تشمل هذه الخريطة جميع 139,255 خليّة عصبية في دماغ ذبابة الفاكهة البالغة، مع 50 مليون إتصال بين هذه الخلايا. يُعتبر هذا البحث خطوة كبيرة إلى الأمام في فهم كيفية عمل الدماغ، حيث يحتوي دماغ ذبابة الفاكهة على حوالي 140,000 خليّة عصبية، وهو عدد صغير مقارنةً بـ86 مليار خليّة في الدماغ البشري، ممّا يجعل دراستها أكثر سهولة.

أظهرت الدراسات السابقة خرائط لأدمغة أصغر، مثل يرقات ذبابة الفاكهة (3,016 خليّة عصبية) أو دودة الأسطوانية (302 خليّة عصبية). لكنّ البحث الحالي يفتح آفاقاً جديدة من خلال تقديم خريطة كاملة لدماغ كائن حيّ أكثر تعقيداً. من خلال رسم خريطة لدماغ ذبابة الفاكهة، يمكن للعلماء فهم العمليات البيولوجية المشابهة لتلك الموجودة في البشر، حيث تُحافظ الجينات والمسارات العصبية على التماثل بين الأنواع.

الأبحاث الجديدة توفّر رؤى قيّمة حول كيفية تنظيم الدوائر العصبية والسلوكيات الإدراكية، ممّا يمكّن الباحثين من استنتاج أنماط عامة يمكن تطبيقها على الدماغ البشري. كما أنّ الأدوات والتقنيات المستخدمة في رسم خريطة دماغ ذبابة الفاكهة قد تفتح آفاقاً جديدة في دراسة أدمغة أكثر تعقيداً، بما في ذلك الدماغ البشري.

وتشير النتائج إلى وجود تشابهات كبيرة في بنية الوصلات العصبية بين أدمغة الكائنات الحيّة المختلفة، ممّا يدعم الفرضية القائلة بأنّ الأدمغة تشترك في تشابهات جوهرية في تصميمها. من خلال فهم كيفيّة تواصل الخلايا العصبية في ذبابة الفاكهة، يمكن تطوير نماذج لأمراض عصبية وعيوب تنموية، ممّا يؤدي إلى احتمالات جديدة للعلاج في المستقبل.

تُعتبر هذه الإنجازات بمثابة خطوة مهمّة نحو فهم أعمق لكيفيّة عمل الدماغ. ومن المتوقّع أن تؤدي هذه الأبحاث إلى تطوير تقنيات جديدة في الطب العصبي، وتقديم رؤى جديدة حول كيفيّة عمل الدماغ وعلاج الأمراض المتعلّقة به.

وفي الختام، تمثّل هذه الدراسة علامة بارزة في مجال علم الأعصاب، مع إمكانيات هائلة للبحوث المستقبلية.