكال مختلفة، جواً وبحراً وبراً، سهلاً وجبلاً، مدناً وقرى، قصفاً واغتيالاً وغارات ومحاولات توغل، وبلا تمييز بين الأهداف، بحيث أصبحت الحرب ممتدة على مساحة كل لبنان.
لا يخفي المواكبون للاتصالات الديبلوماسية تشاؤمهم حيال فرص التوصل قريباً الى اتفاق على وقف إطلاق النار، لافتين إلى انّ نافذة الحل السياسي لا تزال مقفلة في انتظار ما ستؤول اليه.
ويلفت هؤلاء إلى أنّ حتى الضمانات الأميركية التي تلقّاها الرئيس نجيب ميقاتي حول خفض التصعيد ضدّ بيروت وضاحيتها لم تصمد، مع تجدّد الغارات الإسرائيلية على الضاحية قبل يومين، معتبرين انّه كان على ميقاتي عدم تصديق تلك الضمانات.
ولأنّ الكيان الإسرائيلي يبدو متفلتاً من القيود او الضوابط منذ 7 تشرين الاول الماضي، بحجة انّه يخوض معركة وجودية، فهو بات يستسهل تجاوز الخطوط الحمر وكسر المحرّمات، وسط غياب أي ضغط دولي حقيقي عليه للجمه وترويضه.
بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعدد من القادة العسكريين في المقاومة، إضافة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية وبعض رموز الحركة، ارتفع اخيراً صوت اسرائيلي يهدّد مباشرة وبالاسم رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
فقد نشر عضو اللجنة المركزية لحزب العمل الإسرائيلي مائير مصري عبر حسابه على منصة «إكس» الأربعاء الماضي تهديداً صريحاً لرئيس المجلس قائلاً: «نبيه بري هدف مشروع تماماً»!
ومائير هو أيضاً أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، فيما حزبه (العمل) يُعتبر حالياً من قوى المعارضة للسلطة الحالية في الكيان الإسرائيلي. والمفارقة المضحكة انّ هذا الحزب يقدّم نفسه «من دعاة السلام الحقيقي والمستقر بين إسرائيل وجاراتها»، فيما لا يتورع أحد أعضائه، ومن «النخبة» فيه (أستاذ جامعي)، عن الدعوة علانية وجهاراً إلى اغتيال رئيس السلطة التشريعية في لبنان!
وليس خافياً انّ التحالف الوثيق بين حركة «امل» و»حزب الله» لطالما ازعج تل أبيب التي سعت كثيراً، وبوسائل متنوعة، إلى إيجاد شرخ بين التنظيمين، بغية إضعاف البيئة الحاضنة لخيار المقاومة، وتسهيل عملية اختراق نسيجها وتفتيت تماسكها وصولاً إلى ضرب العمق الحيوي للمقاومة.
وحين بدأت معركة إسناد غزة عبر جبهة الجنوب غداة عملية «طوفان الأقصى» لم يميز جيش الاحتلال الإسرائيلي في اعتداءاته بين الحزب والحركة، في دلالة الى انّه ينظر إلى كليهما كرزمة واحدة، مهما اجتهد البعض في محاولة التمييز بينهما.
وتعليقاً على التهديد الاسرائيلي له، نقل زوار الرئيس بري عنه قوله: «انا واحد من اللبنانيين الذين يواجهون خطر العدوان، ويسواني ما يسواهم، فأنا لا أفرق عنهم في شيء، وشأني شأن أي لبناني آخر، وفي نهاية المطاف الشهادة هي حق».
ويضيف مستشهداً ببيت شعر للمتنبي: «انام ملء جفوني.. وباقي البيت تعرفوه جيداً. (أنامُ ملءَ جفوني عن شواردِها .. ويَسهرُ الخَلْقُ جَرّاها و يَختَصِمُ)
ولا يفوت بري الإشادة بالاحتضان الوطني للنازحين، مشيراً إلى «انّ لبنان كله أغرقنا بوفائه ومحبته ووطنيته وشهامته».