توماسيات فريدمانيات!
توماسيات فريدمانيات!
محمود القيسي
Tuesday, 24-Sep-2024 06:32

وضع الكاتب الأميركي توماس فريدمان، في مقاله الأسبوعي في صحيفة «نيويورك تايمز»: «دور أميركا في العالم كان صعباً لكنّه اليوم أصعب بكثير»، بعض النقاط على بعض الحروف، خصوصاً منها التعقيدات التي تواجه أميركا هذه الأيام الوجودية بامتياز وجودي لم يسبق أن واجهت أميركا مثله في التاريخ... خصوصاً على مسافة أسابيع من أخطر أنتخابات رئاسية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية والعالم.

 

إزاء هذه التعقيدات، فإنّ فريدمان يرى أنّ الشيء الواضح له في عالم الجيوسياسة الجديد الذي سيتعيّن على رئيس الولايات المتحدة المقبل إدارته، هو أنّه بحاجة إلى كثير من الحلفاء، مضيفاً أنّ إدارة المشاكل الدولية الراهنة لا تقتصر على شعار «أميركا وحدها» بل على «أميركا وأصدقائها» معاً.

 

وهذا هو السبب الذي يجعل فريدمان يفضّل مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس على خصمها الجمهوري دونالد ترامب لتكون رئيسة للبلاد، لأنّها عملت في إدارة الرئيس الحالي جو بايدن الذي كان أعظم الإرث الذي سيتركه في السياسة الخارجية، هو قدرته على بناء تحالفات كما يراها فريدمان.

 

صحيحٌ أنّ الحفاظ على التحالفات ليس بالأمر السهل أبداً، لا سيما في وقت تبدو فيه الولايات المتحدة غير مستعدة عسكرياً لمواجهة روسيا وإيران والصين المنخرطة منذ سنوات في تعزيز قدراتها العسكرية، بينما تفتقر إلى الأسلحة اللازمة للقتال على الجبهات الثلاث في وقتٍ واحد، وفق فريدمان.

 

هذا ناهيك عن ثقة فريدمان بأنّ نائبة بايدن مؤهّلة فعلاً لمنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة في حال فازت بالرئاسة بعكس ترامب «الذي يخطئ في قضيتَين هما بناء التحالفات ومكافحة الهجرة».

 

ورأى أنّ خيار ترامب التلقائي الذي يرتكز على فرضية «أميركا وحدها» هو وصفة لأميركا ضعيفة ومعزولة وهشة وفي اضمحلال، أو كما أعتقد نحو حرب أهلية لا يعلم مداها على أميركا وعلى العالم سوى الله.

 

أميركا التي عوّدتنا يا فريدمان دائماً وأبداً، كذبت علينا دائماً وأبداً بالمطالبة المستمرة على المنابر والمقابر الأممية بالسلام الدولي بين الأمم والشعوب والدول، هي أساس العدوانية دائماً وأبداً.

 

أميركا التي عوّدتنا دائماً وأبداً، أو كذبت علينا دائماً وأبداً على منع أي دولة من استخدام أسلحة نووية، هي الدولة الوحيدة التي استخدمتها ضدّ اليابان في هيروشيما و نكازاكي، وما خفيَ أعظم.

 

أميركا التي عوّدتنا دائماً وأبداً، على التعهّد في حفظ حقوق الإنسان والإنسانية ما زالت أساليبها ضدّ الإنسان والإنسانية هي هي... كانوا يضحكون علينا في أفلام الكرتون وأفلام هوليوود، أنّ الهنود الحمر آكلين للحوم البشر وأشرار وزرعوا هذه الأفكار فينا من صغرنا.

 

فعندما كنتُ صبياً صغيراً، شاهدتُ في إحدى أفلام «ديزني» هندياً يقتل أبيض بقوس، وفي هذه اللحظة ظننتُ أنّ الشرير كل من يضع ريشة على رأسه، وجرائم يصعب إحصاؤها مرّت في التاريخ. لكن عندما قرأت عن تاريخ استعمار أميركا خجلتُ من نفسي وخجلتُ من التاريخ.

 

بعد الجريمة في نهاية الفيلم نظّفوا بنادقهم وسيوفهم من الدم، وأحرقوا البيوت ودفنوا الأطفال والنساء وخلعوا ملابسهم الملطخة بدماء الهنود الحمر وارتدوا ملابس جديدة غير ملابس القصابين، تدل إلى التعقل والإنسانية والتحضّر والديمقراطية، وأخذوا يُلقون خطابات تتكلّم عن حقوق الإنسان، وكأنّ الذين أبادوهم ليسوا من تصنيف الإنسان لديهم، فصدّقهم المشاهدون والعالم، ويا لوقاحة أميركا والعالم...

 

6 كتب تكشف الجانب المظلم للسياسة الأميركية، وأسباب الحرب القذرة الذي لا تعرفه عنها:

- أولها، كتاب «غزة: تاريخ نكبة معلنة» الذي صدر عن دار Catarata الإسباني في أيار 2024، من تأليف الأكاديميَّين الإسبانيَّين إغناسيو ألفاريز-أوزوريو ألبارينيو وخوسيه أبو طربوش. وفيه، يتناول المؤلفان مواضيع عدة مرتبطة بالقضية الفلسطينية انطلاقًا من الحرب الصهيوأميركية المستمرة على قطاع غزة.

 

ويشير المؤلفان في كتابهما إلى أنّ الشعب الفلسطيني يواجه اليوم أحد أكبر مفترقات الطرق في تاريخه المعاصر منذ النكبة. فبعد أن تعرّض إلى التطهير العرقي بين عامَي 1947-1948 على يَد العصابات الصهيونية التي هجّرت أكثر من 3 أرباع الفلسطينيِّين من أراضيهم، وأحدثت تحوّلاً ديموغرافياً جذرياً في الأراضي المحتلة؛ فإنّه يواجه اليوم أيضاً خطر التهجير القسري الجماعي في قطاع غزة، الذي أكّد الكاتبان أنّ «إسرائيل» ارتكبت فيه جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية إلى جانب الإبادة الجماعية.

 

ولفت المؤلفان إلى أنّ «إسرائيل» دولة منبوذة تستطيع الإفلات من العقاب بسبب دعم القوى الغربية لها، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا. وعدا عن زعزعة الاستقرار في المنطقة، يرى ألبارينيو وأبو طربوش أنّ الحرب الراهنة على قطاع غزة تهدِّد حل الدولتَين المدعوم من أغلبية المجتمع الدولي كوسيلة لحل هذا الصراع الاستعماري الذي طال أمده، ذلك لأنّ الحكومة التي يقودها نتنياهو، التي تُعتبر الأكثر تطرّفاً في تاريخ «إسرائيل»، تريد استغلال الحرب لفرض مشروعها التوسعي وفرض «السيادة الإسرائيلية» على كامل الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، المتمثلة في دولة واحدة إثنوقراطية ونظام فصل عنصري.

 

- كتاب «الحروب القذرة.. ميدان المعركة: العالم» للمؤلف الصحافي جيمي سكاهيل، الذي جاب العالم ليتتبّع العمليات الأميركية تحت إطار ما يُسمّى الحرب على الإرهاب في أفغانستان، اليمن، مالي والصومال، التي وصفها سكاهيل بأنّها تحوّلت من حرب على الإرهاب إلى حرب للإرهاب ساحتها العالم بأكمله.

 

ففي حين كانت تبُثّ وسائل الإعلام قصصاً للجنود الأميركيِّين وهم يجلسون مع شيوخ القبائل الأفغانية، يروي سكاهيل قصصاً مرعبة حول المداهمات الليلية التي تقوم بها القوات الأميركية لمجرّد الاشتباه، وقتلهم عائلات بلا رحمة ولا شفقة.

 

وفرق الاغتيالات حول العالم أحد أهم الملفات التي تناولها سكاهيل في كتابه، التي كان عددها لا يتجاوز 5 آلاف في عهد بوش، لكن في عهد أوباما أصبحت 25 ألفاً، وأوضح أنّه كان يعقد اجتماعاً سرّياً كل ثلاثاء يُطلق عليه: ثلاثاء الإرهاب، يتمّ من خلاله تقرير مَن يعيش ومَن يموت على كوكب الأرض وخلق فتن وصراعات عرقية ودينية.

 

- من الكتب المهمّة في عالم الاقتصاد العالمي نجد: «الاغتيال الاقتصادي للأمم... اعترافات قرصان اقتصاد» للمؤلف هوجون بركنز، المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية أو قرصان الاقتصاد كما يُطلق هو على نفسه. إذا كنت تريد أن تعرف المزيد عن الكوربوقراطية وكيف تستغل الشركات العالمية في تركيع الأمم اقتصادياً، فهذا الكتاب هو طريقك الأمثل. ويشير هوجون أنّ الكوربوقراطية (الشركات المتعدّدة الجنسيات) هي المتحكمة في ما يتمّ بثه في وسائل الإعلام لمصالحها الشخصية.

 

من كولومبيا إلى بنما فالشرق الأوسط والسعودية، يحكي بركنز قصة عن كيفية استغلال الولايات المتحدة للشركات المتعدّدة الجنسيات لنهب ثروات الشعوب.

 

- رابعاً، كتاب: «أوكار الشر، دراسة حول آل بوش ووكالة المخابرات المركزية والشكوك حول هجمات 11/9»، ينتمي المؤلف إلى عائلة عسكرية أميركية وخدم في الاستخبارات الأميركية، ويصف نفسه بكونه يعرف جيداً كيف تُستغل المشاعر الدينية والتعصّب الأعمى من أجل تحقيق أهداف سياسية، ويحاول من خلال كتابه تقديم تفسير حول نشأة اليمين الديني وتطوّر نفوذه في الولايات المتحدة.

 

- خامساً، كتاب: «بلاك ووتر... أخطر منظمة سرّية في العالم»، للمؤلف جيمي سكاهيل، فـ»بلاك ووتر» تُعتبر أكبر شركة مرتزقة في العالم، تقدّم خدمات أمنية وعسكرية لدول أجنبية وفقاً للقانون الأميركي، الذي يسمح للشركات الخاصة بتقديم الخدمات الأمنية والعسكرية.

 

وبدأ أستخدام «بلاك ووتر» بشكل موسّع في الحروب الأميركية بعد 11 سبتمبر، ويحتوي الكتاب على تفاصيل دموية ومرعبة عن التوسّع في الاغتيال والقتل واستخدام أسلحة محرّمة دولياً، وعمليات أمنية وعسكرية في 9 دول حول العالم.

 

- أخيراً، كتاب «الإعلام والسيطرة على العقول» لنعوم تشومسكي، الذي يكشف سياسات الولايات المتحدة والبروباغاندا التي يعتمدها الإعلام الأميركي. إن كنت تظنّ أنّ أميركا دولة ديمقراطية، بمعنى أنّ سياستها تُبنى على الاختيارات الحرّة للشعب الأميركي، فأنت مخطئ، فنعوم تشومسكي يرى أنّ الشعب الأميركي يتمّ تغييبه إعلامياً، شأنه شأن شعوب العالم الثالث، وأنّ الديمقراطية ليست سوى شكل من أشكال الديكتاتورية، يوهمون الناس عبرها بأنّ لهم حرية الاختيار.

 

في مقدّمة لها كتبت ميرا داسغوبتا: «الشعر هو وسيلة لاجتياز المحيطات والتجارب؛ ننتقل إلى حياة أخرى عند قراءة القصائد. أجد الفكرة جميلة: حقيقة أنّنا نستطيع أن نشعر معاً ونحلم معاً، حتى عندما نبقى منفصلين جسدياً، لا يتوقف ذلك أبداً عن إلهامي. أكتب القصائد من أجل تصوّر دوامة الأحداث التي تحدث غالباً في وقتٍ واحد. من التوفيق بين تقاطع هويتي الهندية- الأميركية وهويتي النسائية، إلى كشف التعقيدات بين تقاليد الأجداد والتطوّر، تتخيّل قصائدي الوجود بأشكال لا تُعَدّ ولا تُحصى... احتفالاً باليوم العالمي للشعر، كتبت قصيدة «ذكرى» مع تصاعد العنف ضدّ الآسيويِّين داخل الولايات المتحدة – التي لديها تاريخ طويل من اضطهاد السود والسكان الأصليِّين والملوّنين وغيرهم – أردتُ إنشاء قطعة متجذّرة في الثورة».

 

theme::common.loader_icon