اختيارات هذا الشهر تشمل دراما جنوب هندية عن التحرّش الجنسي، وفيلماً تمّ تصويره داخل لعبة فيديو، وفيلماً يستعرض فترة زمنية عن النضوج، والمزيد.
«أتام»: يمكنك مشاهدته
على Amazon Prime Video
تُثير تهمة التحرّش الجنسي الذعر في فرقة مسرحية مؤلّفة بشكل رئيسي من الرجال، في دراما مالايالامية ذكية من إخراج أناند إكارشي. وينجح الفيلم في تكثيف التحوّلات المجتمعية في مجتمعات غير قادرة على التعامل مع الرجال الذين يتصرّفون بشكل غير لائق والنساء اللواتي يتعرّضن إلى الضرر.
يأخذ «أتام» وقته في إعداد المسرح، ويقدّم لنا فرقة «أرانجو» المكوّنة من 12 رجلاً وامرأة واحدة فقط، وذلك عشية عرض كبير يحضره مستكشفون من مسرح إنكليزي.
خلال الحوارات التمهيدية قبل العرض، التي تُقدَّم بواقعية مذهلة من قِبل الممثّلين، يُصبح التحيّز الجنسي اليومي واضحاً. ويتجلّى بشكل أوضح في الحفلة التي تلت العرض في منتجع، حيث يتمّ تداول تعليقات حول ملابس وأنماط شرب البطلة الوحيدة أنجالي (زارين شيهاب).
لا أحد منهم يتصرّف بطريقة فجّة، وعندما تكشف أنجالي في صباح اليوم التالي أنّ أحد الرجال تحرّش بها في منتصف الليل، يتفاعل الجميع فوراً. يُعقَد اجتماع، ويبدأ نقاش طويل. يتطرّق الرجال إلى جميع الحجج الكلاسيكية - أين الدليل؟ ماذا عن كونها كانت في حالة سكْر؟ هل يجب أن تُدمِّر حياة شخص بسبب «خطأ» واحد؟ - لكنّ إكارشي يدمج أيضاً عناصر أخرى: الغيرة بين الممثّلين، العلاقات العاطفية السرّية، الفروقات الطبقية، وفرصة مهنية كبيرة تُربِك الأخلاق الشخصية للجميع.
المفارقة في أنّ مجلساً من الرجال يتخذ قراراً بشأن مصير امرأة هي النقطة المركزية، لكنّ الفيلم يمنح كل شخصية عمقاً وتعقيداً، إذ تصبح إخفاقاتهم نتيجة هيكلية لمجتمع ذكوري بشدّة، وليس نتيجة لقصور شخصي.
«جلد الأخطبوط»: يمكنك مشاهدته على Tubi
يبدأ هذا الفيلم الغامض من إخراج المخرجة الإكوادورية آنّا كريستينا باراغان بمشهد قريب لأطراف متشابكة - أي أطراف من شخصيات ستتضح بعد لحظات، عندما تكشف اللقطة الواسعة عن فتاتَين مراهقتَين تحتضنان بعضهما البعض، في مشهد يمكن أن يُعبِّر عن الفضول، أو الإثارة، أو المودّة الأسرية، أو مزيج من كل ذلك.
هذا الإيماء البصري يتكرّر طوال الفيلم: نشاهد أشياءً في قرب حميمي - يَد تلامس جلد حيوان مجعّد؛ آثار باهتة لأجساد في مياه زرقاء ساطعة - قبل أن تظهر أشكالها ومعالمها بوضوح. إنّها طريقة قوية وغير لفظية لنقل العوالم الداخلية لأبطال «جلد الأخطبوط»، وهم ثلاثة أشقاء متوحّشين يعيشون في جزيرة نائية مع والدتهم، بعيدين من العالم الأكبر.
عندما يقودهم لقاء صدفة مع قارب إلى المدينة، يبدو أنّ الانتقال الأساسي للفيلم - من اللقطة الغامضة القريبة إلى اللقطة الواسعة الكاشفة - يتحقّق في القصة نفسها.
فجأة، ينفجر عالم المراهقين المحدود، المكوّن فقط من الأشياء التي يعرفونها من خلال اللمس والإحساس، عندما يكتشفون الألوان والأصوات والأشخاص وثرثرة الحديث.
«جلد الأخطبوط» هو فيلم ساحر وغامض، لا يكشف كل أوراقه، فتظلّ الخلفية والإعداد غامضَين طوال الفيلم، لكنّه ينسج قصة حية ومأساوية عن النضوج من خلال التلميحات والهمسات المستمرة.
«جزيرة الحياكة» يمكنك مشاهدته على Metrograph at Home
صُوِّر هذا الفيلم داخل لعبة الفيديو التعاونية للبقاء على قيد الحياة (DayZ)، وهو من إخراج الثلاثي الفرنسي إيكيام باربييه، غويلهيم كوس، وكوينتين لهيلغواك، ويقع في مكان غير محدَّد بين الوثائقي والخيال. أمضى المخرجون أكثر من 900 ساعة داخل عالم اللعبة، يتفاعلون مع لاعبين آخرين - أشخاص حقيقيِّين - في محادثات غير مصقولة.
مع ذلك، نلتقي بهم وبمحدّثيهم كصور رمزية متحرّكة تحمل أسلحة وترتدي أزياء ميليشيات، تتجوّل في مشهد كئيب ومحطّم بعد نهاية العالم.
هل ما نراه ونسمعه هو نوع من الحقيقة، أم أداء، أم شيء بين الاثنَين؟ «جزيرة الحياكة» هو فيلم يمكن مشاهدته بسهولة - مع تصوير سينمائي يجمع بين منظور الشخص الأول في ألعاب الفيديو واللوحات الكلاسيكية للأفلام التقليدية - ومع ذلك فهو عميق بشكل مقلق، إذ نشاهد الأشخاص يتنقلون بين شخصياتهم الرمزية (مثلاً، أم تترك اللعبة للحظة لرعاية طفلها الباكي).
في النهاية، يثير الفيلم أسئلة أعمق وأكثر إزعاجاً من خلال مشاهده الزائفة الحقيقية التي تتضمّن إطلاق نار وتعذيباً وموتاً: هل هذه مجرّد خيالات تافهة تُؤدى للمتعة، أم دليل بغيض على رغبة مجتمعية حقيقية في العنف؟
«الصيف الجميل»: يمكنك مشاهدته على Film Movement Plus
تدور أحداث هذا الفيلم الإيطالي الرائع حول فتاتَين شابتَين - واحدة شقراء والأخرى سمراء - تطاردان الحُبّ والفنّ في تورين خلال الثلاثينات. قد يذكرك هذا بأعمال إيلينا فيرانتي، لكنّه مستوحى من كتاب صدر في عام 1949، أي قبل عقود من صدور «صديقتي الرائعة»: «الصيف الجميل» للكاتب تشيزاري بافيزي، الذي ألهم أجيالاً من الكتاب الإيطاليِّين. الاقتباس الحُرّ الذي قدّمته لورا لوكيتّي، يتبع «جينيا» (ييلي يارا فيانييلو)، وهي خياطة شابة ملتزمة، انتقلت للتوّ إلى المدينة مع شقيقها. وينفتح عالمها المغلق عندما تلتقي بـ«أميليا» (ديفا كاسيل)، وهي فتاة جميلة وبوهيمية تعمل كعارضة عارية للفنانين الشباب. فجأة، تواجه «جينيا» فيضاً من الرغبات - تجاه أميليا، وتجاه الرجال المتحرّرين الذين تلتقي بهم في حفلات غامرة بالأفسنتين، وتجاه حياة مختلفة تماماً.
يتبع «الصيف الجميل» تحوّلات متوقعة، خصوصاً مع تأثير الحفلات على جينيا، لكن هناك حميمية رائعة في الفيلم وإعداداته الزمنية التي تجعله أسيراً حتى فيما يتجاوز السرد: من المثير مشاهدة جينيا وهي تُلبِس السيدات الثريات بتصاميمها الحريرية المتلألئة، أو وهي تتلصَّص عبر نافذة لمشاهدة أميليا تتخذ وضعيات عارية أمام رسام، في حين تبدو عمارة تورين الباروكية تحيط بكيانها الصغير والمفعم بالأمل.
«مالينتزين 17»: يمكنك مشاهدته على Ovid
هذا الفيلم الوثائقي من إخراج الأخوَين والمخرجَين يوجينيو بولغوفسكي ومارا بولغوفسكي، وهو بسيط بقدر ما هو عميق. على مدار بضعة أيام، يراقب يوجينيو وابنته ميلينا، البالغة من العمر 5 سنوات، من نافذة شقتهما في مكسيكو سيتي حمامةً تبني عشّها فوق خطوط الكهرباء عبر الشارع.
تميل ميلينا على عتبة النافذة، وتطرح ملاحظات وأسئلة بحماس، بينما يتابع يوجينيو نظرتها بكاميرته، ليُظهر لنا كل ما يَرونه في الشارع: ليس فقط الحمامة وعِشّها، بل أيضاً عمّال النظافة، منظّفي السيارات، السناجب، والكلاب. التصوير السينمائي بسيط ورفيع في آنٍ واحد؛ في لحظة ما، يتحرّك بولغوفسكي عبر خطوط الكهرباء، فيتحوّل النهار بسلاسة إلى ليل، من دون أي قطع مرئي. التبادل بين الأب وابنته ساحر بشكل خاص، إذ تكشف أسئلتهما عمّا يمكن أن يكون غامضاً بالنسبة إلى البالغين مقارنة بالأطفال: بينما يختبر فهمها للحيوانات والطيور، تسأله أسئلة وجودية بشكل مباشر: «لماذا تستمر في التصوير؟» المشهد الأخير في الفيلم، الذي يُصوّر عشّاً فارغاً، يصبح أكثر تأثيراً عندما تعرف سياق صنع الفيلم: اللقطات تمّ العثور عليها وتحريرها من قِبل مارا بعد وفاة يوجينيو المفاجئة في سنّ الأربعين عام 2017.