انبَحّينا من كثرة التكرار
انبَحّينا من كثرة التكرار
فادي عبود
Saturday, 27-Jul-2024 07:23

كلمة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل حول قضية المودعين مهمة، لأنها أعادت التأكيد انّ هذه القضية لن تمر مرور الكرام، وأساسي جداً تأكيده انّ التغنّي بحقوق المودعين ليس شعراً بل يتطلب عملاً جدياً لضمان إرجاع الحقوق.

ولكن نود إبداء بعض الملاحظات حول ما صرّح به:
- أولاً، ذكر الوزير باسيل ثلاثة مصادر لإعادة اموال المودعين، وهي: اعادة الاموال التي تم تحويلها - الاموال المنهوبة - اقتراح الصندوق الائتماني الموجود في المجلس النيابي. ولكن هذه الاقتراحات تأتي معكوسة، فالخطوة الاولى للعلاج يجب ان تكون إيضاحاً بالتفصيل لعملية النهب الكبيرة التي حصلت، فما تم عرضه هو اختلاسات من شركة «اوبتيموم» وبعض الهندسات المالية ولكن الصورة يجب ان تكون اشمل من ذلك وتتضمن حقيقة ما حصل بالتفصيل. وهذا بالطبع يتضمن وضع المصارف الممتنعة عن اعادة الودائع، وكم حققت من ارباح منذ الازمة وحتى الآن مع الوسائل الملتوية التي اعتمدتها.
ثانياً - ذكر الوزير باسيل ان نتائج تقرير «الفاريز ومارسال» مرعبة، نرجو من معاليه ان ينشر التقرير ليصبح متاحاً للجميع على المواقع الالكترونية، لأنه في هذه الحال يكون قدّم خدمة كبيرة للبنان وشعبه وللمودعين، فمع نشر التقرير يُصبح هناك عدد كبير قادر على تحليله، وهذا سيشكل خطوة اساسية لحل المشكلة الاقتصادية في لبنان؟ كيف؟
من جهة سيتم تحليل تقرير «الفاريز ومارسال» لمعرفة اذا كان كاملاً ويتضمن اجابات عن كل الاسئلة التي سألناها مراراً، أي الاسئلة التي انبحّ صوتنا ونحن نكررها في محاولة لفهم ما حصل. كما العلاقة المالية بين المصرف المركزي والمصارف. وعندما يتم ذلك يشارك الجميع في تحليله ويمكن ان يطرحوا اسئلة جديدة لم نفكر بها.
من جهة اخرى عندما تتضِح الحقائق وكيف تم تنفيذ هذه الجريمة الاحتيالية الكبرى في سرقة جنى عمر الناس، والتي تمّت بوجود قوانين نافذة، سيصبح من الممكن اجراء ورشة متكاملة لتغيير القوانين التي أدت الى الفضيحة من قانون النقد والتسليف والعلاقة بين مصرف لبنان المركزي والمصارف وغيره.
ثالثاً - أوضَح الوزير باسيل ان استرداد هذه الاموال سيُعيد للمودعين الصغار ما يقارب نصف ودائعهم، وهذه مبادرة جيدة على الصعيد الانساني، ولكن التمييز بين الودائع الصغيرة والكبيرة مجدداً هو نقطة خطيرة لمستقبل لبنان الاقتصادي، فعلى الصعيد الاقتصادي انّ تَجاهُل حقوق المودعين الكبار وهم الفئة المستثمرة والمحركة للمشاريع سيكون له أثر سلبي على الاقتصاد اللبناني، فسيفتقر الجميع اذا فقد هؤلاء الثقة بلبنان وقرروا الرحيل عنه، وبالتالي التفكير الاقتصادي السليم لا يفرّق بين المودعين لعدم كسر اي ثقة.


في اختصار، إنّ التفكير بحلول قبل معرفة الحقائق لا يعطي النتائج المطلوبة، وبما ان التكتل تقدّم بأسئلة للحكومة نتمنى ان تكون الاسئلة شاملة لتتضمن كل وضع المصارف منذ بدء الازمة وصولاً الى اليوم، فقد انبَحّينا من كثرة تكرار هذه الاسئلة، والغريب ان الجميع يتجاهلها. كذلك انبَحّينا من تكرار قصة ابريق الزيت، لن ننتقل الى الازدهار من دون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة.

theme::common.loader_icon