مع توسع العمليات العسكرية لإسرائيل في الشرق الأوسط وترقب ضربة تبدو وشيكة على إيران، عاد الحديث مجددا عن مصادر تسليح الجيش الإسرائيلي بعد تصريحات من قادة 3 دول أوروبية كبرى.
وتحصل إسرائيل على نحو ثلاثة أرباع أسلحتها من الولايات المتحدة، إلا أن بعض القرارات الأوروبية تجاهها تعكس مواقف مناهضة للحرب، نتيجة الضغوط الداخلية التي تتعرض لها الحكومات، وإن كان تأثيرها العملياتي على الجيش الإسرائيلي محدودا.
وخلال الساعات القليلة الماضية، تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والمستشار الألماني أولاف شولتس عن "تصدير الأسلحة لإسرائيل"، وإن كان بنبرات مختلفة.
فالجمعة جدد الرئيس الفرنسي دعوته إلى وقف صادرات الأسلحة المستخدمة في قطاع غزة ولبنان، مؤكدا أنها الوسيلة الوحيدة الممكنة لإنهاء الصراعين الدائرين بين إسرائيل من ناحية وحركة حماس وحزب الله من ناحية أخرى.
وقال ماكرون في مؤتمر صحفي من قبرص: "هذه ليست بأي حال من الأحوال دعوة لنزع سلاح إسرائيل. بل دعوة لوقف أي زعزعة للاستقرار في هذا الجزء من العالم".
وأضاف: "أكدنا على ضرورة وقف إطلاق النار، وهو وقف إطلاق نار ضروري في غزة وفي لبنان. إنه ضروري حاليا لكل من رهائننا والسكان المدنيين الذين هم ضحايا العنف، ولتجنب التوسع الإقليمي للصراع".
وتابع الرئيس الفرنسي: "لهذا السبب دعت فرنسا إلى وقف تصدير الأسلحة المستخدمة في ساحات الحرب هذه. نعلم جميعا أنها الطريقة الوحيدة لوضع حدلها".
وقبل أيام، قال ماكرون إن شحنات الأسلحة المستخدمة في الصراع في غزة يجب أن تتوقف، مما أثار غضب إسرائيل ودفع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إلى القول في اليوم التالي إن فرض القيود على إسرائيل لن يخدم سوى إيران وحلفائها.
وفرنسا ليست من كبار موردي الأسلحة لإسرائيل، إذ صدرت إليها معدات عسكرية بقيمة 30 مليون يورو (33 مليون دولار) العام الماضي، وفقا لتقرير صادرات الأسلحة السنوي الصادر عن وزارة الدفاع.
هذا ودعا رئيس الوزراء الإسباني المجتمع الدولي الجمعة للكف عن إمداد إسرائيل بالأسلحة، بعد اجتماع مع البابا فرنسيس في الفاتيكان.
وقال سانشيز للصحفيين: "أعتقد أن هناك حاجة ملحة، في ضوء كل ما يحدث في الشرق الأوسط، بأن يتوقف المجتمع الدولي عن تصدير الأسلحة إلى الحكومة الإسرائيلية".
وأضاف: "ستكون هذه مناشدتي للمجتمع الدولي بأسره"، مضيفا أنه من الضروري "عدم المساهمة بطريقة أو بأخرى في تصعيد العنف والحرب وتوسيعها في غزة والضفة الغربية أو، في هذه الحالة، في لبنان".
ويعد سانشيز من أشد قادة الاتحاد الأوروبي انتقادا للحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، والأربعاء وصف العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان بأنها "غزو"، داعيا المجتمع الدولي للتحرك.
من جهته، أعلن المستشار الألماني تسليم شحنات جديدة من الأسلحة لإسرائيل، متخذا موقفا مغايرا لموقف ماكرون.
وقال شولتس أمام مجلس النواب خلال نقاشات في الذكرى الأولى لهجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الاول 2023: "اتخذنا في الحكومة قرارات من شأنها أن تضمن تسليم المزيد من الأسلحة قريبا. لم نتخذ قرارا بوقف تسليم الأسلحة".
وكان شولتس يرد على اتهامات وجهتها المعارضة المحافظة للحكومة، بأنها أوقفت لأشهر عمليات تسليم الأسلحة لإسرائيل، مما أدى إلى "تصدع التضامن الألماني" معها.
وتابع المستشار الألماني: "سلمنا أسلحة وسنسلم أسلحة" لإسرائيل، من دون أن يحدد نوعها أو حجمها أو الغرض الذي ستستخدم من أجله.
وكان زعيم المعارضة الألمانية المحافظة فريدريش ميرز قال أمام البوندستاغ، الخميس، إنه "منذ أسابيع وأشهر ترفض الحكومة الفدرالية تصاريح تصدير الذخائر وحتى قطع غيار الدبابات إلى إسرائيل".
وأضاف أنه على علم بعدد كبير من الحالات التي "رفضت فيها الحكومة منح المصادقة اللازمة لتسليم المعدات التي تحتاجها إسرائيل الآن بشكل عاجل لممارسة حقها في الدفاع عن النفس".
وكانت حكومات أوروبية تحدثت في أوقات سابقة عن تخفيض دعمها العسكري لإسرائيل، في ظل حربها المدمرة على قطاع غزة التي أدت إلى مقتل نحو 42 ألف فلسطيني حتى الآن، وإصابة ما يقترب من 100 ألف.
وقبل أسابيع، أعلنت بريطانيا أنها علقت حوالي 30 ترخيصا لتصدير المعدات العسكرية إلى إسرائيل لاستخدامها في العمليات العسكرية في غزة، بعد مراجعة امتثال إسرائيل للقانون الإنساني الدولي.
ورغم أن صادرات الأسلحة البريطانية لإسرائيل صغيرة نسبيا، فإن نتنياهو ندد بقرار المملكة ووصفه بأنه "مخز".
وفي أواخر عام 2023، أعلنت إيطاليا وقف إصدار تصاريح جديدة متعلقة بتصدير السلاح إلى إسرائيل، وفقا للقانون الإيطالي الذي يحظر تصدير الأسلحة إلى البلدان التي تخوض حربا، أو التي يعتقد أنها تنتهك القانون الدولي.
ورغم ذلك، قال وزير الدفاع الإيطالي في آذار الماضي إن بلاده استمرت في تصدير الأسلحة لإسرائيل، لكنه أكد أن طلبيات موقعة سلفا هي فقط التي يتم تنفيذها، وذلك بعد إجراء فحوص للتأكد من عدم استخدام الأسلحة ضد المدنيين في غزة.
وفي شباط 2024، أوقفت هولندا تصدير قطع غيار مقاتلات "إف 16" و"إف 35" إلى إسرائيل، بناء على حكم قضائي بعد رفع دعوى ضد الحكومة الهولندية، بسبب تصديرها أسلحة إلى إسرائيل تستخدم في الحرب على غزة.
وأعلنت الحكومة أن صادرات الأسلحة إلى إسرائيل منذ بداية الحرب هي معدات لنظام القبة الحديدية الدفاعي، ومضادات للهجمات على السفن البحرية.
وفي بلجيكا، قررت حكومتا العاصمة بروكسل ووالونيا، وهما اثنتان من الحكومات الست في البلاد، حظر تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل.