الرئيس الإيراني الجديد يعتني بتحالف محوري ويزور العراق
الرئيس الإيراني الجديد يعتني بتحالف محوري ويزور العراق
فرناز فصيحي وأليسا ج. روبين- نيويورك تايمز
Thursday, 12-Sep-2024 07:08

وصل الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إلى العراق أمس في أول رحلة له إلى الخارج منذ تولّيه منصبه في تموز، ممّا يوضح مدى الأهمية التي يوليها الإيرانيون للتحالف الاستراتيجي مع جارتهم وسط تصاعد التوترات في المنطقة المحيطة بهم.

ستشمل رحلة بزشكيان التي تستغرق 3 أيام، زيارات إلى مدن عدة تمثل مصالح إيران السياسية والدينية والاقتصادية والأمنية في العراق. ويسافر مع وفد من كبار المسؤولين ورجال الأعمال، وفقاً لوسائل الإعلام الإيرانية.

 

وفقاً لتصريحات متلفزة على وسائل الإعلام الحكومية، أشار بزشكيان: "أتخيّل أنّ هذه ستكون رحلة جيدة جداً لتعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية. وآمل أن نتمكن من تعزيز العلاقات الأخوية مع جميع الدول الإسلامية، بدءاً من العراق".

 

في بغداد، التقى بزشكيان برئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، والرئيس عبد اللطيف رشيد. كما كان من المتوقع أن يُجري محادثات مع مسؤولين كبار آخرين.

 

تأتي الرحلة في وقت يقترب فيه العراق من اتخاذ عدد من الخطوات التي تتماشى مع أهداف إيران طويلة الأجل، بما في ذلك المضي قدماً في المفاوضات بشأن انسحاب القوات الأميركية من العراق.

 

وتَعتبِر إيران والولايات المتحدة بعضهما البعض أعداءً منذ أزمة الرهائن عام 1979 ولم تقِم علاقات دبلوماسية منذ ذلك الحين. وكانت إيران حذرة من وجود تلك القوات الأميركية في العراق، إذ تراها كخطر محتمل.

 

لكنّ الانسحاب سيستغرق على الأرجح ما يصل إلى عامَين - وهو أبطأ بكثير ممّا كانت إيران تريده. ولا تزال هناك أسئلة عديدة من دون إجابة، بما في ذلك ما إذا كانت القوات الأميركية في سوريا ستغادر في الوقت عينه.

 

يوجد نحو 2500 جندي أميركي في العراق وحوالى 900 في سوريا، وكثير منهم من قوات العمليات الخاصة. الهدف الأساسي لكلا المجموعتَين هو المساعدة في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، الجماعة المتشدّدة التي بدأت، لا سيما في السنة الأخيرة أو نحو ذلك، في إعادة بناء نفسها وشنّ هجمات منتظمة في سوريا.

 

قبل ساعات من هبوط طائرة بزشكيان، وقع هجوم صاروخي على القوات الأميركية المتمركزة في مطار بغداد، ممّا ذكّر بالتقلّبات في المنطقة. وأعلنت القيادة المشتركة العراقية إنّها تحقّق في مصدر الهجوم، لكن تكرّرت الهجمات على القوات الأميركية في العراق من قِبل جماعات مسلّحة ذات صلات بإيران.

 

اليوم الخميس، من المتوقع أن يسافر بزشكيان إلى كربلاء والنجف، وهما مدينتان مقدّستان للغاية لدى المسلمين الشيعة، وهما وجهتان شهيرتان للحُجاج الإيرانيِّين - حيث يزورهما عدة ملايين سنوياً، ممّا يرفع بشكل كبير دخل العراق من السياحة.

 

ثم سيتوجّه إلى مدينة البصرة الجنوبية، وهي مركز تجاري مُهمّ بسبب قربها من الحدود الجنوبية لإيران. ومن المتوقع أن يسافر بزشكيان إلى منطقة كردستان الشمالية ويزور مدينتَي السليمانية وأربيل غداً الجمعة.

 

تأتي الزيارة في وقت تصاعدت فيه التوترات مجدّداً بين إيران وإسرائيل. وبعد اغتيال زعيم حركة "حماس" السياسية، إسماعيل هنية، في إيران في تموز، كانت هناك مخاوف من حرب أوسع إذا ردّت إيران.

 

وخدمت العراق كبوّابة اقتصادية وسياسية نوعاً ما من إيران إلى العالم العربي، ويرى المحلّلون إنّ قرار اختيار العراق كوجهة لأول زيارة رسمية يتماشى مع هدفَين رئيسيَّين لسياسة بزشكيان: تعزيز الاقتصاد الإيراني وتوثيق العلاقات مع الدول العربية الإقليمية.

 

قال حميد حسيني، عضو مجلس إدارة غرفة التجارة المشتركة بين إيران والعراق، في مقابلة هاتفية من طهران: "تعتبر الحكومة العلاقات مع العراق ذات أهمية بالغة. أمننا مرتبط ببعضنا البعض. نحن نتشارك الروابط الثقافية. واقتصادياً، تحتاج إيران إلى توسيع وجودها في السوق العراقية المتنامية والناشئة".

 

يحتل العراق، بعد الصين، المرتبة الثانية كشريك تجاري لإيران. وبينما تشتري الصين بشكل رئيسي النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية من إيران، فإنّ السوق العراقية أكثر تنوّعاً. وتشمل الواردات السلع المنزلية المصنوعة في إيران ومواد البناء ومنتجات أخرى، وفقاً لحسيني، الذي أضاف أنّ التجارة بين إيران والعراق تضاعفت تقريباً منذ عام 2023.

 

عن العقوبات المصرفية التي فرضتها الولايات المتحدة، قال حسيني، أنّها جعلت من الصعب على إيران الوصول إلى كل الأموال التي تكسبها من هذه التجارة. من المتوقع أن يحاول بزشكيان التفاوض على الإفراج عن نحو 10 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المحتجزة في العراق.

 

منذ سقوط زعيم العراق، صدام حسين، في عام 2003 بعد الغزو العسكري الذي قادته الولايات المتحدة، استثمرت إيران بشكل كبير في توسيع نفوذها في العراق. ومن نتائج هذه الجهود أنّ إيران استخدمت بغداد كوسيط لمحاولة المساعدة في استعادة العلاقات المقطوعة مع السعودية. كما ربطت إيران براً وجواً مع حلفائها مثل لبنان وسوريا. ويمكن للعراق أيضاً أن يساعد إيران في تعزيز العلاقات مع الأردن ومصر، بحسب المحلّلين.

 

قال وزير الخارجية الإيراني الجديد، عباس عراقجي، في مقابلة يوم الاثنين مع قناة "الفرات" العراقية، إنّ رحلة الرئيس أظهرت "عمق علاقاتنا" مع العراق. وأضاف أنّ البلدَين "على الطريق الصحيح للسيطرة على أمن حدودنا والجماعات العنيفة".

 

في الأسبوع الماضي، نقلت الحكومة المركزية في بغداد قسراً الجماعات المعارضة الكردية الإيرانية، بما في ذلك مجموعة مسلحة انفصالية تُسمّى "كومالا"، من قرب الحدود الإيرانية. وقالت كومالا في بيان إنّه تمّ إخلاؤها من مقرّها ونقلها نحو 40 ميلاً شمالاً إلى منطقة دوكان في شمال العراق. وجاءت عملية النقل بعد سنوات من الضغط الإيراني واتفاق أمني بين البلدَين.

 

الثلاثاء، سلّم العراق ناشطاً سياسياً كردياً إلى إيران، هو بهزاد خسروي، عضو الحزب الديموقراطي الكردستاني، وفقاً للحزب وتقارير وسائل الإعلام الإيرانية. وأثار اعتقاله وتسليمه قلقاً بين النشطاء السياسيِّين الإيرانيِّين من أنّ كردستان العراق قد لا تكون بعد الآن ملاذاً آمناً.

 

كردستان العراق لديها حزبان متنافسان، يتمتع كل منهما بقواعد قوية في السليمانية وأربيل. تقليدياً، كانت لإيران علاقات وثيقة مع الحزب الذي يتخذ من السليمانية مقراً له، لكنّ العلاقات مع أربيل كانت متوترة بسبب وجود قاعدة عسكرية أميركية كبيرة هناك. وهاجمت إيران إقليم كردستان العراق بالصواريخ، مستهدفةً قواعد لجماعات المعارضة الكردية ومباني قالت إنّ إسرائيل كانت تستخدمها كقواعد سرّية. ونفى المسؤولون العراقيون والكرد هذه الأخيرة.

theme::common.loader_icon