صور جديدة تُظهر تدمير القرى الحدودية اللبنانية جراء الاجتياح الإسرائيلي
صور جديدة تُظهر تدمير القرى الحدودية اللبنانية جراء الاجتياح الإسرائيلي
لورين ليذربي، مالاشي براون، جوش هولدر ويوان وارد- نيويورك تايمز
Thursday, 10-Oct-2024 07:26

قرية مهجورة ومدمّرة إلى حَدّ كبير. العشرات من المنازل مُسِحَت من الوجود، عيادة صحية تضرّرت ومسجد يعود إلى قرون مضت أصبح الآن مجرّد أنقاض — وقد تهاوى، بحسب ما يوحي به مقطع فيديو، فيما يبدو أنّه تفجير محكم قامت به القوات الإسرائيلية.

هذه بعض من أوائل المشاهد التي ظهرت من جنوب لبنان بعد أسبوع من بدء إسرائيل اجتياحها البري هناك كجزء من معركتها المتعدّدة الجبهات ضدّ «حزب الله». يمكن رؤية هذه المشاهد في مقاطع فيديو وصور أقمار صناعية تمّ التحقّق منها من قبل صحيفة «نيويورك تايمز».

 

تظهر في صور الأقمار الصناعية الملتقطة يوم السبت بواسطة «بلانت لابز»، وهي شركة تجارية للأقمار الصناعية، آثار دبابات تمتد من إسرائيل عبر الحدود إلى القرية اللبنانية يارون. كما تظهر مصدّات جديدة من التراب حيث أقامت القوات الإسرائيلية مواقع للدبابات والمركبات العسكرية الأخرى.

 

خلال الأسبوع الماضي، قامت القوات الإسرائيلية بتسوية أجزاء كبيرة من قريتَين حدوديتَين: مارون الراس ويارون، كما يظهر في الفيديو الذي صوّرته القوات الإسرائيلية وتمّ التحقق منه من قبل «التايمز».

 

بدأ «حزب الله» بإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل من جنوب لبنان منذ تشرين الأول الماضي تضامناً مع حماس. ومنذ ذلك الحين، دخل الجانبان في تبادل نيران متواصل أدّى إلى نزوح عشرات الآلاف من اللبنانيِّين والإسرائيليِّين.

 

ويؤكّد المسؤولون الإسرائيليّون،أنّ الهدف من الاجتياح البري في لبنان هو تدمير البنية التحتية العسكرية لـ»حزب الله»، التي تتداخل بشكل كبير مع القرى القريبة من الحدود، وإعادة السكان الإسرائيليِّين النازحين إلى قراهم في الشمال.

 

كثّفت إسرائيل هجماتها على «حزب الله» في الأيام الأخيرة، فأرسلت قوات برية إلى جنوب لبنان من ما لا يقل عن 7 نقاط، وأمرت المدنيِّين اللبنانيِّين بإخلاء المدن التي تبعُد حتى 20 ميلاً عن الحدود. ويقول «حزب الله» إنّه استهدف القوات الإسرائيلية في مارون الراس ويارون بوابل من الصواريخ.

 

تدور المعركة بينما تخوض القوات الإسرائيلية قتالاً ضدّ مسلحي حماس على جبهة أخرى في قطاع غزة.

 

في جنوب لبنان، تُظهر مقاطع فيديو وصور جنوداً إسرائيليِّين يقومون بدوريات في الشوارع ويقيمون مواقع قرب المنازل. وأظهر أحد الفيديوهات الجنود يرفعون العلم الإسرائيلي فوق حديقة مدمّرة في مارون الراس.

 

كانت كل من مارون الراس ويارون خاليتَين من السكان قبل بدء الهجوم البري الإسرائيلي، وفقاً للمسؤولين المحليِّين. وأوضح علي قاسم طافح، رئيس بلدية يارون، ورئيس البلدية السابق حسن عواضة، أنّ معظم السكان غادروا عندما بدأت الضربات العام الماضي. حتى قبل الاجتياح البري، كانت الضربات الصاروخية المستمرة على مدى شهور قد ألحقت أضراراً بيارون، كما تُظهر صور الأقمار الصناعية من الصيف الماضي.

 

لكنّ صور الأقمار الصناعية الجديدة تُظهر دماراً حديثاً منذ الاجتياح، فسُوِّيَ جزء كامل من يارون بعدما جرفت المركبات العسكرية الإسرائيلية المنطقة.

 

بعد أسبوع من القصف والضربات وعمليات الإزالة، ظهرت المزيد من المباني المدمّرة. كما يبدو أنّ مساحات واسعة من الأراضي قد احترقت.

 

مشاهد مماثلة من الدمار، بما في ذلك مبانٍ حديثة التسوية ومنطقة مجرفة، يمكن رؤيتها في مارون الراس المجاورة، حيث كانت المركبات العسكرية الإسرائيلية مرئية أيضاً.

 

شهدت مارون الراس معارك سابقة: كانت مسرحاً لمعركة كبيرة خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 2006. وكما هو الحال في يارون، دُمِّر العديد من المباني في القرية بالفعل بسبب الضربات والقصف الإسرائيلي قبل الاجتياح البري الأخير.

 

وتُظهر صور الأقمار الصناعية عمليات تجريف كبيرة. وظهرت المزيد من المباني المدمّرة حديثاً، وسُوِّي جزء من القرية بالأرض. وكانت إحدى المناطق التي دُمِّرت عبارة عن حديقة تحتوي على مسجد كان نسخة طبق الأصل من المسجد الأقصى في القدس. وكشف مسؤول عسكري إسرائيلي، طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية السياق العسكري، لصحيفة «التايمز» إنّ الغالبية العظمى من عمليات الهدم نُفّذت لإزالة التهديدات التي يمثّلها «حزب الله»، وأنّه عُثِر على أسلحة داخل المنازل وأنّ القرى الجنوبية كانت تُستخدم كـ«مواقع إرهابية».

 

وأعلن الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء أنّه دمّر مجمعاً قتالياً في مبنى سكني في مارون الراس، ونشر صوراً لأسلحة ومنصة إطلاق صواريخ قال إنّه عثر عليها هناك.

 

في مقابلة، انتقد بالاكريشنان راجاغوبال، المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في السكن اللائق، حجم الدمار ووصفه بأنّه «تجاوز عسكري. القانون الإنساني واضح. الأعيان المدنية، والمنازل، والمباني الثقافية محمية بموجب اتفاقيات جنيف واتفاقية لاهاي». وقال راجاغوبال إنّه على الرغم من احتمال استخدام «حزب الله» للمنازل أو المساحات المدنية، يجب على إسرائيل إثبات أنّ المواقع تشكّل تهديداً عسكرياً مستمراً، مضيفاً: «لا يوجد أي أثر للمعارك، وبدلاً من ذلك، نرى القوات الإسرائيلية تنفّذ عمليات هدم محكمة».

 

أحد الفيديوهات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحقّقت منه «التايمز»، يُظهر ما يبدو أنّه تفجير محكم أدّى إلى تدمير مسجد داخل يارون.

 

وأكّد رئيس بلدية يارون، السيد طافح، أنّ هذا المسجد كان عمره أكثر من 300 عام. وأضاف: «هذا هو المسجد الرئيسي الذي تُقام فيه الصلوات اليومية، ويُحتفل فيه بالأعياد والمناسبات الدينية».

 

أظهرت صور الأقمار الصناعية أنّ مسجدَين آخرَين دُمِّرا حديثاً في مارون الراس. عندما سُئل المسؤول العسكري الإسرائيلي عن سبب تدمير المساجد، ردّ بأنّه لا يعلم. كما دُمِّرت الكنيسة الكاثوليكية في يارون، إلى جانب عيادة صحية محلية وضريح ديني يقدّسه كل من المسلمين والمسيحيِّين، وفقاً لحسين جعفر، نائب رئيس البلدية. وأظهرت صور الأقمار الصناعية أنّ جزءاً كبيراً من سقف الكنيسة الكاثوليكية قد انهار.

 

وقالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان إنّ بعض الأضرار نتجت من القصف الإسرائيلي في تشرين الثاني. وعلى الرغم من الدمار، تعهّد رئيس بلدية يارون بأن يعود السكان، مضيفاً «هذه هي أرض أجدادنا. لن نتخلّى عنها».

 

 

 

theme::common.loader_icon